خالد عزب يكتب: أزمنة التغيير: الدين والدولة والإسلام السياسى

الخميس، 08 يناير 2015 11:06 م
خالد عزب يكتب: أزمنة التغيير: الدين والدولة والإسلام السياسى غلاف الكتاب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اعتاد رضوان السيد المفكر والمبدع اللبنانى منذ أن تخرج من جامعة الأزهر وحصل على درجة الدكتوراه من ألمانيا على أن يخوض فى غير التقليدى من المسائل الفكرية، وهو فى كتابه "أزمة التغيير: الدين والدولة والإسلام السياسى" يخوض معركة فكرية بضراوة غير معهودة فى كتاباته، فهو كتاب سجالى ونضالى، سجالى لأنه يعنى بمساجلة الإسلام السياسى، فى أصوله ودوافعه وتياراته وتحويلاته للمفاهيم الدينية، خلا ستة عقود، وهو كتاب نضالى لأن همه طرح بدائل لإخراج الدرس الدينى والممارسة الدينية من الأفق المسدود للعلائق بين الدين والجماعة وبين الدولة والدين وبين الإسلام والعالم.
يرى الدكتور رضوان السيد أن الاسلام الصحوى أو الأصولى أو الإحيائى، والأخير هو المصطلح الذى يفضله المؤلف فى عشرينيات القرن العشرين بوصفه احتجاجاً على التغريب، وعلى الاستعمار، وعلى التقليد الإسلامى المتمثل فى المؤسسات الدينية العريقة كالأزهر، وأخيراً على الدولة الوطنية.

درس المؤلف وحلل فكر العديد من الحركات الإسلامية وكشف اصطدامها بالدولة الوطنية العربية فى بدايات المرحلة العسكرية فقد كشف صدام العام 1954 ميلادية بين ثورة تموز يوليو والإخوان عن أمرين مهمين:
الأمر الأول: وجود تنظيم حديدى أو حزبى صارم وعقائدى مثل الأحزاب الشيوعية الصاعدة وقتها فى آسيا وأفريقيا.
الأمر الثانى: أن التنظيم ومنذ بداياته فى الثلاثينيات من القرن العشرين استطاع تركيز الشرعية بالمعنى الإسلامى لذلك فيه، باعتبارها انحسرت فى العالم الإسلامى، وتوشك أن تنحسر عن المجتمعات.

درس رضوان السيد أصول هذه الفكرة، فقد كان حسن البنا شديد الوعى بالمسألة منذ البداية عندما سمى تنظيمه "جماعة" وهو مصطلح عريق، يعنى الإجماع، ويعنى السلطة الدينية والسياسية الشائعة فى المجتمعات، والتى تهبها إسلامها المكتمل، ومشروعيتها الواثقة من شتى النواحى، ويبرر رضوان السيد ذلك لأنه منذ مطلع القرن الثانى الهجرى ظهرت مجموعات صغيرة من العلماء تطلق على نفسها اسم: أهل السنة أو أهل الحديث: "ثم أضاف بعضهم فى النصف الثانى من القرن الثانى إلى اللقب مفردة (الجماعة) فصاروا معروفين باسم (أهل السنة والجماعة).
تطور هذا المصطلح من مواجهة المعتزلة والشيعة فى الدين، إلى جماعة سياسية لا تعتنق نظرية الإمامة، وترى أن السلطة شائعة فى المجتمعات، والمجتمعات هى التى تهب إمارة المؤمنين شرعيتها، ولذا فأساس اختيار الإمامة وشرعيتها عندهم الاختيار من الناس وبخلاف أكثر جماعات الهوية التى ظهرت فى عشرينيات القرن الماضى، فإن حسن البنا سمى جمعيته أو تنظيمه (جماعة) – وهذا يعنى عنده أن "الشرعية" تركزت فيه.
الجانب النضالى والنهضوى فى أطروحات هذا الكتاب يتمثل فى اقتراح أفكار للخروج من مأزق الإسلام السياسى، وآفاقه المسدودة، هذه الأفكار التحليلية التى طرحها رضوان السيد يرى لها شرط واحد هو الإصلاح السياسى، وإقامة الحكم الصالح بعد انقضاء الأنظمة العسكرية الوراثية بقيام الثورات، وقد كان رضوان السيد يعتقد أن الاصلاح الدينى يمكن أن يتقدم على الاصطلاح السياسى، وإن كان العكس ممكناً. بيد أن بروز الإسلام السياسى والجهادى فى موجة ثانية بعد اندلاع حركات التغيير العربية أوصل الدكتور رضوان السيد لعنانه بأنه لابد من انقاذ الدولة الوطنية العربية بالإصلاح السياسى، والحكم الصالح، قبل أو فى موازاة القيام بإصلاح دينى جذرى، بنقد التحويلات الشاسعة التى احدثها الإسلاميون فى مفهوم الدين والتدين وفى علاقة الدين بالدولة، وفى تجديد وفتح التقليد الدينى، بحيث تتصدى المؤسسات الدينية لمهماتها الباقية والضرورية فى التعليم والفتوى وفقه العبادات وفقه العيش، وإعادة المشهد الدينى إلى سويته.
هذا الكتاب الذى نقدمه للقارئ إنما هو استكمال سبق وأن أصدره الدكتور رضوان السيد تحت عنوان (الصراع على الإسلام) كانت أطروحته فيه أن هناك صراعاً على ديننا، أو صراعاً للقبض على قلب الدين وروحه من جانب أهل العنف باسم الإسلام، والأنظمة العسكرية العبودية، والنظام العالمى وفى طليعته الولايات المتحدة، والكتابين معاً الجديد والقديم لرضوان السيد يذهبان إلى أننا بصدد حروب فى قلب الإسلام ذاته، ليس بين المعتدلين والمتطرفين، كما زعم الأمريكيون، بل بين الذين يريدون أن يبقى دينهم على سويته حاضناً للسكينة الاجتماعية والثقافية والعيش مع العالم، وبين أولئك الذين يعملون على تقسيم المجتمعات والدول، وتدمير أعراف العيش ومصارعة العالم باسم الإسلام.



حملة "مكتبة الإسكندرية فى مدرستك" تقدم عرضا تثقيفيا للمراحل التعليمية










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة