تحليل: حسم صراعات أسعار البترول ينتظر قرار "أوبك" الخميس المقبل

الإثنين، 24 نوفمبر 2014 10:23 م
تحليل: حسم صراعات أسعار البترول ينتظر قرار "أوبك" الخميس المقبل محسن عادل الخبير الاقتصادى
كب محمود عسكر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يستعد سوق النفط العالمى لأهم اجتماع لمنظمة الدولة المصدرة للنفط "أوبك" الخميس المقبل لتحديد سعر بيع الخام فى الفترة المقبلة.

أهمية الاجتماع تأتى فى وقت يشهد فيه سوق النفط تراجعا كبيرا، وهو ما يتوقع الكثيرون أن يكون سببا فى حالة من الركود الاقتصادى فى أكبر الأسواق فى العالم وهو السوق الأمريكي، وبما له من تداعيات على اسواق العالم.

ومصر ستكون مستفيدة فى جزء كبير من هذه التراجعات نظرا لأنها تستورد جزءا كبيرا من احتياجاتها، من البترول ومشتقاته.

قال محسن عادل الخبير الاقتصادى أنه وسط كل هذه التغيرات السياسية الحالية بالمنطقة، يبدو أنه وقت غير مناسب للاستثمار فى النفط، خاصة بعد أن واجهت أسهم شركات الغاز والنفط تضخماً بعد انخفاض الأسعار، ولكن وكما يعلم معظم المستثمرون، يمكن أن تشكل اللحظة التى يهرب فيها غيرك فرصة مثالية لصفقة مربحة.

يذكر أن منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» التى سيجتمع وزراؤها الخميس فى فيينا، تضم اثنى عشر بلداً تنتج نحو ثلث النفط الخام المستخرج فى العالم، وتسعى للتأثير على أسعار الذهب الأسود من خلال تنسيق إنتاجها.

وتعتمد المنظمة فى التأثير على السوق النفطية بما يسمى سقف الإنتاج، الذى يمكن تعديله نحو الارتفاع أو الانخفاض تبعا لمعادلة العرض والطلب العالمى.

وتملك الدول المنتجة الرئيسية فى «أوبك»، خاصة أكبرها السعودية قدرات إنتاجية غير مستغلة بإمكانها استخدامها بسرعة لزيادة الإمدادات، خاصة فى حال أزمات جيوسياسية، وتعتبر مصدرا آخر يؤثر كثيرا على أسعار الخام. وتجتمع «أوبك» مبدئيا مرتين على الأقل فى السنة.

وأضاف عادل خلال الأشهر القليلة الماضية شهدت أسواق الطاقة العالمية إضافة عامل جديد ومؤثر فى توازنها، ألا وهو توجه العديد من الدول إلى استغلال احتياطياتها من النفط الصخري، ما دفع الأسواق إلى دخول مرحلة جديدة من مراحل تطورها تتمثل ملامحها في: أولاً حدوث ما يشبه الطفرة فى إنتاج النفط.

وثانياً تحول مستهلكين تقليديين للنفط مثل أميركا إلى منتجين رئيسيين له، إذ تخطى الإنتاج الأميركى مستوى الواردات لأول مرة منذ عقود، ما يفرض على مصدرى النفط إليها ضرورة البحث عن أسواق جديدة.

أما ثالث الملامح فهو تصاعد دور الأسواق الآسيوية كوجهات رئيسية لتصدير النفط بدلاً من السوق الأميركية والأسواق الأوروبية، ورابعها أن ما يزيد من تغير ملامح السوق هو تصاعد التوتر بين روسيا ثانى أكبر منتجى النفط فى العالم من ناحية، وأميركا وأوروبا أكبر مستهلكى النفط فى العالم من ناحية أخرى، الأمر الذى يزيد ضبابية المشهد لما ينتج عنه من تضارب فى المصالح بين الطرفين بشأن أسواق النفط والطاقة.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أمور عدة هي: أولاً أن أسواق النفط العالمية والمتغيرات المؤثرة فى تحركاتها فى المرحلة الراهنة باتت على درجة كبيرة من الحساسية والتشابك، الأمر الذى يقضى بضرورة أن تتفاعل الدول المنتجة والدول المستهلكة للنفط على حد سواء وليس دول «أوبك» فقط مع هذه المتغيرات والمستجدات بحرص وحساسية أيضاً فى إطار من التنسيق يضمن مصالح الجميع، وهناك حاجة ماسة إلى أن ينظر الجميع إلى الأسواق العالمية فى صورتها الإجمالية من دون تغليب الأهداف الوطنية على الأهداف العالمية أو العكس.

أما ثانى الأمور المهمة فهى أن ما تشهده أسواق النفط العالمية الآن من تغيرات سواء فى داخل الأسواق ذاتها أو فيما يحيط بها من جوانب وقضايا اقتصادية وجيوسياسية وتكنولوجية واجتماعية وغيرها، يحتاج من الجميع مستهلكين ومنتجين إلى زيادة مستويات الشفافية وتبادل البيانات والمعلومات بشأن ما يحدث من أجل زيادة كفاءة الأسواق ومساعدتها على تحقيق أهدافها.

وثالثها، أن قراءة مدققة فى السلوكيات السابقة لـ"أوبك" توضح أن المنظمة لم تهتم بحماية مصالح أعضائها فقط، بل إنها وضعت أهداف ضمان استقرار الأسواق ودعم الانتعاش الاقتصادى العالمى بين أولوياتها.

أن هذا أمر يبدو منطقياً إلى حد كبير، فاستقرار الأسواق والانتعاش يمثل ضمانة حقيقية لتأمين الطلب العالمى الفاعل على النفط، ويضمن استقراره بما يعود بالنفع مرة أخرى على أعضاء "أوبك"، ويحمى مصالحهم، وهو بالطبع لا بد من أن يشغل المنظمة فى اجتماعها المقبل.
ولا يوجد شىء مؤكد سوى أن الهبوط الحالى فى الأسعار يخلق فائزين وخاسرين، والخاسرون هم المنتجون والدول والحكومات، فإذا تراجع البرنت عن مستوى 80 دولاراً للبرميل، فسوف تخسر الدول الأعضاء فى منظمة الأوبك حوالى 200 مليار دولار من المكاسب التى حققوها مؤخرا والبالغة تريليون دولار.

ولذلك تأثيره ليس فقط على قدرتهم على كسب ما يكفى لتغطية التوسع الذى شهدته موازناتهم بعد الثورات العربية، وإنما أيضاً على قدرتهم على خدمة ديونهم دون تعثر فى السداد، أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإن استمرار هبوط الأسعار سوف يجبرها على تخفيض المصاريف الرأسمالية المستخدمة فى توسيع الإنتاج مما سوف يعوق زخم ثورة الغاز الصخرى الأمريكى.

ومن ناحية أخرى سوف يفوز الاقتصاد العالمى بأكمله بما يعادل برنامج تيسير كمى مما سيساعده على دفع النمو الاقتصادى المتعثر، حيث إن تراجع الأسعار ستوفر عليه 1.8 مليار دولار يومياً أى حوالى 660 مليار دولار سنوياً.

وهبطت الأسعار لعدة أسباب، بعضها يعود إلى معنويات السوق، والبعض الآخر إلى مبادئ السوق، أما العامل الرئيسى فهو تغير المشهد الجيوسياسي، فقد ارتفع سعر البرنت إلى حوالى 110 دولارات للبرميل منذ أن أدى توقف الإنتاج من ليبيا إلى حرمان السوق من مليون برميل يومياً، ورغم زيادة السعودية للإنتاج لتعويض النقص، فإن الأسعار لم تتراجع لأن ليبيا تنتج الخام الخفيف الحلو، والمصافى التى كانت تستخدمه لم تستطع استبداله بالخام الأثقل.

وتنبع إحدى المعضلات التى تواجه الأوبك من انقسام مصالح منتجى البترول الخام المتوسط أو الثقيل فى الخليج وبين منتجى الخام الخفيف فى الغرب وشمال أفريقيا، كما أن الزيادة فى الإنتاج الأمريكى من البترول الخفيف والحلو تسببت فى تخمة السوق العالمى من هذا النوع، وبالتالى لن يشكل تخفيض السعودية أو الأوبك للإنتاج أى فرق لأن هذا لن يصحح المعروض الزائد من الخام الخفيف فى السوق.

وعلاوة على ذلك، تلعب بعض المبادئ السوقية دوراً أيضاً، فالاقتصاد العالمى ضعيف والطلب على البترول يرتفع بمعدلات هزيلة تقل عن مليون برميل يومياً، كما أن أى توقعات بزيادة النشاط الاقتصاد والطلب فى 2015 سوف تخلف على الأرجح فائض إجمالى بمقدار مليون برميل يومياً، وهذا سوف يضغط أكثر على الأسعار إلا إذا خفضت الأوبك الإنتاج.

وتدفع المخاطر السياسية السوق للمزيد من الهبوط على الأقل فى المستقبل القريب، ففى حال التوصل لاتفاق نووى مع إيران سوف يزداد المعروض من البترول فى السوق، كما يمكن أن تواصل ليبيا الإنتاج مجدداً.

وأخيراً، أدى ضعف السعر إلى تبنى مجموعة من نظريات المؤامرة القائمة على تخفيض السعودية لسعر البيع لعملائها فى آسيا، وحذو إيران والعراق وغيرهما من المنتجين فى الشرق الأوسط حذوها.

ولقد أبرز هبوط أسعار الأسهم لشركات النفط والغاز فى الولايات المتحدة عاملاً حاسماً محتملاً فى حرب أسعار الخام التى تلوح فى الأفق، وهو ثقة المساهمين فبعد ثلاث سنوات من "الهدوء الموحِش" فى سوق النفط، عاد التقلب.

وبعملية حسابية تقريبية تشير إلى أن السعودية- أكبر منتج لللبترول- لن تخسر إلا جزءا صغيراً يتراوح بين عشرة مليارات دولار و20 مليار دولار من أرصدتها التى تبلغ نحو 750 مليار دولار فى احتياطيات النقد الأجنبي، وذلك عند تراجع أسعار النفط إلى 80 دولاراً للبرميل، كما يقول ماكنالي.

أما شركة وود ماكينزى للاستشارات فتقدر أن معظم إنتاج الولايات المتحدة من الصخر الزيتى سيصل نقطة التعادل عند 75 دولاراً. وقالت وكالة الطاقة الدولية إنه حتى يكون هناك أذى لا يستهان به يصيب النفط الصخرى الأميركى وغيره من مصادر إنتاج الطاقة غير التقليدية، فلابد أن تهبط الأسعار هبوطاً حاداً.

ومع ذلك إذا استمرت الأسعار فى الانخفاض فإن الضغط على الصناعة سينمو، لأن شركات النفط والغاز الصغيرة ومتوسطة الحجم التى قادت ثورة الصخر الزيتى تعانى من عجز حركات النقد منذ سنوات، وقد تجاوز الإنفاق الرأسمالى التدفقات النقدية التشغيلية للشركات.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة