وكيل الأزهر فى كلمته أمام ملتقى زعماء الأديان بالفاتيكان: الإسلام لم يرسخ مطلقا لبقاء العبودية.. ونسعى لمواجهة كافة صور سلب الحريات الشبيهة بالعبودية.. ويجب دفع الدول لسنِّ قوانين لمنع سلب الحريات

الثلاثاء، 02 ديسمبر 2014 11:03 ص
وكيل الأزهر فى كلمته أمام ملتقى زعماء الأديان بالفاتيكان: الإسلام لم يرسخ مطلقا لبقاء العبودية.. ونسعى لمواجهة كافة صور سلب الحريات الشبيهة بالعبودية.. ويجب دفع الدول لسنِّ قوانين لمنع سلب الحريات الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أكد الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، أن من المشاكل الكبرى التى عالجتها الشريعة الإسلامية بحكمةٍ تُلائم قدرةَ البشر - مشكلةُ الرَّقيق التى كانت سائدة فى الجاهلية، حتى إنَّ الدائن ليمتلكُ المدينَ بدَيْنِه إن عجَز عن الوفاء به ليتحوَّلَ من نور الحريَّة التى كان عليها قبل الاستدانة إلى ظلام العبوديَّة المقيتة، ولم يكن الإسلام ليَرضَى عن هذا الاستعباد ديدنًا بين الناس فهو يَنظُر إليهم سواسية خُلِقوا لأبٍ واحدٍ هو: آدم، وأمٍّ واحدةٍ هى: حوَّاء ولذا قال رسولنا الكريم: "الناسُ لآدمَ، وخَلَق اللهُ آدمَ من ترابٍ، وليَنتَهِينَّ قومٌ يَفخَرُون بآبائهم وأمهاتهم.

وقال شومان فى كلمته أمام ملتقى زعماء الأديان بالفاتيكان لمكافحة العبودية تحت عنوان "الإعجاز الإسلامى فى القضاء على العبودية" إنه لم يكن من الملائم لطَبائع البشر أن يُمنَع الرقُّ دفعةً واحدة، لأنَّه كان ثروةً مالية للسادة المالكين، والمال شفيق الروح يشق عليها التخلى عنه، فسلك فيه مسلكَ التدرُّج، فوجَّه إلى الإحسان إلى الرقيق وعدم تكليفهم بما لا يُطِيقون، ثم ضيَّق موردَ الرقِّ فحصَرَه فى موردٍ واحد وهو الوقوع فى الأسر، وليس كل أسير يسترقُّ بل هو خيارٌ من خيارات لا يكون هو الأفضل غالبًا، فى الوقت الذى وسَّع فيه منافذَ الخروج إلى الحريَّة بالعتق، حيث جعَلَه كفارةً فى القتل الخطأ، والإفطار فى رمضان، والظهار من الزوجة، كما جعَلَه من أعظم القُربات التطوعية إلى الله.

كما أكد أن هذه السياسة الحكيمة المتمثِّلة فى تقليل الموارد وتوسيع مخارج الخلاص من العبودية انتهى الرقُّ تمامًا بعد فترةٍ زمنية ليست بالطويلة، وليس صحيحا ما يدعيه بعض من قصرت أفهامهم عن فهم شريعة الإسلام، أن الإسلام رسخ لبقاء الرق بين البشر، لأنه أمر بالإحسان إلى العبيد وهو يعد إقرارا ضمنيا بمشروعيته، فإن هذا التوجيه وأمثاله كان علاجا آنيا لمشكلة مستعصية، إلى أن تقتلع من جذورها وهو ما حدث بعد ذلك، ومع القضاء المبرَم على الرق فى التشريع الإسلامى، والشرائع السماوية الأخرى، لا زِلنا نتحدَّثُ عن مكافحة العبودية، لأنها بقيت بين الناس فى صورتها الأولى فى بعض الدول، وهو وجود لا يُقِرُّه تشريعٌ سماوى فضلاً عن شريعة الإسلام السمحة، وتأباها المواثيق والأعراف الدولية، وهناك صورٌ أخرى حديثةٌ من سَلبِ الحريات التى تقتربُ كثيرًا من صور العبودية البغيضة، منها: الاتجار بالبشَرِ، والعمل القَسْرى، والعمل للوفاء بالديون، واسترقاق الأطفال، وقهر المرأة، وحرمانها من تقلد بعض المناصب التى تصلح لمباشرتها، والتمييز على أساس الجنس أو العرق أو المعتقد، وتحكُّم ذوى الأعمال فى العمالة الوافدة تحكُّمًا مانعًا من السفر وكابحًا للحريات وسالبًا للإرادة، وهذه الصور وغيرُها صورٌ يَبغَضُها شرعُنا الحنيف.

وطالب وكيل الأزهر فى كلمته المؤسَّسات والهيئات والمنظمات الدِّينيَّة والحقوقيَّة التصدِّى لهذه الظواهر، ودفع الدول دفعًا لسنِّ القوانين والتشريعات الرادعة عن سلب الحريات، وهو ما يعمل الأزهر الشريف مع غيره من المؤسسات المعنية لتحقيقه، ومن هذا المنطلق أوفدنى إمام المسلمين شيخ الأزهر حفظه الله، لأن الأزهر الشريف يعمل لخدمة الإنسانية جمعا.

وأوضح أن النصوص القرآنية واضحة بل تعتبر إعجازا غير مسبوق فى مواجهة ومكافحة كافة صور العبودية فقال تعالى فى كتابه الكريم {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13]. فقد جعَلَ ميزانُ التفضيل التقوى، من دون نظَرٍ إلى لونٍ أو جنسٍ أو منزلةٍ اجتماعية.

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا فضلَ لعربى على أعجمى إلا بالتقوى".. وكان رسولنا الأمين يقول عن سلمان الفارسى الذى عاش ظلام العبودية: "سلمان منا آل البيت"، وقدمه غير مرة على وجهاء قريش، وعلى نهج كتاب الله وسُنَّة رسوله الكريم سارَ الصحابة ومَن جاء من بعدهم - رضوان الله عليهم أجمعين - ومقولة سيِّدنا عمر بن الخطاب لعمرو بن العاص-رضى الله عنهما- منكرا ضرب ابنه لقبطى من أقباط مصر بعد أن جعله يقتص منه بنفسه: "متى استعبدتم الناسَ وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا"، ليست غريبة على الآذان البشرية.



موضوعات متعلقة:

الأمم المتحدة:20 مليون شخص حول العالم يعانون من الرق والعبودية












مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة