الحروف العربية.. من قيود الصنعة إلى براح التشكيل

"الكتابة على الجسد" فى أعمال الفنان سامح إسماعيل

الثلاثاء، 02 مارس 2010 08:28 م
"الكتابة على الجسد" فى أعمال الفنان سامح إسماعيل الفنان سامح إسماعيل
كتب ياسر سلطان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحروف العربية فى مقابل الحروف اللاتينية قد تسفر المقارنة فيما بينهما لدى البعض فى غير صالح العربية، خاصة فيما يتعلق بالتصاميم والعلامات التجارية، فهناك الكثيرون ممن يفضلون الإعلان عن منتجاتهم أو بضاعتهم باستخدام الحروف اللاتينية، وشوارعنا العربية تمتلئ بالكثير من المؤسسات والمتاجر والمحلات التى تفضل كتابة أسمائها وعلاماتها التجارية بالحروف اللاتينية حتى لو كانت أسماؤها عربية، هناك ميل لدى الكثيرين للتعامل مع تلك الحروف كونها أكثر تناسبا مع العصر، وأفضل وفق رأيهم من ناحية الشكل.

ولكن هل الحروف العربية بالفعل غير قادرة على منافسة اللاتينية على هذا النحو؟، وهل تبدو الحروف اللاتينية أكثر تألقا ورونقا من الحروف العربية فى أعين الناس، أم أنها فقط مجرد "عقدة خواجة" كما يقال.

الفنان سامح إسماعيل، فنان مصرى شاب من خريجى الفنون الجميلة، وهو واحد من كثيرين يحملون رأيا مخالفا لمن يميلون إلى استخدام الحروف اللاتينية، فالحروف العربية كما يقول ليست قاصرة أو عاجزة عن تلبية الحاجة إليها، والتقصير كل التقصير يأتى من مستخدميها، منا نحن، الذين استسهلنا الأمور وحصرنا الخط العربى فى عدد من القوالب الجاهزة والقديمة التى توارثناها، وألقينا عليها شيئا من القداسة، ففى الغرب هناك فنانون ومصممون للحروف يستحدثون كل يوم نوعا من الخط والكتابة بالحروف اللاتينية، لذا هناك المئات بل والآلاف من الطرز التى ابتكرها هؤلاء المصممون، ففن الخط لديهم يدرس فى كليات ومعاهد الفن ليس كما يدرس لدينا نحن من تلقين لقواعد وقوالب جاهزة، بل هم يتعلمون كيفية الابتكار فى الخط والإبداع من خلاله فى فى شتى مجالات الحياة التى تحتاج إلى استعماله.

انتبه سامح إلى هذا التقصير كما يقول فى حق الحروف العربية فأخذ على عاتقه الدعوة إلى احترام الخط العربى، والدعوة هنا ليست بالكلام فقط، بل بالفعل أيضا فعلاقته بالخط ترجع إلى سنوات الطفولة، أصقلها بعد ذلك بالدراسة التقليدية لفن الخط العربى قبل أن يلتحق بالفنون الجميلة لدراسة فن الجرافيك، وبعد تخرجه مباشرة كلف بتصميم خطوط وزخارف فيلم المصير للراحل يوسف شاهين، ثم التحق بعدها بالعمل كمصمم جرافيك فى التليفزيون المصرى، غير أن خبرته وتميزه فى استخدام الخطوط العربية وتطويعها فى أنماط وتراكيب حداثية لفتت إليه انتباه العديد من شركات الدعاية والإعلان، فصاغ بأسلوبه العديد من العلامات التجارية لعدد من الشركات والمؤسسات الشهيرة ونأى بأسلوبه بعيدا عن القوالب المتعارف عليها، وراح يبتكر أساليب وصيغا جديدة أكثر عصرية وتحررا، غير أنه لم يكتف بهذا الأمر فاتجه إلى توظيف أسلوبه فى أشكال فنية أقرب إلى التصوير منها إلى الخط، متمسكا فى الوقت نفسه برهانه على الخط العربى، رافضا تصنيف أعماله هذه كأعمال تصويرية، فهو ممارس لفن الخط كما يقول دائما وليس مصورا، حتى أن أعماله التى عرضها فى العام المنصرم بالمعرض القومى للفنون التشكيلية الذى يقام فى مصر كل عام أصر على إدراجها ضمن أعمال الخط على الرغم من اختلاف الكثيرين معه.

وهو الآن فى سياق تجربة جديدة قام بعرض بعض إرهاصاتها فى قاعة المسار للفنون بالزمالك إذ قدم خمس لوحات كبيرة الحجم أقحم عليها، متعمدا بعض أجزاء مجسمة للجسد البشرى مصنوعة من الجلد الطبيعى حملها هى الأخرى بمعزوفاته الحروفية.
إذ كانت تتملكه الرغبة فى الكتابة على الجسد البشرى، وهو أمر سبقه إليه آخرون فى دول مثل إيران على سبيل المثال، غير أنه وجد صعوبة بالفعل فى تحقيق هذا الأمر، لذا فقد لجأ إلى استخدام مجسمات من الجلد الطبيعى تحمل إيحاء الجسد البشرى نفسه، وأقحمها على مساحة العمل المسطحة.

وهو يعلق قائلا: "أعرف أن الأمر يبدو غريبا فى نظر البعض، لكنها على كل حال تجربة جديدة آمل أن تتطور إلى مناحى أخرى مرتبطة بهذا المنطلق، وهو الكتابة على الجسد أو المجسمات بشكل عام".








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة