المناطق الصناعية تواجه كارثة بيئية بعد منح مصانع الأسمنت تراخيص استخدام الفحم..مصانع أسمنت طرة وحلوان والإسكندرية وسيناء تقع فى قلب الكتل السكانية.. ودراسات عالمية: انبعاثات الفحم تزيد نسب الوفيات

الأحد، 14 ديسمبر 2014 09:39 ص
المناطق الصناعية تواجه كارثة بيئية بعد منح مصانع الأسمنت تراخيص استخدام الفحم..مصانع أسمنت طرة وحلوان والإسكندرية وسيناء تقع فى قلب الكتل السكانية.. ودراسات عالمية: انبعاثات الفحم تزيد نسب الوفيات مصنع
تحقيق - آية نبيل - صفاء عاشور " نقلاً عن العدد اليومى"

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يضع قانون شؤون البيئة رقم 4 لسنة 1994 والمعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2009 عددا من الاشتراطات الخاصة لحماية البيئة من تلوث الهواء، منها ألا تقل المساحة بين المنشأة الصناعية وأقرب تواجد سكانى عن 20 كيلو مترا، كما يضع القانون نسبا محددة لأى انبعاثات تخرج من المصنع لا يجب تجاوزها، وقد جاء تعديل القانون ليتساوى مع المعايير الأوروبية الخاصة بنسبة الجسيمات الصلبة الكلية فى المصانع الجديدة، على أن يظل الضعف فى المصانع القديمة.

وعلى الرغم من أن باقى الاشتراطات فى قانون البيئة أقل من المعايير العالمية، فإنه على مدار السنوات الماضية، فشلت وزارة البيئة فى تطبيقها على مصانع الأسمنت، فكما ترصد الدراسات والتقارير البيئية، فإن أغلب المصانع يتجاوز معدلات الانبعاثات المحددة، فضلا على استحالة تطبيق شرط المسافة بينها وبين الكتلة السكانية فى عدد من المصانع، على سبيل المثال، طرة وحلوان التابعان لشركة السويس للأسمنت فى حلوان، ومصنع أسمنت تيتان بالإسكندرية، ومصنع أسمنت سيناء بوسط سيناء، ومصنع أسمنت أسيوط.

وقد سبق لأهالى الإسكندرية الحصول على حكم سابق بغلق مصنع «التيتان»، بناء على توصية البيئة، لعدم مراعاته الاشتراطات البيئة، فضلا على وجوده داخل الكتلة السكانية، إلا أن المصنع أعيد تشغيله مرة أخرى، بعد بضعة أشهر من تلك الواقعة، دون أن تتوقف شكوى الأهالى المحيطين، من الأضرار التى يسببها المصنع.

أحمد الدروبى، منسق حملة «مصريون ضد الفحم» اعتبر أن إصدار التصاريح القانونية لاستخدام الفحم فى المصانع سيتحول إلى كارثة بيئية وصحية ومجتمعية على المدى القريب، قائلا: «حينما قرر مجلس الوزراء الموافقة على استيراد الفحم، أجاز استخدامه فى المصانع على أن تتم مراقبتها بقانون البيئة الحالى لحين توفيق أوضاعها على الاشتراطات البيئية الجديدة، وهو أمر بالغ الخطورة، فقانون البيئة الحالى ضعيف جدا مقارنة بالاشتراطات العالمية، ورغم ذلك لا تلتزم به المصانع، فكيف ستلتزم بالاشتراطات البيئية المشددة؟ ثانيا فإن توفيق أوضاع المصانع البيئية يحتاج ما لا يقل عن 20 شهرا على الأقل لتركيب الفلاتر الملائمة لانبعاثات الفحم، وهى فترة لم تنتظرها المصانع وبدأت مقتصرة على الفلاتر الموجودة فيها».

«الدروبى» أوضح أنه حتى مع تشديد الاشتراطات البيئية، فأفضل أنواع الفلاتر عالميا، لا تستطيع أن تمنع سوى %90 فقط من الانبعاثات، وهو الأمر الذى سيتحول إلى كارثة فى المناطق التى تقع المصانع وسطها، قائلا: «هذه المناطق فى الأصل يعانى سكانها من انبعاثات المصانع حينما كانت تستخدم الغاز والذى تصل انبعاثات حرقه إلى 12 عنصرا، وتنتشر بينهم الأمراض والوفيات، فماذا سيحدث فى هذه المناطق إذا علمنا أن العناصر المنبعثة من حرق الفحم تصل إلى 76 عنصرا ساما؟»، مضيفا: «جهاز شؤون البيئة لن يستطيع أن يرصد أصلا المخالفات الناتجة عن استخدام الفحم فى هذه المصانع، فأجهزة شبكة الرصد، تقيس نسب انبعاث 5 أو 6 عناصر فقط فى حالة استمرار انبعاثها نصف ساعة متواصلة، وهو ما سيؤدى إلى كارثة فى المناطق كثيفة السكان والتى تقع المصانع فى وسطها».
الزئبق، كما يوضح الدروبى، أخطر العناصر المنبعثة من حرق الفحم، حيث إن سقوط كمية منه بقدر ملعقة شاى قادر على تلويث المياه بمساحة 1750 فدانا، قائلا: «العام الماضى أعلنت الحكومة الأمريكية قطع المياه على ولايتين كاملتين بسبب تسرب عنصر الزئبق إليها من أحد المصانع التى تستخدم الفحم».

الفحم.. الوقود القاتل
محمد ناجى، المدير التنفيذى لمركز حابى للدراسات البيئية أحد أطراف القضية المرفوعة أمام مجلس الدولة لمنع قرار مجلس الوزراء باستيراد الفحم واستخدامه فى المصانع أكد أن تكتل السكان فى منطقة صغيرة من مساحة مصر وارتكاز المصانع وسطها يزيد من خطورة أى تلوث ناجم عن الصناعة، مشيرا إلى أن القرار يأتى فى خدمة المستثمرين وعكس مصلحة المواطن، قائلا: «أغلب مالكى صناعة الأسمنت فى مصر أجانب، وربما يعودون إلى دول تخفض من استخدام الفحم فى مصانعها، فكيف تسمح الحكومة أن نكون مقبرة العالم لاستخدامه؟».

ويضيف: «ضغط المستثمرين لاستخدام الفحم لأنه رخيص مقابل تكلفة استيراد الغاز أو تبنى تكنولوجيا طاقة نظيفة، لأنهم يريدون الحفاظ على نسب أرباحهم التى تتعدى الأسعار العالمية، وبدلا من أن تقوم الحكومة بتبنى سياسات تحدد الأسعار وتضغط عليهم من أجل تقليل نسب التلوث، فتحت الباب أمامهم للجوء إلى أرخص بديل حتى وإن جاء على حساب المواطن».

حركة «مواطنون ضد الغلاء» فى دراسة لها، قالت، إن أرباح شركات الأسمنت العاملة فى مصر تضاعفت 12 مرة خلال السنوات الست الأخيرة، حيث سجلت 14 مليار جنيه فى 2008 وبلغ هامش متوسط الربح %44.

الغريب أن وزير البيئة خلال تصريحاته بالإعلان عن السماح لـ12 مصنعا باستخدام الفحم قال، إن الدول تتجه إلى استخدام الفحم للتغلب على أزمة نقص موارد الطاقة فى العالم، وكلامه هذا عكس الواقع، حيث إن العديد من الدول أعلنت عزمها تقليل استخدامه، بل إن مصنع لافارج فى النمسا على سبيل المثال يستخدم %60 من الوقود اللازم له من المخلفات والباقى فحم، وفى الصين، التى تمثل نصف الاستهلاك العالمى من الفحم، أعلنت تخفيض حصتها منه فى قطاع الطاقة من %69 إلى %62 فى 2020، وذلك عبر زيادة حصة الطاقة النووية والمتجددة بنسبة %15، وأيضا الولايات المتحدة الأمريكية التى تعد ثانى ملوث فى العالم فقد تعهدت أيضا بخفض انبعاثاتها من الغازات السامة من %28 إلى %26 بحلول عام 2025.

وذكر موقع «يورو اكتف»، أن سياسة الاتحاد الأوربى تجاه استخدام الفحم كوقود، فى الدول التابعة له، تهدف إلى تقليل استخدامه بنسبة %12 خلال عام 2030، و%24 حتى عام 2050، وفى ألمانيا، تبرز وسائل الإعلام فيها خلافات طاحنة بين وزير الاقتصاد ووزيرة البيئة حول السياسة المتعلقة بالمناخ، حيث تصر الثانية على إغلاق محطات توليد الطاقة التى تعمل بالفحم، وذلك لتفادى إخفاق ألمانيا فى تحقيق هدفها المتمثل فى خفض انبعاثاتها من ثانى أكسيد الكربون فى عام 2020 بنسبة %40 مقارنة بعام 1990، والتى وصلت فى الوقت الراهن إلى %33، وهو نفس الأمر فى بريطانيا حيث يجرى نقاش ساخن، لاستبدال الغاز الطبيعى بوقود الفحم، ليناسب التعديلات الأخيرة فى قانون البيئة التى تقضى بتقليل الانبعاثات بنسبة %80، حتى عام 2050.

استخدام الفحم فى الدول الأوربية اقترن بالعديد من الدراسات التى تشير إلى خطورته البيئية والطبية على كل الدول المستخدمة له، ففى دراسة لمنظمة السلام الأخضر، بعنوان «القتلى الصامتون»، حول استخدام الفحم كوقود فى عدد من الدول الأوربية، تقول، إن دراسة مسحية حدثت فى شمال إيطاليا، التى يوجد بها ما يقرب من 14 منشأة صناعية تستخدم الفحم كوقود، أثبتت أن سكان تلك المنطقة من النساء، أكثر عرضة للإصابة بسرطان الرئة، بنسبة ضعف النسبة الطبيعية فى باقى مناطق إيطاليا.

فى حين كشفت دراسة إسبانية ارتفاع معدل الإصابة بسرطان الرئة والحلق للسكان الذين يقطنون فى محيط 50 كيلو مترا من المنشآت الصناعية، التى تستخدم الفحم كوقود، بينما أثبتت دراسة أجريت فى دولة سلوفاكيا، أن عوادم وقود الفحم، تتسبب فى ارتفاع نسبة أمراض سرطان الجلد، وفقدان الشعر لدى الأطفال، وفى الصين كشفت دراسة أخرى، أن الأطفال المعرضين لعوادم الفحم، يصابون بتأخر ذهنى، وصعوبة فى التعلم، واكتساب المهارات.

ويوجد ما يقرب من 300 منشأة صناعية، تستخدم الفحم كوقود، فى دول الاتحاد الأوروبى، ويستخدم الفحم فى أوروبا بوجه عام فى توليد الكهرباء، وذكرت الدراسة أن عوادم احتراق الفحم، ينتج منها %70 من ثانى أكسيد الكبريت، فى سماء دول الاتحاد الأوروبى، و%40 من أكسيد النيتروجين، ونصف عوادم الزئبق السام، بالمقارنة بالصناعات الأخرى، وربع انبعاثات غاز ثانى أكسيد الكربون، فى سماء الدول التابعة للاتحاد الأوروبى.

وأشارت الدراسة إلى نتيجة صادمة، تؤكد وفاة أكثر من 22 ألف مواطن فى الدول التابعة للاتحاد الأوروبى، بسبب الفحم، خلال عام 2010، فى حين خسر نحو 5 ملايين مواطن، عددا من ساعات العمل، بسبب تعرضهم للتلوث عبر عوادم الفحم، وحاجتهم إلى إجازات مرضية.

وقد ذكر الموقع الخاص باتحاد العلماء الأمريكيين من أجل بيئة آمنة وغذاء آمن، أن استخدام الفحم كوقود، يتسبب فى الضباب، والأمطار الحمضية، وزيادة ظاهرة الاحتباس الحرارى، وانبعاثات ضارة فى الهواء.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة