الخطاب السياسى لعبد الناصر..بلاغة وحماس وعفوية

السبت، 23 يناير 2010 10:02 م
الخطاب السياسى لعبد الناصر..بلاغة وحماس وعفوية لا تزال خطب عبد الناصر تمثل إلهاماً للمؤمنين به
كتبت رانيا فزاع

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"أيها الإخوة لقد تعودنا معاً فى أوقات النصر وأوقات المحنة الساعات الحلوة والساعات المرة، أن نجلس معا ونتحدث بقلوب مفتوحة ونتصارح بالحقائق مؤمنين أن من هذا الطريق وحده نستطيع أن نجد اتجاهنا سليماً مهما كانت الظروف عصيبة ومهما كان الضوء خافتاً، فى حياة الشعوب أجيال يواعدها القدر ويختصها دون غيرها، بأن تشهد نقط التحول الحاسمة فى التاريخ، فهو يتيح لها أن تمهد المراحل الفاصلة فى تطور الحياة الخالد تلك المراحل التى تشبه مهرجان الشروق حين يحدث الانتقال العظيم ساعة الفجر من ظلام الليل لضوء النهار ".

لم تكن هذه مجرد كلمات فى عدد من الخطب السياسية العابرة ولكنها كانت بمثابة مبادئ أراد أن يرسيها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذى عرف عنه بلاغته فى إلقاء الخطب السياسية. وفى ذكرى ميلاد عبد الناصر المولود فى يناير 1918 تحدثت "اليوم السابع" مع الدكتور "عماد عبد اللطيف" أستاذ اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة، والباحث فى الخطابة السياسية.

يقول د. عبد اللطيف عن كاريزما الزعيم الراحل فى إلقاء الخطب: "إنه كان يمتلك قدرة غير عادية على التأثير فى الجماهير، بالإضافة إلى امتلاكه مواهب بلاغية وطريقة فى التواصل معهم حيث يمثل قيمة لدى المتلقين".

ويؤكد عبد اللطيف أن عبد الناصر لم يكن مجرد متحدث لبق أو خطيب بارع، ولكنه استطاع بواسطة فهمه للجماهير أن ينقل ما يؤمن به وما يعتقد فيه، لذلك حدثت هذه الحالة النادرة من التوحد بين الزعيم والجماهير.

ويضيف د. عماد أن المواطن العادى أيام حكم عبد الناصر كان يحرص حرصاً بالغاً على الاستماع للخطب فحدث فى هذا العصر شغف بالخطابة السياسية، لم يتواجد أيام السادات، واختفى نهائياً فى عصر مبارك.

ويشير أستاذ اللغة العربية إلى أن عبد الناصر أراد من خلال خطبه أن يوجهها للجميع وبدون تمييز، فكان يبدأها دائما بأيها الأخوة لإزالة المساحة بينه وبينهم عكس الرئيس السادات الذى كان يستخدم كلمات مثل أبنائى وبناتى.

ويوضح عبد اللطيف أن أعظم خطابات عبد الناصر كانت فى الفترة بين تأميم قناة السويس فى أوائل الستينيات، لم تكن خطب عبد الناصر مؤثرة على الجانب المحلى فقط ولكن شملت أيضاً الجانب العربى حيث تغير شكل الخطاب المصرى بعد ثورة يوليو، وباتت خطب عبد الناصر هى المؤثرة وبقوة فى البلاد التى تعاونت مع الثورة وخاصة سوريا.

ويؤكد "عبد اللطيف" أن الشعب السورى كان مسحوراً بما يقوله عبد الناصر، وكلما توقف كانوا يطلبون منه المزيد، بل كانوا يهتفون عند سماعه، وفى نفس الوقت كانت خطب عبد الناصر تؤثر بصورة قوية فى الشعب الجزائرى والعراقي، فى حين كان الصراع فى هذا الوقت بين النظام السعودى، والنظام المصرى سبباً فى خفوت تأثير ناصر الشعب السعودى، حيث كان ينظر للمجتمع المصرى أنه مجتمع تقدمى ضد المجتمع الرجعى السعودى.

أما على المستوى الغربى فيوضح عبد اللطيف أن تأثير عبد الناصر كان مختلفاً تماماً، حيث كان يعتبر عبد الناصر بمثابة تهديد لما يسمى بالإمبريالية العالمية، ومن هنا لم يكن خطاب عبد الناصر قادراً على النفاذ للغرب.

ويرى الدكتور عبد اللطيف أن ما ساعد عبد الناصر فى خطبه فى الفترة التى تواجد بها كان الفوران السياسى الذى ميزها، حيث كانت مصر فى تلك الفترة مشتعلة بالحراك السياسى والاجتماعى الذى ساعد على ازدهار الخطابة.

ويضيف الدكتور" عماد عبد اللطيف" أنه لا يوجد خطاب سياسى استطاع أن يحرك الأفراد بشكل كبير وعلى مساحة كبيرة مثلما فعل خطاب التنحي، وبرغم عفويته التامة إلا أنه كان مؤثراً، واستطاع عبد الناصر أن يجعل الناس تتعاطف معه، فكان يلقيه وهو فى غاية التأثر بل يكاد وفى أجزاء منه أن يبكى.

ويوضح الدكتور عماد أنه رغم فداحة ما حدث فى النكسة، ومسئوليته عنها، إلا أنه بسماع هذا الخطاب لا يملك المرء إلا التعاطف معه، بسبب البراعة التى كتب بها هذا البيان، والذى لم يوضح الفساد الحقيقى الذى حدث حتى الاعتراف بالخطأ لم يقدم على نحو يجعلك تثور على الشخص بل يجعلك تتعاطف معه.

وعن رأيه فى التنحى يؤكد الدكتور عماد أن أى رئيس دولة يكون مسئولا عن هزيمة شعبه ليس أمامه إلا التنحي، وهنا فالشعوب ليس عليها أن تقف ضد التنحى، فهزيمة مثل هزيمة 67 لم تكن تسمح لحكامها أن يستمروا فى الحكم، فالنظام الذى يفقد القدرة على حماية حدود أرضه هو نظام يفتقد للشرعية مثلما قال هيكل.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة