وعلى مقهى فى المدينة التركية إسطنبول، التقت روث شيرلوك، مراسلة الصحيفة البريطانية، أحد مهربى اللاجئين الذى كان يتحدث إليها بصوت منخفض حول عمليات تهريب آلالاف اللاجئين اليائسين إلى أوروبا، وقال "أبو على" إن وكالات الاستخبارات التركية تعرف شغلها جيدا مثلما يعرف قادة الشرطة وحرس الحدود فى الدول الغربية، حيث يرسل عملاءه الفارين، مضيفا: "بدونهم لا يمكن أن تتم عملية التهريب".
ويضيف "أبو على"، وهو شخصية رئيسية فى حلقة تهريب دولية تقدم رشاوى للساسة وقادة الشرطة وحرس الدول فى العديد من البلدان الأوروبية، لغض الطرف عن عملية التهريب، "أقوم بإعداد الرحلة، لكن هناك من هم أعلى منى ممن يديرون الشبكة بأكملها.. هؤلاء لديهم اتصالات على مستوى عالٍ داخل الشرطة والحكومات فى البلدان التى نعمل فيها".
وتقول الصحيفة إن شبكة التهريب التى تصل تجارتها لمليار جنيه إسترلينى، تمتد عبر أوروبا إلى بريطانيا وحتى كندا، فإذا ما كان اللاجئون قادرين على الدفع وعلى استعداد لمواجهة مخاطر وخيمة وأحيانا ظروف قاتلة، يتمكن المهربون من إيصال عملائهم إلى العواصم الأوروبية بما فى ذلك فيينا وباريس وأمستردام وستوكهولم، حيث يكون هذا بمساعدة من موظفى الهجرة، وأشار أبو على أن لديهم اتصالات فى معظم العواصم الأوروبية وأبعد من ذلك، لافتاً إلى أنهم يعملون على تهريب أشخاص من بلدان عديدة، بينها تركيا ولبنان وتونس وليبيا، وتقول التلجراف إنها استطاعت التحقق من المعلومات التى قدمها المهرب التركى بشأن لاجيئن اتخذوا هذه الطرق ومهربين بشر آخرين.
وقالت الصحيفة البريطانية "يأتى هذا بينما تكافح الحكومات الغربية لإيجاد سبيل للسيطرة على التدفق القياسى من اللاجئين، حيث استقبلت هذا العام نحو 350 ألف مهاجر غير شرعى، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة"، مشيرة إلى أن التفاصيل التى أدلى بها "أبو على" وغيره من المهربين، تكشف عن مدى تداخل شبكة التهريب غير الشرعية داخل وكالات الأمن التى من المفترض أنها تدير حدود البلدان لحمايتها.
وأضافت الصحيفة "هناك ثلاث وجهات رئيسية للمهربين، وأوضح أبو على أن الكثيرين يرغبون فى الذهاب إلى النمسا، ثم ما عليه سوى الاتصال بالمهرب المسئول عن دفع الرشاوى لحرس الحدود للسماح بدخول الهاربين عبر الحدود فى رحلة تبدأ من سواحل تركيا عبر سفينة مقابل 1800 يورو أو مركب صيد مقابل 1000 يورو، تصل إلى سواحل اليونان ومن هناك يأخذون طرقا برية سرية إلى ألبانيا ثم مونتنيجرو، ثم تتولى مجموعة أخرى من المهربين نقل اللاجئين من صربيا إلى النسما عن طريق هنجاريا مقابل 1500 يورو آخرين، أما الطريق الثانى ويكون أطول وأخطر، وينقل اللاجئون من تركيا عن طريق البحر، غالبا فى سفن شحن، إلى إيطاليا مقابل 5 آلاف يورو أو فى سفينة سياحية مقابل 7 آلاف يورو. ومن إيطاليا يتم الإنتقال إلى ألمانيا إما بالقطار بتكلفة 700 يورو أو فى سيارة خاصة، مع مرشد من المهربين، مقابل 2500 يورو، ويقول أبو على إنه فى إيطاليا يعملون مباشرة مع مافيا تسيطر على الموانئ البحرية، وأحيانا ما تمنع الشرطة دخول السفينة لوجود لاجئين على متنها، لكن بمجرد أن يتحدث قائد شبكة التهريب لاتصالاته داخل إيطاليا يتم الإفراج عن السفينة ويسمح لها بالإبحار إلى الموانئ".
وتكمل الصحيفة البريطانية رصدها بقولها "مع ذلك، فعادة هذا لا يحدث حيث تكون الشرطة قد حصلت بالفعل على نصيبها من الرشوة المدفوعة من قبل من قيادات شبكة التهريب، ويقول أبو على إن قائد السفينة يحصل أيضا على نصيبه، وأحيانا ما يطلبون أموال أكثر إذا ما كان عدد اللاجئين كبيرة، وما هو أبعد منذ ذلك، يزعم أبو على أنه مقابل 22 ألف يورو، يمكن للاجئين، حتى أولئك الذين لا يحملون وثائق هوية، أن يذهبوا إلى كندا، من خلال اتصالات داخل الحكومة الكندية نفسها"، وأكد مهربون آخرون للتليجراف تقديمهم رشاوى لموظفين داخل السفارات الغربية للحصول على تأشيرات دخول لزبائنهم، وقد أظهرت بيانات الأمم المتحدة مقتل ما لا يقل عن 4270 شخص خلال محاولات الهجرة غير الشرعية، هذا العام.
ويقول أبو على الذى يعمل وعائلته فى شبكة تهريب البشر منذ أكثر من 25 عاما، إن ما لا يقل عن 14 من زبائنه لقوا حتفهم فى حوادث موت رهيبة العام الماضى، مشيراً إلى أنه "قبل اندلاع الحرب فى سوريا، عمل على تهريب لاجئين من العراق إلى الأردن وقبل ذلك عمل فى مصر وليبيا"، لكن الأمر الأكثر خطورة، تقول الصحيفة إن شبكات التهريب هذه تساعد جهاديين أجانب على التسلل إلى داخل سوريا للانضمام إلى الجماعات المتطرفة، وأقر أبو على أنه ساعد عائلة مسلمة من الولايات المتحدة على الدخول إلى سوريا بالفعل. ويخلص بالقول: "فى هذه المهنة لا يهم من أنت، المهم كم ستدفع؟".
موضوعات متعلقة ..
الأمم المتحدة تدعو الأسرة الدولية لتقديم الدعم للاجئيين الأفغان
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة