فرح بهلوى: النظام الإيرانى يدمر العقيدة الإسلامية

الأربعاء، 10 مارس 2010 04:24 م
فرح بهلوى: النظام الإيرانى يدمر العقيدة الإسلامية الإمبراطورة الإيرانية السابقة "فرح بهلوى" توقع مذكراتها بمكتبة الشروق
كتب وجدى الكومى تصوير سامى وهيب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وسط حراسة رئاسية خاصة وصلت الإمبراطورة الإيرانية السابقة فرح بهلوى، إلى مكتبة الشروق بالزمالك يوم الأحد الماضى، لتوقع ترجمة كتابها الصادر حديثا عن دار الشروق بعنوان "مذكرات فرح بهلوى".

وكان فى انتظارها إبراهيم المعلم، رئيس مجلس إدارة دار وجريدة الشروق، فابتسمت فرح بهلوى وهى تصافح طابور مستقبليها على مدخل المكتبة، وكانت ابتسامتها تحمل ذكريات ذلك العصر الذى توجها فيه شاه إيران محمد رضا بهلوى إمبراطورة على إيران بعد اقترانه بها عام 1959، لتكون زوجته الثالثة بعد الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق ملك مصر السابق، وزوجته الثانية ثريا اصفنديارى التى طلقها عام 1958، لتتحول فرح ديبا الفتاة التى تنتمى إلى أسرة عادية كانت تعيش فى مدينة تبريز بشمال إيران، لأب كان يعمل جنديا فى الحرس الجمهورى لطهران، إلى فرح بهلوى الإمبراطورة التى تحدثت عنها الدنيا لمدة عشرين عاما حتى سقوط نظام الشاه عام 1979.

الإمبراطورة السابقة قالت لـ"اليوم السابع" إن الإسلام فى إيران أصبح مشكلة يصعب حلها، وأدانت من يتخذونه ستارا لتنفيذ أغراضهم، ودمروا أسس الإسلام عند الإيرانيين، ووصفت النظام الإيرانى بأنه يدمر أسس العقيدة الإسلامية، وقالت هم يفعلون ذلك فقط من أجل تنفيذ أغراضهم، فى الوصول إلى الحكم والمحافظة عليه أطول قدر ممكن برغم اعتراضات الناس وسخطهم وحزنهم.

الشعور بالأسى كان واضحا فى كلمات بهلوى وهى تكرر كلمة " un HaPPy" خمس مرات لتصف بها مشاعر الإيرانيين الذين ندموا على مساندة بعضهم للثورة المزعومة، وأضافت: إذا أردت أن تتعرف أكثر على نتائج الثورة الإيرانية فلتنظر إلى أوضاع العمال الاقتصادية السيئة والصحفيين المنسيين فى المعتقلات، وغيرهم من الشباب الذين التحقوا بالعمل السياسى مبكرا بحثا عن حرية نادرة، وأصبحوا عواجيز داخل سجنهم بسبب اشتغالهم بالعمل السياسى، بالإضافة إلى الفقر المنتشر فى كل مكان.

ومصير الإمبراطورة فرح بهلوى يتشابه مع مصير ناريمان ملكة مصر السابقة، فعندما تزوجها الشاه كان يبحث عن زوجة لتنجب له الذكور ورثة العرش، فأنجبت فرح بهلوى أربعة أبناء للشاه، هم بالترتيب ولى العهد رضا بهلوى الثانى، الأميرة فرحناز بهلوى، الأمير على رضا بهلوى والأميرة ليلى بهلوى، ولكن كل شىء تبخر بعد ذلك، حينما قامت الثورة الإسلامية فى إيران، وثورة يوليو فى مصر، خرجت فرح بهلوى وناريمان فاروق من دائرة الأضواء وأصبحتا مواطنتين عاديتين.

زاد الشعور بالمرارة فى كلمات فرح بهلوى حينما بدأت تتحدث عن أوضاع المرأة الإيرانية، وقالت: هناك الكثير من الإيرانيات والأمهات الذين يعانين فى حياتهن اليومية، ورغم أن الإسلاميين وعدوا بحياة جيدة، لكن كل المؤشرات تشير إلى أن إيران ليست بخير تقول بهلوى أكثر ما كان يشغلنى أثناء كتابة المذكرات هو سرد القصص التى تشير إلى قرب نهاية عصر الشاه، ومنها قصة زيارتى أنا وزوجى للبيت الأبيض عام 1977، والتى كانت بعد تولى جيمى كارتر رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما جعل الشاه يتحير ويبدأ فى البحث عن طرق جديدة للتعامل مع هذا المرشح الديموقراطى، بعد أن اعتاد معاملة الجمهوريين، وتذكر فرح قصة لقاء كارتر بالشاه، وقصة سماح السلطات الأمريكية بدخول المعارضين الإيرانيين الذين علت هتافاتهم ضد الشاه، وهو ما اضطر الشرطة الأمريكية إلى تفريقهم بالغازات المسيلة للدموع، وقالت كانت رائحة الغاز خانقة ووقتها شعرت بالضيق أكثر من أى وقت مضى، وحينما جرت دموعى لم أعرف هل هذه دموع حقيقية أم من تأثير الغاز على عينى.

وبرغم كل هذه الأحداث الخانقة والذكريات المؤلمة لم تفقد "بهلوى" الأمل فى الشعب الإيرانى وقالت: أنا معجبة بالمدرسة النسائية الإيرانية التى تحاول الحصول على الكثير من الحقوق، وأنا واثقة فى الشعب الإيرانى، الموهوب والمتعلم جيدا، والواعى بشكل لافت للنظر، ولكنها فى ذات الوقت رفضت العنف ومحاولات التغيير بالقوة وقالت: نحن بحاجة إلى تغيير سلمى لا يعتمد على العنف وإراقة الدماء، فأبنائى من الشباب الإيرانى أهم عندى من أى شىء.
وقالت بهلوى: بغض النظر عن النظام الذى يحكم إيران كل ما أطمح إليه هو أن نرى هذا البلد فى وضع أفضل، فأنا سعيدة بمحاولات النظام لامتلاك الطاقة النووية، ولكننى فى الوقت نفسه حزينة على حال الديموقراطية والحرية فى بلدى.

وترفض فرح بهلوى بشدة مزج الدين بالحكم، وتستشهد بآية الله منتظرى أحد رجال الدين الذى يرغب فى فصل الحكم السياسى عن الدين، وأوضحت أن السياسة تجرح الدين، وتعبث به، والدليل الانتهاكات الكثيرة التى ارتكبها الإسلاميون تحت ستار الدين، وتعجبت بهلوى فى حديثها وهى تقول: لماذا نسعى لمحاكمة الناس على الأرض؟ هم فى الحقيقة يستخدمون الدين ضد من يعارضهم، وليس لأنهم متدينون يحبون الله حبا خالصا.

كان باعث المرارة فى حديث بهلوى هو الصورة التى لم تفارق خيالها للمتظاهرين الإيرانيين الذين طافوا الشوارع بصورها بعد اندلاع الثورة يحرقونها، ويمزقونها، واعتبروها جزءا من فساد الشاه، والحياة السياسة، لكن ما حدث من هؤلاء الشباب، لم يجعل بهلوى تكره الإيرانيين بل على العكس تماما، وقالت: أنا لم أشعر فى يوم من الأيام بالكره للإيرانيين فهم شعبى وأبنائى، بدليل أننى أهديت هذا الكتاب إلى إليهم وإلى أطفالى ومليكى".

قالت بهلوى: أنا لم أكف عن التفكير فى وطنى الذى تركته فى يناير عام 1979، عقب اندلاع الثورة الإسلامية، عندما تم نفى شاه إيران، والسبب الذى كتبت من أجله المذكرات هو الحرمان من هذا الوطن الذى منعت عنه، وكنت حريصة على الحديث عن المناخ العام الذى عاشته إيران قبل تولى زوجى الحكم، وعرضت لصراع الاستعمار على بلدى بوجه خاص، والشرق الأوسط بشكل عام، وكيف كان الحكام هم أطراف القوة والتأثير.

لحظات الحب والصفاء فى حياتها هى ما تتذكرها "بهلوى بابتسامة وديعة فتقول: كلما نظرت إلى صورى، وأنا طفلة أشعر بالرضا والمحبة والصفاء، ولذلك كنت أريد أن يشاركنى القراء هذه اللحظات فنشرت هذه الصور فى الكتاب، وكان شعورى بالفرح يزداد كلما مرت التفاصيل، وكنت فى غاية السعادة حينما تذكرت لقائى بالشاه، ودخولى الحياة الرسمية للقصر الإمبراطورى، لكنى لم أحزن كثيرا حينما بدأت فى كتابة فترة الاضطرابات التى واجهناها أنا وزوجى وقصة النفى خارج إيران، فنحن بالفعل كنا نستعد للقيام برحلة استجمام فى هذا الوقت من العام خارج البلاد، فلم أعتبر رحيلى نفيا، ولكنى اعتبرت أن رحلة الاستجمام ستطول بعض الشىء.

طالت الرحلة كثيرا، وأصبحت بلا عودة، فالشاه ذهب إلى أمريكا لرحلة علاج جبرية، وأجبره الأمريكان بعد ذلك على مغادرتها بسبب زيادة الضغوط الدولية الرافضة لتواجد الشاه، وهنا يمتلئ وجه الإمبراطورة بالشجن حينما تقول: كان الرئيس السادات هو الرئيس الوحيد الذى رحب باستضافتنا فى مصر، وحيث كانت كلمة النهاية برحيل الشاه، وبقائى وحيدة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة