محمد حمدى

حينما يأتى الصيف فى فبراير!

الأحد، 21 فبراير 2010 12:50 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من طفولتى أتذكر جيدا من كتاب الجغرافيا عبارة تقول عن الجو فى مصر "حار جاف صيفا.. دفىء ممطر شتاء"، لكن هذه العبارة مضى عليها أكثر من 35 عاما، ولم يعد مناخ مصر هو نفس المناخ الذى عشته فى طفولتى، فوقتها كان الصيف يبدأ فعليا نهاية شهر أبريل أى فى منتصف الربيع، رغم أنه على الورق يبدأ فى نهاية يونيو، أما الآن فقد بدأ الصيف من شهر فبراير أى فى منتصف فصل الشتاء!

الصيف بدأ فى عز الشتاء، والشتاء ظهر على استحياء فى يناير فقط، ثم اختفى، وأصبح الطقس ينقسم إلى فصلين فقط، صيف حار جدا طوال العام، وشتاء لشهر أو اثنين على الأكثر، بينما فصول أخرى مثل الخريف والربيع لم يعد لها وجود فعلى فى الخارطة المناخية لمصر.

ما يحدث فى مصر تعانى منه معظم دول العالم، تحت اسم ظاهرة التغييرات المناخية، وزيادة درجات حرارة الأرض، وما يتبعها من ارتفاع مستوى سطح البحر البحر، مما يهدد بغرق معظم الشواطئ المصرية، وأجزاء واسعة من الدلتا.

ورغم أن مصر الرسمية لمتأخذ الموضوع بجدية حتى الآن فقد لفت انتباهى اهتمام منظمات وجمعيات بيئية أهلية بهذا الموضوع، وإعداد درسات حولها، بعضها يستحق الانتباه لمعرفة إمكانية تنفيذها من عدمه.

وقد أسعدنى الصديق الدكتور عبد الفتاح البنا أستاذ ترميم الآثار الحجرية بجامعة القاهرة بنسخة من درساة مهمة له بعنوان "نهاية المدن التاريخية الساحلية فى مصر" يؤكد فيها أننا بصدد حدث جلل قد يذهب بالعديد من المواقع الأثرية والتاريخية ويمحوها من الخريطة الجغرافية والسياحية لمصر، باختفاء المدن الساحلية التاريخية كالإسكندرية، رشيد، دمياط، و بور سعيد وهم يمثلون أهم المدن التاريخية على طول 300 كم هو امتداد خط الشاطئ لمنطقة دلتا النيل المطلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط.

ونظرا لأننا فى بلد لا يهتم بالمستقبل ويفكر تحت قدميه، ويفكر جيدا قبل أن ينفق مليما على مشروعات مستقبلية فقد أجرى الدكتور البنا حصرا للطرق الرئيسية فى مصر، وحسب عدد الكتل الأسمنتية التى تستخدم كفواصل فى هذه الطرق، وبحسبة عملية بسيطة اتضح له أنه يمكن استخدام هذه الكتل الأسمنتية فى بناء حواجز على مداخل المدن الشاطئية تعمل بمثابة سدود أو مصدات أمام مياه البحر وتمنعها من إغراق الشواطئ.

بينما يبحث خبراء بيئيون فى أوروبا المتوسطية فكرة لإقامة سد أوحاجز يفصل بين البحر المتوسط والمحيط الأطلنطى عند مضيق جبل طارق، بحيث يمكن من خلاله التحكم فى منسوب المياه فى البحر المتوسط، مما يحمى جميع الدول الأوروبية والأسيوية والأفريقية المطلة عليه، لكنه لا يزال مجرد اقتراح يتم تداوله فى أوساط مهتمة بالبيئة فى أوروبا فقط.

ولأن مناخ مصر تغير كثيرا وأصبحت الحياة كلها صيف فهذا بلا شك مؤشر على أن تحذيرات العلماء من غرق الدلتا قد تكون أسرع مما نتصور.. المهم أن نتحرك ولا ننتظر أن تصبح مصر صيف طول العام، وتطل القاهرة على البحر.. ويحكى الناس عن مكان كان موجودا فى مصر اسمه دلتا النيل.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة