إديث بياف.. أشهر مطربات فرنسا فى القرن العشرين

الجمعة، 02 يناير 2015 02:12 م
إديث بياف.. أشهر مطربات فرنسا فى القرن العشرين إديث بياف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أحيانًا يخلق القدر قصصًا تفوق فى حبكة مآسيها وحكاياتها كل ما سطر الأدباء من روايات، قصصًا لو اجتمعت لصارت كيانًا قاتمًا نادر الوجود، ومتفردًا يمثل الحزن فى منتهاه والأسى فى أبهى صوره، تمامًا كالورود السوداء التى ما أن تقع عيناك عليها يمتزج بداخلك شعوران متناقضان لا يمكن أن يحوزهما جوف واحد إلا وبكى من شدة الشجن.

لعل «توليب الفن السوداء» أو «La Tulipe Noire» كان لها مرادف واحد، وهى «إديث بياف – Edith Piaf» تلك الزهرة التى كان فى صوتها صدى من الوجود الإنسانى كله، ورمز للحب والأناقة والجمال مجتمعة.

غنت التوليب السوداء إديث بياف لتواسى نفسها أولاً، ثم لتُطيب بشجن صوتها ووقع كلماته من يتلقى رسالتها من بنى البشر، إذ يفوح من تغريداتها عطر روح باريس، ومن بين حركات يديها كان وقع أحداث الحياة، ومن عينيها يشع بريق الصدق والأمل، كل هذا مجتمعًا فى كيان أسطورى واحد يقف على خشبة المسرح، وما أن تكتمل ملحمتها، ويبدأ الجمهور فى تهليلاته المحتفية حتى تفيق وترفع عينيها فى تعجب، كأنها عادت مرة أخرى إلى عالمنا بعد أن اختطفتنا معها فى رحلة قصيرة بعمق اللامكان واللازمان.

خط قلم الحياة أول سطور حكايتها يوم ولدت فى التاسع عشر من ديسمبر عام 1915، فكان هذا التاريخ بمثابة يوم مشرق للمؤرخين، ويوم أكحل عليها هى وحدها، فما أن وُجدت إديث بياف حتى تبناها الألم وعشقها الحزن، وصار لا يخطو خطوة إلا أخذها معه، فأضحى رفيقها الدائم، وها هى بنت ثلاث سنوات فقط تعيش وحيدة، لأم شريدة من المرتزقة، تغنى فى شوارع «بيلفيل» بفرنسا حتى تقتات وتحتسى الخمر فتُنسيها أن لديها ابنة صغيرة تحتاج لرعايتها.

يحاول القدر أن يرأف بها فيرسل لها والدها الذى لا يجد سوى أن يتركها لجدتها «عائشة سيد بن محمد» المغربية الأصل، والتى تدير أحد البيوت المشبوهة فى منطقة «نورماندى»، لتقع إديث بياف الصغيرة وسط قصص كاسرة لفتيات شوهتها الأحوال، ومزقت نفوسها الأيام.

تمر السنون وتتربى إديث بياف على أيدى أولئك الفتيات إلى أن تصل إلى سن السابعة، ويأتى أبوها حتى يمزق استقرار أحوالها مرة أخرى، لتقع معه تحت رحى عجلات السيرك المتنقل، ولن يمر الكثير قبل أن تصبح نجمة غنائية صغيرة فى عروض الأكروبات، حيث يبدأ أول ظهور لصدى صوتها الشاجى فى شوارع باريس من هذه النقطة.

تعد أولى خطوات إديث بياف على سلم الشهرة لحظة أن اكتشفها الموسيقار «لويس لوبليه – Louis Leplée» الذى تبنى موهبتها، وكان بمثابة أبيها الروحى، وهو نفسه من أطلق عليها لقب «La Môme Piaf» أو «العصفور المغرد الصغير»، ليصبح عنوان شهرتها الجديد فى حانات باريس بعد أن كان اسمها الحقيقى «Edith Giovanna Lamboukas».

غناؤها كان حالة ومرآة عكست حياتها وترجمتها من خلال الكلمات والألحان، وكان تقمصها تلك الحالة فى أثناء اعتلائها المسرح بمثابة الدواء لروحها، والمهرب الوحيد للتطهر والخروج من تقمص نفسها هو أن تنتهى من الأغنية، وتسمع تصفيق الجماهير الحار.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة