حسـام الأطيـر يكتب: زمـن الحرافيش

الأحد، 14 ديسمبر 2014 10:03 م
حسـام الأطيـر يكتب: زمـن الحرافيش قهوة بلدى - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قد يستطيع البعض أن يخدع الناس بعض الوقت، ولكن لا يستطيع خداعهم كل الوقت، لاسيما أن الإنسـان فطرته دائما هى التى تغلب عليه وتظهـر حقيقته حتما فـى النهـاية، فلو كانت فطرته الأساسية سليمة وسـوية ستظهر للناس، وإن كانت عكس ذلك سيظهر قبحه وطبيعة شخصيته غير النظيفة، ولاشك أننا الآن فـى زمن اختلط فيه الحـابل بالنابل، وانهـارت فيـه منظومة القيم والأخلاق، وأصبح الكل يلهث وراء المـادة متخليا عن ضميره وعن الحد الأدنى من الفطرة الإنسانية السـوية إلا من رحم ربـى.

أصبح الكثيـر يسعـى للشهرة وللمجد وتحقيق المكـاسب واعتلاء المناصب، حتى ولو على حسـاب غيرهم، فمن باع ضميره وأخلاقه ولم يلتفت لأعراف أو قيم أو يحترم ثوابت أوأصول، من السهل عليه جدا أن يدوس بقدمه حتى على أقرب الأقربين له.

إن الطموح فـى حد ذاته أمر محمود وليس مذموما، ولكن جنون الشهـرة والطموح المفـرط وارتفاع سقف الأمانى قد يؤدى إلى هلاك صـاحبه، وقد يصل به إلى أدنى مكانة وأسفل مكان، بعد أن يكون فقد كل شىء، وخسـر علاقته بكل من حوله وخسـر حتى ذاته وقيمته كإنسـان
وإننا نرى فى عصرنا الحالى كثير من هؤلاء، الذين لا مانع لديهم من فعل أى شىء وعلى حسـاب أى شىء، طـالما حقق لهم ذلك المصلحة أو المنفعة التى يريدونها ويسعون إليها، حتى لو كانت هذه المكاسب مؤقتة أو وهمية لكنها تشبع غرورهم أو بالأصح (جنونهم)، لكنها غايتهم ووفقـا لمنطقهم فالغاية تبرر الوسيلة، وللأسف أن كثيرا منهم أصبح يتصدر المشهد الآن ويحاول أن يقحم نفسه لكى يتقدم الصفوف ويظهـر فى الواجهة، مستغلا سذاجة بعض الناس وطيبتهم أو ربما جهلهم بحقيقته، ويحاول تقمص شخصية هى أبعد ماتكون عن شخصيته الحقيقية، ويحاول أن يضع نفسه فى مكانه أكبر من حجمه وقدراته وإمكانياته.

قد يكون مـاهرا فى أمور النصب والاحتيال أو خداع الآخرين بلباقة وشياكة ويعتقد بذلك أنه بلغ غايته ووصل لهدفه.

فمثل هذا الشخص يرتدى زى الصدق على جسد لا يحتوى إلا النفاق، وليس له هواية أو مهنة سوى بث السموم بين الناس، وتفريق الأخ عن أخيه، والصديق عن صديقه، حتى يتسع له المجـال، فهـو مذموم، ممقوت من قبل نفسه، ومن قبل من تملق له، وهو مسكين يحسب أنه يحسن صنعا.

وإذا بحثت فى سيكولوجية تلك الشريحة من الأشخـاص ستجد أن غالبيتهم لديهم شعور بالنقص ويدور بداخلهم صراع نفسى كبير ولديهم إنتهازيـة شديدة تدفعهم نحـوى تحقيق مصلحتهم الشخصية، كما يتمتعون بقدرة فـائقة على التلون، لايطمعون فقط بأن يلحقون بالركب، بل يريدون أن يكونوا هم قـادة المسيرة، ولا يـوجد ضـرر فـى أن يكونوا قادة، بل الضـرر فى أنهم يتحدثـون باسم الشعب ويهللون باسم الشعب ويتاجرون بقضايا الشعب
فقد تسلل فى غفلة من الزمن كثير من تلك الفئة، وتلك الشريحة بسبب أوضاع وظروف وسياسات اجتماعية متراكمة وأصبحوا يعتلون المنابر (سياسية - إعلاميـة- دينية - اجتماعية إلخ) فأفسدوا تلك المنابر وشوهوا تلك المؤسسات وتاريخها حتى إننا الآن أصبحنا نجد ثقافة وسلوك الشارع ينتقل إلى شاشات الفضائيات ونرى التراشق بالألفاظ النابية بين شخصيات من المفترض أن تكون صاحبة رسالة تنويرية وتوعوية وتربوية وأصبح الكل يتهم بعضه البعض، وأصبح الكل يخوض فى عرض الآخر، ولم يعد هناك ضـابط ولا رابط ولا يوجد وازع أو رادع لدى هؤلاء.

وأخيـرا اعلموا أنه لاشىء يعلو فوق احترام النفس والذات والحفـاظ على الكرامة الشخصية، فاحذروا هذه الشخصيـات، التى أصبحت تخترق مجتمعنا وأصبحت كالسـوس الذى ينخـر فى جسد الأمـة والوبـاء المتفشى فى أرجـائها، احذروا هؤلاء الأفـاقين والمتسلقين لايغرنكم أقوالهم وأكاذيبهم، ولا تتبعوا خطواتهم فهم مهما تجملوا فهم ضـالون ومنحرفون ولا يعدون سـوى (حرافيش).








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة