يسرية سلامة تكتب: لى صديقة

الجمعة، 12 مارس 2010 03:15 م
يسرية سلامة تكتب: لى صديقة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قصيرة القامة سمراء اللون ذات أنف كبير الحجم، شفتاها رفيعتان، عيناها عسليتان، بدينة بعض الشىء، يعلو قامتها إنحناءٌ واضح رغم أن عمرها لم يتجاوز أواخر العشرينات، ربما بسبب جلوسها المتواصل لساعات طويلة على الكمبيوتر ودون راحة كل 30 دقيقة، أو لأسباب أخرى، فتاةٌ ربما لا توصف بالجمال، لكنها تتمتع بخفة الظلٍّ، وروحٍ مرحة، ودرجةٍ عالية من الذكاء كان سببًا فى نجاح حياتها..استطاعت أن تتخرج من كلية مرموقة بتفوق، أجادت الإنجليزية بطلاقة، وأثناء دراستها فى الجامعة ارتبطت بشاب غاية فى الوسامة كنجوم السينما، طالب بإحدى كليات القمة، استطاعت أن تجعله يحبها رغم الفارق الهائل بينهما من حيث الشكل، وبمجرد أن أنهى دراسته فى الجامعة تقدم لخطبتها، وبعد فترة وجيزة أتمم الزواج، ليكون حديث الساعة للأوساط المحيطة بعائلتى العروسين وأصدقائهم، فالزوج شاب طويل القامة يتمتع بوجه كالبدر فى ليلة تمامه، شعره غزير داكن اللون أملس كالحرير، له طابع الحسن ليزيده حسنًا، فحينما ارتدى بدلة الزفاف البيضاء، إزداد جمالاً وأناقة ليصبح موديل، والعروس إلى جانبه لا تتجاوز قامتها حزام بنطاله.

تعيش الآن حياةً زوجيةً سعيدة بعد أن أنجبت طفلين، تعمل بمكان مرموق وتضع مديرها فى جيبها الصغير...كل هذا فقط لأنها ذكية.


لى صديقة غاية فى الجمال حاصلة على دكتوراه فى القانون البحرى، لا يختلف اثنان على جمالها، متزوجة من طبيب، حياتها تعج بالمشاكل وسلسلة متتابعة من المعاناة...وذلك بسبب غبائها لأنه لا توجد أزمات حقيقية بالفعل.

غبية فى كل شىء، تحفظ ولا تفهم، أحيانًا يقودها الغباء إلى الكذب كوسيلة للخروج من المواقف الحرجة، فتكذب بغباء لتتورط أكثر، أما إذا حدثت مشكلة عائلية بسيطة تستطيع بموهبتها المتميزة أن تجعلها تتكاثر ذاتيًا فتتولد عنها مشاكل أضخم منها حجمًا وأعقد تفصيلاً، لتطول مدة الخصام بينها وبين زوجها لدرجة يتوارى معها سببُ المشكلة الأساسى التافه بالطبع، والذى لا يصلح لأن يكون دافعا لنشوب مشاجرة بين طفلين فى حضانة...لدرجة أنه فى إحدى المرات حينما تفاقم الخلاف بينها وبين زوجها تخاصما لمدة ثلاثة أشهر، حاولت أمها التدخل لعلاج الموقف بالصلح وتهدئة الزوج، سألته لمعرفة أبعاد الموقف ومسبباته من وجهة نظره، فرد الزوج قائلاً بلهجة مقتضبة: باختصار يا ماما "بنتك غبية".


لى صديقة يتيمة، فقيرة جدًا، حاصلة على دبلوم التجارة بعد عناء، اجتهدت فى الحصول على فرصة عمل، ولجمالها الربانى نجحت فى عملها كبائعة فى محل أنتيكات معروف، فكانت ترتدى (طاقم واحد) نفس الملابس يوميًا طوال فصل الشتاء، أما فى فصل الصيف فكانت ترتدى بنطال جينز وتبدل عليه سترتين بالتناوب، بحيث تقضى كلٌّ منهما ليلة على حبل الغسيل، وبذلك حافظت على حسن مظهرها من حيث النظافة الشخصية والاعتناء بنفسها قدر الإمكان، وحينما تقاضت أول راتب صبغت به بعض خصلات شعرها والذى يسبب لها عقدة لأنه خشن، كما اقتطعت جزءا من الراتب لتصفيف شعرها أسبوعيًا عند (الكوافير)... كان لمحل الأنتيكات الذى تعمل به زبائنه الخاصه من الطبقات الراقية ذوى الدخل المرتفع، وذات يوم دخل المحل شابٌ ضخم جدًا ذوملامح غليظة، فأُبدى إعجابه بها، فقابلته بالرفض قبل أن تعرف وظيفته، وحينما قال لها إنه يعمل وكيل نيابة كادت أن تقفز من الفرحة، وتواصلت معه بالدلال تارة والتمنع تارة أخرى، إلى أن أقنعته بالارتباط بها، وقد تم ذلك، لتنقلب حياتها رأسًا على عقب، من بيت ضيق يحتوى على غرفتين ومملوء بالإخوة والأخوات، إلى واقع جديد فى المسكن والمأكل والملبس وكافة وسائل الترفيه، اختارت شقة بأرقى الأحياء لأنها سئمت شارعها الضيق، وتغير مظهرها للأفضل وأداؤها فى الحياة بوجه عام بعد معاناة من الفرق بين ثقافتى الفقر والرفاهية، تعلمت أن تكون قارئة للكتب المتنوعة، متابعة للبرامج الثقافية، تتعلم من زوجها الذى صار قاضيًا... تعلمت القيادة لتتمكن من الخروج بسيارتها الخاصة منفردة أو مع أطفالها الثلاثة، وأصبحت سيدة مجتمع عضوة بأرقى النوادى الاجتماعية، استطاعت بلوغ ذلك بعد مواقف كثيرة محرجة، وتحمل كلمات التهكم والسخرية من الأخريات، والكثير من تأنيب الزوج وتعنيفه أحيانًا......تحملت كل ذلك لأنها طموحة ومجتهدة وذات إرادة قوية.


لى صديقة طبيبة (باثولوجى) مهذبة، جميلة، لكنها ثقيلة الظل، تزوجت من ضابط هو أيضًا مهذب، وسيم لكنه ثقيل الظل والوزن فى آن واحد، يعيشا سويًا حياة تشبه برامج "التوك شو" وعلى الأخص "الاتجاه المعاكس"، فحينما يقول رأى تسارع الطبيبة بقول العكس وبتعصب معتقدة بأن رأيها بالقطع هو الصواب، فكانت المناقشات اليومية تتسم بلهجة التحدى وإن كانت تتعلق بموضوع ترفيهى، وإلا فكيف للدكتورة أن تنصاع للرأى الآخر وهى الطبيبة، فمن أعلى منها علمًا؟! يفضل الزوج أن يقضى جميع أوقاته مسئولاً وقائدًا فى عمله على أن يرجع لبيته ويتحول لتلميذ يتلقن دروس لا تنتهى....هكذا غدت الحياة بطعم الرتابة والملل فقط لأنها مجادلة متعجرفة.


لى صديقة جذابة جدًا وذات قوام رائع، حاصلة على شهادة الإعدادية لم تكمل دراستها بسبب وفاة والدها الذى كان العائل الوحيد للأسرة، فعملت كمضيفة فى مطعم تقدم فيه (الطلبات) لرواد المكان، لها زميل طالب بكلية الهندسة يعمل صيفًا ويدرس شتاءً، حاولت أن تلفت نظره إليها بشتى الطرق، إلى أن حدث ذات يوم أن جرحت يدها جراء كسر زجاجة العصير، فقام طالب الهندسة بإسعافها على الفور، ثم نشأت بينهما علاقة من نوعٍ خاص؛ فيها تقاربٌ ونظرات وحوار إلى أن صرَّحت له بحبها وبادلها هو الآخر ذات الشعور، فطلبت منه صراحةً أن يتقدم رسميًا لخطبتها فوافق لأنه أحبها، وتغلب على مشكلاته العائلية بسبب رفض أهله التام لتلك الزيجة لعدم التكافوء العلمى، لكنها صبرت وتحملت الكثير وأثبتت أنها زوجةٌ صالحة وجديرة به، تطيعه فى كل شئ ولا ترد عليه إلا بكلمة (حاضر)، ماهرة فى الطهى، والأعمال المنزلية، عاهدت نفسها أن تقبل يديه وقدميه يوميًا عرفانًا منها بجميله ومؤازرته لها، أنجبت طفلين تقوم برعايتهما على أكمل وجه، وتفكر فى إكمال دراستها......وكل ذلك عن قناعة منها، وبسبب تواضعها ورضاها، فالله قد رضاها وأعطاها.


لى صديقة طيبة حنونة جميلة الروح نقية السريرة، تعيش فى بحبوحة ولا ينقصها شىء من متاع الدنيا، أنعم الله عليها بالمال والبنون، ما تفتقده هو المهارات، الملكات والقدرات؛ خاصةً حينما تقارن بأبنائها الذين يتلقون تعليمهم فى أفضل وأحدث المدارس ذات المواصفات العالمية، الشىء الذى يزعج الزوج ويجعله يتحمل عبء الأبناء وأمهم كمجموعة من الأطفال مع تفاوت قدراتهم، زوجها من ذلك النوع الناجح من الرجال، يثق برجاحة عقله لدرجة تنسيه أنه من الممكن والطبيعى أن يخطأ، فظن أنه فوق الخطأ، لذلك فهو لايتواصل معها فى العديد من الأمور الحياتية ..... تمر الأيام وكل واحد يعيش آلامه الخاصة، ولم يعد الطرفان يستوعبان بعضهم البعض، وفى خضم تلك الحياة عرض الزوج عليها رغبته فى التزوج بثانية....وافقت دون تردد ووعدته بأنها لن تطلب الطلاق! ...هذا فقط لأنها جميلة.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة