"المحاكمة" رواية مصورة عن العبث البيروقراطى

الثلاثاء، 02 مارس 2010 11:17 ص
"المحاكمة" رواية مصورة عن العبث البيروقراطى غلاف الرواية
كتب وجدى الكومى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يقص الكاتب الكبير فرانتس كافكا فى روايته المصورة "المحاكمة" الصادرة حديثاً عن دار الشروق من ترجمة فادى عوض، ورسوم شانتال مونتلييه، قصة اعتقال "جوزيف ك" دون أسباب، الذى يخوض فى صراع مرير ضد إجراءات قضائية متعسفة غاية فى الغموض، ويتم القذف به فى مواجهة تبعث على التشوش لا تنتهى، وعبر 9 فصول هى أجزاء الرواية، تتنامى مشاعر الإحباط داخل جوزيف ك، الذى يعجز عن إثبات براءته فى مواجهة تهم مجهولة فى لوحة شديدة البؤس للبيروقراطية المتسلطة التى تدهس حياة مواطنيها المغربين.

ويبدأ الفصل الأول بالعديد من المشاهد التى يفاجأ فيها البطل بمجموعة تقتحم منزله، ويظن أن أصدقاءه يمازحونه لأن اليوم هو عيد ميلاده الثلاثين، ويجيبه أحدهم عندما يسأله عن تحقيق الشخصية "خبراء السلطة لدينا لا يسعون إلى الجريمة، لكنهم يؤخذون بها فيرسلوننا لتتبع الأمر، هذا هو القانون".

ويؤمن بطل الرواية "جوزيف ك" بحتمية الدفاع عن نفسه، بعدما أصبح متورطاً فى قلب الحدث، وبعد أن أخفق محاميه "هالد" فى صياغة مذكرة الدفاع عنه، ويبدأ ك فى البحث عن رسام اسمه تيتوريللى يرسم بورتريهات للقضاة، ويعرفهم بشكل شخصى، آملاً أن يساعده فى الوصول إليهم للتأثير عليهم، فيسأله الرسام: هل أنت برئ؟ فيجيبه ك: تماماً، فيخبره الرسام: الموضوع بسيط إذن، فيقول ك: لا، بمجرد أن توجه التهمة لشخص، تقتنع المحكمة بأنه مذنب، ويكون من الصعب تغيير رأيها.

ويخيره الرسام بين ثلاثة أنواع من البراءات، أولها براءة مطلقة، أو براءة ظاهرية، أو تأجيل إلى أمد غير مسمى، ورغم أنه يؤمن بأن البراءة المطلقة هى أفضلها جميعاً، لكنها لم تحدث مرة واحدة من قبل.

نشرت "المحاكمة" فى السنة التالية لوفاة فرانتس كافكا مباشرة، عام 1925، وكثيراً ما تقرأ على أنها رواية رمزية عن البيروقراطية، وفسرها جان بول سارتر بأنها ترمز إلى الهوية اليهودية فى عالم تظلله معاداة السامية، كما يمكن قراءتها باعتبارها عالماً من الكوابيس والأحلام النفسية المخضبة بفزع كافكا نفسه من أبيه المستبد.

وقد أوصى كافكا قبل أن يقضى عليه مرض السل فى سن الأربعين، صديقه الصحفى ماكس برود بحرق كل كتاباته التى لم تنشر، لكن برود تغاضى عن هذه الوصية، وبمجرد وفاة كافكا، أعد المحاكمة للنشر.

كتب كافكا طوال حياته على نحو متفرق، ومكثف فى كثير من الأحيان أثناء الليل، مدفوعا بتشجيع صديقه برود الذى ألتقى به عام 1902، ومن أشهر ما كتبه كافكا قصة "المسخ" و"فى مستعمرة العقاب" التى كتبها بالتوازى مع "المحاكمة".

ولد كافكا عام 1883، فى براغ، التى كانت تابعة لإمبراطورية النمسا والمجر، وكان الابن الأول لوالده هيرمان اليهودى، ابن الطبقة الوسطى، وأعتبر كافكا أهم كتاب الرواية فى القرن العشرين، رغم رفضه نشر معظم أعماله أثناء حياته، ووصيته لصديقه برود، وأنتج كافكا أعمالا تجمع بين الكوميديا السوداء، والاضطهاد والعبث واليأس، ونسب إليه مصطلح "الكافكاوية" الذى يطلق على أى عمل أدبى يجمع هذه العناصر.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة