د.نيفين شكرى تكتب: من يسمم أفكار الناس فى مصر؟

الخميس، 18 مارس 2010 11:28 ص
د.نيفين شكرى تكتب:  من يسمم أفكار الناس فى مصر؟

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى الحقيقة مصادر عديدة يقولون للمصريين إن مصر بلا أى أمجاد، ويقولون لهم إن نصر أكتوبر هزيمة، ومعاهدة السلام عار، وتحرير الأرض نكسة، ويقولون لهم إن دولا صغيرة القيمة والمساحة لها الريادة، رغم أن الكل يفهم ما يحدث والتمثيليات لا تنطلى على الغالبية، ويزرعون فيهم أن بلدهم بلا أمجاد، ولا إنجازات، وأنها كانت عظيمة ثرية غنية بلا مشاكل، لكن الحكومة الحالية أنزلتها لهذا الحال، ويقولون لهم ألا يحترموا الحكومة ولا الرئيس ولا القوانين ولا الدستور ولا البرلمان ولا مؤسسات الدولة الشرعية، ويقولون لهم إن حدود الدولة غير مهمة، وأن انتهاكها لا يمثل عارا، وألا شىء اسمه دول أو حدود جغرافية ولا قوانين دولية ولا أعراف، ويقولون لهم إن الضباط الذين يحرسون الأمن والجنود الذين يحرسون الوطن إنهم أعداء لهم، وأن كل الناس خونة، وأنه لا يوجد مسئولين شرفاء، وأن فقط كل من يعارض الدولة أيا كانت أفعاله أو حقيقته أو جرائمه فهو طاهر وبرىء ومقاوم ومجاهد وشريف، ومن يمنعه من تنفيذ أجنداته هو خائن وعميل!

يقولون لهم إن الأرض ضاقت بمن فيها، وأن كل شخص يجب أن يكون لديه المال والسلاح ليفنى الآخرون وليفرض سيطرته، وأفكاره عليهم بقوة السلاح ليس سلاح العقل ولا المنطق ولا الحوار، بل سلاح القتل والإرهاب والتدمير والفوضى، ويقولون لهم إن الغاية تبرر الوسيلة، وأن التمثيل والادعاء وارتداء أقنعة متنوعة مسموح به طالما يوصل للغرض المنشود، ويقولون لهم إن الحرية تساوى الفوضى، وأن الحرية يجب أن تكون أحادية الرأى والجانب، وألا تكون متبادلة أو عامة على الجميع فأنت حر، وتتمتع بالحرية طالما تسمح لك بقول وفعل ما تريد إلى أن تصل إليه ثم تمنعها عن الآخرين، أو أن تمنعها عنهم من البداية، لتضمن تقليص مساحاتهم لتضمها لنفسك، وكل هذا تحت غلاف من الشعارات الرنانة الجميلة على الإذن!

يقولون لهم كل من قام بالصراخ والهتاف والشتم والسب وكل من فبرك شائعات وحرض وأثار فتنا متنوعة، وأصاب الناس بالإحباط وعتم على أى شىء إيجابى وجعل الدنيا سوداء فى عيونهم ،وعمل لهم غسيل مخ هو طاهر وشريف ومناضل، لا يهم مناضل لصالح من ولا ضد من ولا فاتورة نضاله الـ... شريف من سيدفعها شعوب أم أفراد أم أبرياء، فالمهم القفز من موقع لموقع ومن قناة إلى قناة، ومن صحيفة إلى صحيفة، والمهم ألا يتكلم أحد غيرهم، وألا يكون هناك سوى أصواتهم التى تنعق بالخراب ونذير شؤم لمن يفهمهم ويفهم نواياهم الخبيثة الظلامية، ومن يثق فى مثل هؤلاء سيدفع الثمن بلا شك، لكن بعد فوات الأوان لأن من يثق فيمن لا يتورعون عن النفاق والكذب لا يعرف أنه أول من ستطاله لدغاتهم، وأن عدم تقدير الأمور والتظاهر بالمعرفة والفهم يوقع الشخص فى مشاكل هو ومن حوله، بل وشعوبا بأكملها.

يسممون أفكارهم ويجعلونهم ييأسون من الحياة، بينما نفس أولئك لم يقدموا لهم يد العون ولا يقدمون لهم أى مساعدة، إلا بمقابل أى أنهم يستدرجونهم فقط بذارئع ومسميات متنوعة ومتباينة، فكل شخص عندهم له مدخل، فهناك من له مدخل دينى، وهناك من له مدخل مادى، وهناك من له مدخل عقلى، وشعارات براقة، وهكذا، لكن الهدف واحد والمصادر ولو تنوعت، فغايتها واحدة ضد كل هذا البلد بما فيهم أولئك المخدوعون فيهم، ومن يراقب أحاديثهم كلما انحنى شخص وأخفض صوته، ليقول لك أكذوبة جديدة من عجائب ألف ليلة وليلة من أخبار وحكايات مفبركة، لأجل أن يشوه صورة فلان وعلان، وأن يجعلك تفقد الثقة وتتشكك حتى فى نفسك، وما من مكان تذهب إليه إلا وتجدهم يكررون كلاما محبطا يتأثر به البعض جدا، وهم أنفسهم الذين يروجون التشاؤم والإحباط ضد الحكومة الحالية، يتفننون فى رسم الخيالات والكلمات المعسولة عن الجنة التى ستصبح عليها مصر فى حال حدث كل ما يصبون إليه، وبين هذه الصورة وتلك يضيع ويتشتت الشباب خاصة صغار العمر.

الصمت الرهيب بين طبقة المثقفين الحقيقيين والفنانين والرياضيين والإعلاميين والكتاب وغيرهم من أصحاب العقول المستنيرة، وغياب الأغانى الوطنية والأفلام التسجيلية الوطنية وامتلاء البرامج فقط بكل ما هو محبط، رغم أنه يعرض لأنه هو الاستثناء، لكن يبدو أن الحاجة الآن هى فى التركيز على النماذج الجميلة والإيجابية وعرضها، لتكون قدوة وتعطى الأمل وتنير لآخرين للاقتداء بها، لأن هذا الصمت قابله ثرثرة وتكثيف إحباطى من الفرق إياها على اختلاف انتماءاتها، إلا أنها اتفقت على لطم الخدود وبث روح الإحباط لكل ما هو حالى، وتم سابقا وإعطاء أحلام وردية عما سيكون فى حال هم صاروا فى القمة، كل هذا هو مؤشر خطير ويجب علاج الشعب من حالة التسمم القاتلة التى تم عمدا بثها عبر جهات داخلية وخارجية تماما مثل المخدرات تدمر الجسد والعقل، كذلك الأفكار المسممة أشد فتكا والفكرن إما أن يصنع عالما وعبقريا أو يصنع مجرما وإرهابيا.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة