مدارس الحكومة «خاوية» على عروشها.. المتحدث الرسمى باسم التعليم: نسبة حضور طلاب الثانوية العامة 30%.. وهناك مدارس لا يدخلها أحد

الأربعاء، 07 يناير 2015 09:34 ص
مدارس الحكومة «خاوية» على عروشها.. المتحدث الرسمى باسم التعليم: نسبة حضور طلاب الثانوية العامة 30%.. وهناك مدارس لا يدخلها أحد فصل دراسى
كتب - محمود طه حسين - آية دعبس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقلا عن العدد اليومى :

«وزير التعليم يشدد على نسب الغياب والحضور فى المدارس الثانوية.. متابعة حضور وغياب الطلاب والمعلمين إلكترونيا.. خطط مدرسية حكومية لضبط غياب الطلبة»، جميعها محاولات وإجراءات لإيجاد حلول جذرية لأزمة انصراف الطلاب عن المدارس، إلا أن المدراس خوت على عروشها بعدما هجرها الطلاب والمدرسون إلى الدروس الخصوصية، التى تحولت مراكزها لمدارس بديلة «مدفوعة الأجر مقدماً»، فى حين أن مدارس الحكومة «مجانية التعليم» خارج الصورة تماما.

حجم الكارثة يكشفها هانى كمال، المتحدث الرسمى باسم وزارة التربية والتعليم، حيث أكد أن متوسط نسبة الحضور بين طلاب الثانوية العامة مع نهاية الترم الأول، لا تتجاوز الـ30% على مستوى مدارس الجمهورية، لافتا إلى أن النسبة تتفاوت من مدرسة إلى الأخرى هناك بعض لا يوجد فيها طلاب من الأساس، و«أتخن طالب فيهم محضرش أسبوعين خلال الترم الدراسى».

ويضيف هانى كمال، فى تصريح خاص لـ«ليوم السابع»، أن هناك حالة من التسيب من جانب المعلمين فى بعض المدارس، قائلاً: «كل ما تدخل إحدى لجان المتابعة وتسأل عن المدرسين تجدهم غير متواجدين»، مشددا على أن هذا التسيب ناتج عن الإدارة غير المنضبطة، كاشفا عن أن بعض مديرى المدارس يسمحون بخروج المعلمين أثناء اليوم الدراسى لإعطاء الدروس الخصوصية، ويستدعون المعلمين الموجودين خارج المدرسة بالتليفون المحمول، حال علمهم بحضور لجان المتابعة، وهو ما يعكس انعدام الضمير المهنى.

ويضيف المتحدث باسم «التعليم» أن القرارات المنظمة لحضور الطلاب فى المدارس، «ضعيفة» ولا تجبر الطلاب على الحضور، فالطالب يدخل ويخرج المدرسة فى أى وقت يريد، فى الوقت الذى يذهب فيه المعلم قبل الثامنة صباحا، ليوقع فى دفتر، لذا يجب أن يكون هناك موعد لغلق باب المدرسة لضبط حضور الطلاب.

فيما يرجع الطلاب أسباب غيابهم عن المدرسة لأنهم «أصبحوا فاقدى الثقة فيما يتلقوه داخل أسوار مدارسهم، كما أن العملية بمجملها باتت بلا فائدة» هكذا يقول «عبيدة ربيع» طالب بالصف الثالث الثانوى، مضيفا أنه لا يذهب للمدرسة للتفرغ للدروس الخصوصية، التى يعتمد عليها فى التحصيل الدراسى، الأمر الذى يجعله ينظر إلى مدرسته على أنها مجرد بناء كان يزوره كل صباح فى أعوام سابقة، أو مجرد مقهى أو نادٍ يذهب إليه للترفيه، وإهدار بعض الوقت مع زملائه.

ويوضح «عبيدة» أن الطالب يسعى إلى الاستفادة بكل ساعة من ساعات اليوم، لذا فإن مجرد ذهابه إلى المدرسة لا يكون فى أجندته، إلا فى حال رغبته فى الخروج من الجو النفسى للمذاكرة.

ويكمل «عبيدة» أن عدم تجريم غياب طلاب الثانوية العامة يجعله يستهتر فى الذهاب لمدرسته، مشيرا إلى أن طالب الثانوية العامة يتجه للدروس الخصوصية، لرغبته فى تلقى المادة على يد أفضل المدرسين، وهو الأمر الذى لا يجده متوافراً فى مدرسته.

الطالبة ولاء محمد تضيف أن المدرسة لا تحقق لهم المعدل المرجو لإثرائهم بالمواد العلمية والثقافية، مشيرة إلى أنها حينما تتأمل حصيلة سنوات دراستها تجد أن المدارس ابتعدت تماما عما يعنيهم بحياتهم اليومية، «فالمدرسة لا تعلمك كيف تقيم علاقاتك وتعبر عن ذاتك، ولا تعلمك كيف تختار ما تحب وتبدع به من خلال معلم، ولا تعلمنا كيف نحافظ على صحتنا، وأن نتبنى عادات نفسية وعقلية وجسدية لتشعر بالسعادة بالتركيز على الإيجابية فى الحياة، لذا فما الجدوى من التواجد داخل أسوارها إن كانت لا تستطيع تحقيق هذا لنا؟».

وتابعت: «الأمر الآن أصبح أكبر بكثير من الذهاب إلى الفصل، وتعلم الرياضيات واللغات، فالتشتت الذى تسببه لنا كثرة المعلومات غير المرتبة يحتاج إلى الكثير من ترسيخ الثوابت فى الذات، وترسيخ مفاهيم النجاح والتميز». 

«إسراء سيد» أكدت أنها انصرفت عن الذهاب للمدرسة، لأنها وجدت أن ما يحاول أهلها التأكيد على أهميته فى حياتها لا توجد علاقة بينه وبين التعليم الحقيقى، وأن ما يدفعه لها أهلها كى تكون ناجحة، هو كيف تحصل على الربح، والرابح هو كل من يستطيع الدفع أكثر من غيره، وبالتالى فالمواد الدراسية والأنشطة التى تتلقاها فى المدرسة لا قيمة لها ولن تفيدها فى حياتها، وتلجأ للدروس الخصوصية للحصول على «ما ستكتبه فى ورقة الامتحان»، نظرا لاعتماد المنظومة كاملة على الحفظ ثم النسيان، وليس الفهم وتشكيل عقلية متفتحة للطلاب.

الطالبة «إيمان» طالبت بالنظر إلى ما حققته من إنجاز بعد عناء سنوات، وصولا إلى المرحلة الثانوية، لمعرفة إن كان من الضرورى الحضور اليومى بالمدارس من عدمه، قائلة إن ما حصلته طوال عمرها الدراسى: «أن تظل لمدة تقرب من 8 ساعات فى الحصص المختلفة، وفور عودتها للمنزل لابد من النوم لعدة ساعات لاستعادة نشاطها وتركيزها استعدادا للدروس الخصوصية، لذا لا داعى للتجاوب مع مدرس الفصل، لعلمى أن ما يقوله سأحصله فى الدرس بشكل أوضح».

وتضيف «إيمان» أنها «تعلمت طوال فترة دراساتها أن الأفضل أن تبحث عن إحدى مجموعات الدروس الخصوصية لمعلم الفصل، لضمان أعمال السنة التى أصبحت أهم أسباب النجاح بالدراسة بمجملها، كما تعلمت حفظ القواعد اللغوية باللغات الأجنبية دون فهمها، وتعلمت أنى سأمضى 18 عاما فى التعليم، وأكمله دون فائدة!».  

من جانبه يؤكد الدكتور أشرف محرم، أستاذ أصول التربية والسياسة التعليمية بكلية التربية جامعة عين شمس، أن هناك عدة أسباب وراء اختفاء طلاب الثانوية العامة من المدارس والفصول الدراسية، على رأسها غياب المعلمين بالمدارس، حيث إن البعض منهم يبدأ فى مجموعاته الدراسية والدورس من السادسة صباحا وحتى الثالثة عصرا، وبالتالى يرى الطالب أن ذهابه إلى المدرسة مضيعة للوقت ومجهود دون فائدة، خاصة أن نسبة الدراسة والتحصيل فى المدرسة ضعيفة إن لم تكن مختفية مقارنة بالدروس الخصوصية.

ويضيف «محرم»، فى تصريحات خاصة لـ«اليوم السابع»، أن عدم وجود رقابة حاسمة على الطلاب من الوزارة والمدارس والسماح للطالب بدخول الامتحانات فى حال تخطيه المدة القانونية للغياب وهى 15 يوما متصلة و30 يوما متقطعة أو منفصلة، السبب فى عدم احترام الحضور للمدرسة، متسائلا: هل تستطيع الوزارة فصل الطالب فى حال تعديه مدة الغياب القانونية؟ وبالتالى عدم السماح له بدخول الامتحان وحرمانه من سنة دراسية لإجبارهم على الحضور، وهل فكرت الوزارة فى وضع حلول بديلة من شأنها مساعدة أو إجبار الطالب على الحضور مثل تخصيص درجات على الحضور والانصراف والانضباط؟

ويشير خبير «التربية» إلى أن الخطورة الأكبر فى إقلاع الطلاب عن المدارس هى اختزال فلسفة التعليم فى الامتحانات فقط، مشيرا إلى أن الطالب يسعى دائما لتحقيق الهدف المرجو من دراسته، وهو دخول الامتحان والحصول على مجموع درجات يكفى دخول الكلية التى يريدها، حيث إن منظومة الامتحانات تعتمد على الحفظ والتلقين دون الفهم والتحليل التى يجب على الوزارة أن تسعى إلى تحقيقه بتغيير منظومة المناهج الدراسية وطريقة الشرح للطلاب بالتالى طريقة إعداد الامتحانات.

ويضيف أستاذ أصول التربية: «أن الطالب دائما ما يسعى إلى ما تحقيق هدفه فى وقت سريع، وهو ما يوفره له الدرس الخصوصى الذى يعتبر بديلا للمدرسة، ويجد فيه الطالب كل ما يسعى إليه من شرح مبسط وأسئلة أقرب إلى نظام الامتحان، وبالتالى يجد الاستفادة خارج المدرسة أفضل بكثير من داخلها».

ويطرح أشرف محرم عددا من الحلول التى يجب أن تطبق حتى يعود طلاب الثانوية إلى المدارس، وتعود إلى المدرسة هيبتها، ومنها تفعيل قرار اختبارات القبول فى الالتحاق بالجامعات، على أن يكون مجموع الدرجات عاملا ضمن مجموعة عوامل ومعايير لالتحاق الطالب بالجامعة، وليس المعيار الوحيد، وأيضا تغيير منظومة الامتحانات.

عبدالناصر إسماعيل، رئيس اتحاد المعلمين المصريين، أكد أن الوصول إلى وضع التعليم الحالى جاء بسبب التراكمات منذ السبعينيات، والتعامل مع التعليم باعتباره فى مؤخرة «اهتمامات الدولة»، مما أعطى رسالة للمجتمع أن لا قيمة للتعليم ولابد من البحث عن حلول أخرى بعيدة عنه، لذلك نجد أن أعلى نسبة للبطالة بين الحاصلين على الشهادات العليا والمتوسطة، وتكاد أن تختفى بين الأميين.

يشير «إسماعيل» إلى أن التعليم توقف عن كونه محركا اجتماعيا وسببا للخروج من دائرة الفقر، إلى دائرة إعادة إنتاج الفقر من جديد، موضحا ما يقول: «بأن التعليم أصبح يحمل المجتمع نفقات باهظة، نتيجة لبحث بعض الأسر عن وسائل للخروج من نفق التعليم الحكومى المظلم والالتحاق بالمدارس الدولية واللغات، إضافة إلى تغيير نموذج التنمية فى مصر، حيث تحولت خطط التنمية من الانتاجية فى السبعينات إلى الاستهلاكية والخدمية، وهو ما انعكس على التعليم».

ويتابع: «إن غياب إرادة الدولة فيما يتعلق بالتعليم، باعتباره الحارس الأمين لأى نظام موجود ساهم فى تفاقم الأمر»، لافتا إلى أن التعليم فى حاجة إلى تغيير السياسات التى تقف ضد أى تطوير يمكن تنفيذه، ويحتاج للتأكيد على ضرورة أن تصبح المدرسة هى المربع رقم واحد فى العملية التعليمية وليس ديوان الوزارة، إضافة إلى تغيير المناهج وطرق التدريس والتقويم «العقيمة» وضرورة المشاركة الاجتماعية فى مراقبة السياسات وتمكين المواطن المصرى فى الحق من التعليم.

الدكتور كمال مُغيث، الخبير التربوى، يؤكد أن المدارس أصبحت هياكل فارغة لا معنى لها، وفقدت فائدتها من كونها مُلتقى لتلقى التعليم والتربية، بالإضافة إلى تلاشى دورها الثقافى والسياسى، مشيرا إلى أنها أصبحت مبنى يحمل مُسمى «مدرسة».

وأضاف مُغيث لـ«اليوم السابع»، أن التعليم فى مصر بحاجة إلى توافر إرادة سياسية تقف طويلا أمام حال المنظمة التعليمية كاملة، لتعترف أن هذا التعليم بكل مفرداته لم يعد صالحا للمستقبل، ويحتاج لوقفة جادة فى جميع مفرداته من حيث التدريب والتمويل والتلاميذ، والمناهج وطرق التدريس والمعلم، لإعادة النظر فيها، مشددا على أن الأمر مُوكل إلى وجود إرادة سياسية أكثر من اعتماده على قرارات من الدكتور محمود أبو النصر، كوزير للتربية والتعليم.

ويشير الخبير التربوى إلى أنه «لا أمل فى تقدم التعليم فى ظل استمرار المُعطيات الموجودة، وفى ظل اهتمام الدولة بمشاريع كبرى دون التعليم، فالأمر لم يأخذ من الدولة اهتماما سوى 4 ساعات عرض فيها الدكتور محمود أبوالنصر استراتيجية التعليم على الرئيس عبدالفتاح السيسى، وتلك الاستراتيجية حبر على ورق!».

ويضع هانى كمال، المتحدث الرسمى باسم التعليم، روشتة علاج ظاهرة غياب الطلاب من المدرسة، فى وضع ضوابط صارمة تشمل المعلم والطالب، على أن يكون مدير المدرسة هو المسؤول مسؤولية كاملة عن وجود المدرسين، ولا يتم السماح للمعلمين بمغادرة باب المدرسة إلا بعذر قانونى، بحث لا يؤثر ذلك على سير المنظومة، كما أكد أنه على الوزارة تخصيص درجات للتفوق العلمى والفنى والثقافى أسوة بدرجات التفوق الرياضى، وتفعيل دور الأنشطة التربوية بشكل حقيقى بتوفير المعلمين والاختصاصيين فى جميع الأنشطة.

وبالنسبة لمراكز الدروس الخصوصية، طالب هانى كمال، المحافظين، بتفعيل دورهم فى غلق المراكز، وتفعيل دور مصلحة الضرائب فى محاربتها.

الصفحة- 2015-01 - اليوم السابع








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة