فتوى يوسف القرضاوى بتحريم الجدار الفولاذى تهدد بإنهاء عضويته فى مجمع البحوث الإسلامية

الجمعة، 15 يناير 2010 02:36 ص
فتوى يوسف القرضاوى بتحريم الجدار الفولاذى تهدد بإنهاء عضويته فى مجمع البحوث الإسلامية يوسف القرضاوى
عمرو جاد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄منتقدوه يتساءلون: لماذا يهاجم مصر ويصمت عن قطر فى علاقتهما مع أمريكا وإسرائيل؟
◄◄ومريدوه يردون: شجاع فى الاجتهاد.. ورفض دعوة القيادة القطرية لزيارة شارون للدوحة

لم يكن ينقص الداعية الكبير الدكتور يوسف القرضاوى سوى الاصطدام الأخير مع مجمع البحوث الإسلامية فى فتواه بشأن الجدار الذى تقيمه مصر على الحدود مع غزة، فالرجل منذ أن تم ضمه إلى عضوية المجمع عام 2008، والتساؤلات تحيط بموعد الصدام القادم مع المجمع، خاصة أن آراء الأخير فى كثير من الأمور تخضع لمواءمات سياسية، قد يتطرف البعض ويفسرها على أنها ضغوط حكومية، إلا أنها فى النهاية لا تكتسب الاستقلالية الكاملة، وفى فتواه الأخيرة بدأ القرضاوى يدق المسمار الأول فى خلاف لن ينتهى مع المجمع، خاصة أنه معارض دائم للحكومة المصرية فى كل ما يتعلق بفلسطين، وهو أيضاً الخلاف الذى ربما ينتهى بإنهاء عضويته حيث تم اختياره عضوا من خارج مصر لحمله الجنسية القطرية، وحينما أفتى بتحريم الجدار، أبدى عدم تصديقه فى البداية لقيام مصر بهذا الأمر، ثم استنكر موقفها بعد أن تأكد من بنائه، وهو ما دعم موقف المناهضين لبنائه بعد فتوى صريحة ممن يعتبرونه أكثر رجال الدين اهتماما بقضية فلسطين.

والقضية الفلسطينية محل اهتمام دائم للقرضاوى وسبب لصدامه مع الساسة والحكام العرب، والذى لخص دورهم منذ 8 سنوات قائلاً: «لو صبر العرب وقادة العرب على المقاومة وعلى الانتفاضة، وأمدوها ببعض المدد بالمال والسلاح، لاستطاعت الانتفاضة أن تؤدى دوراً كبيراً وتزعج إسرائيل، وتنتهى بالنصر»، وترك هذا الكلام من الشيخ العلامة تساؤلا، حول ما إذا كان يقصد بهذا الكلام حكاماً عربا بعينهم، أم أنه يتكلم فى العموم، وبدأ هذا التساؤل صغيراً وأخذ يكبر مع كل تصريح للقرضاوى يربط فيه بين القضية الفلسطينية وحكام العرب، فالرجل الذى يتم تعريفه بأنه عالم مصرى قطرى، يرى البعض أنه يشتد فى هجومه على مصر بينما يتعامل برفق ظاهر مع قطر التى فيها معاشه منذ عام 1961 وحصل على جنسيتها، وهو ما يرد عليه آخرون بقولهم إن الرجل لم يترك مرة أخطأت فيها قطر إلا وانتقدها.

ورغم أن القرضاوى دائما ما يتصدى للقضايا الشرعية والعصرية، ومعروف عنه شجاعته فى الاجتهاد، إلا أنه لم يدلِ بدلوه فى التساؤلات التى دارت حول انتقاده مصر على حساب قطر، ورغم ذلك فإن الواقع يقول إنه انتقد قطر صراحة مرتين الأولى عام 2001، عندما وجه الشيخ حمد بن جاسم الدعوة لأرييل شارون رئيس الوزراء القطرى وقتئذ لزيارة قطر، وهو ما أغضب القرضاوى قائلاً: «أربأ بدولة قطر وأرضها أن تستقبل شارون.. لا أهلا بشارون فى قطر»، وأضاف بعد ذلك تلميحا لا تصريحا: «قلت لمن صافح بيريز سفاح قانا أن يغسل يديه 7 مرات إحداها بالتراب، وأقول لمن صافح ويصافح الجزار شارون سفاح صبرا وشاتيلا: اغسل يديك سبعين مرة»، وهى لغة رقيقة ليست غريبة على القرضاوى إلا أن البعض يرى أنه يفتقدها حينما ينتقد مصر أو حتى «جيران فلسطين» كما يحب أن يسمى سوريا والأردن ولبنان.

الواقعة الثانية التى انتقد فيها القرضاوى دولة قطر صراحة كانت عندما استقبلت قطر صحفيا دانماركيا من جريدة «يولاندز بوستن» فى الاحتفال باليوم العالمى لحرية الصحافة، وعندما علم القرضاوى أنه يعمل فى الصحيفة التى نشرت الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم عام 2005، ثار وقال بالنص: «هذا الرجل الذى جاء إلى الدوحة ما كان لقطر أن تسمح له»، وحتى عندما أبلغوه بجهل الجهة القطرية الداعية لهذه المعلومة لم يغفر لهم هذا وأضاف: «إن الجهل بهذه القضايا والغفلة ليس عذراً»، وكانت غضبة عاتية من الشيخ الذى لجأت قطر بعد ذلك إلى أحد طريقين للتعامل معه، إما أن تتجاهل طلب رأيه فى مثل هذه الأمور، أو أن يصمت هو.

لا أحد يستطيع أن ينكر على القرضاوى اجتهاده وصراحته، أو حتى رأيه فى العلاقة بين العالم والحاكم، فهو لخصها من قبل بقوله: «العلماء الذين يراعون رضا السلاطين والأمراء ويتبعون أهواءهم فيفرخون لهم من الفتاوى والتخريجات والحيل، ما يسهل لهم ما يريدون من قرارات وقوانين، قد تحلل الحرام، أو تحرم الحلال، أو تسقط الفرائض أو تشرع فى الدين ما لم يأذن به الله، وهؤلاء هم الذين يسمون (علماء السلطة) أو (عملاء الشرطة) أعاذنا الله شرهم»، وفى الجانب الآخر أيضاً رفض بشدة أن يكيف العالم فتواه بما يتفق مع مزاج العامة وهوى الناس.

إلا أن ثمة انتقادا يلاحق القرضاوى بأنه لا يرى فيما تتخذه مصر من قرارات نحو القضية الفلسطينية ما يستحق الإشادة، رغم كل ما تقدمه للشعب الفلسطينى من دعم، ورغم كل الجهود المبذولة فى سبيل المصالحة بين الفصائل المتناحرة هناك، فلماذا يفعل ذلك وهو أول الرافضين لاستخدام الدين سلعة، واستخدام الشيوخ علمهم الدينى للمزايدة على الآخرين؟، ومن هذه الخلفية، يرى البعض أنه فى الوقت الذى ينتقد النظام المصرى بعنف، لم يكن واضحا فى موقفه من القواعد العسكرية الأمريكية فى قطر، واكتفى بالقول «إنه بالنسبة للقواعد الأمريكية القديمة المنتشرة فى منطقة الخليج، فإنها قامت بطريقة شرعية؛ لأنها جاءت بقرارات حكومات شرعية، فهذه نبقى عليها، بينما الإنزال الجارى حالياً لا توافق عليه غالبية الدول العربية والإٍسلامية، مما يجعله غير شرعى ومرفوضاً، ولا يجوز السماح لها بالتواجد من أجل احتلال أراضى المسلمين»، وبالقياس على هذا الرأى يأتى السؤال: لماذا لا يطبق الشيخ العلامة نفس المعيار على مصر فى توقيعها على المعاهدات التى تنظم الحدود بين مصر وإسرائيل، وهى أيضا التى تنظم عملية فتح وغلق المعابر فى وجه الفلسطينيين.

يبقى بعد ذلك القول إن الشعبية التى يحظى القرضاوى بها بين المصريين باعتباره الأكثر اعتدالاً وصاحب الفتاوى المعاصرة، منحته فى نفس الوقت خلافاً حاداً مع عدد من التيارات الأخرى مثل السلفيين، والعلمانيين، والشيعة، فلكل منهم سبب وجيه للاختلاف معه، وكل هذا فى إطار الرأى الدينى، خاصة الشيعة الذين اتهموه بأنه يهاجمهم بدافع من دولة قطر، لخدمة اتجاه عام يتمثل فى التضييق على المذهب الشيعى، إلا أن الخلاف عليه فى مصر يتخذ دوماً من خلفيته الإخوانية قاعدة للهجوم، فعلاقته بالإخوان المسلمين لم تنقطع رغم خروجه من الجماعة التى لا تخفى الخصومة بينها وبين النظام المصرى، الذى يعتبر انتقاده الدائم من مقتضيات هذه الخصومة، ليتهم القرضاوى دائماً بمحاباة «المحظورة» وأنه لا ينسى انتماءه لها.

لمعلوماتك...
المؤتمر السنوى.. مارس 2004 حضر الدكتور يوسف القرضاوى جلسات المؤتمر السنوى الـ 31 لمجمع البحوث الإسلامية لمناقشة قضيتين هما التقريب بين المذاهب وزراعة الأعضاء، لكن أعمال المؤتمر ابتعدت عن الأولى فيما كان لحضور الشيخ، الذى حاز عضوية المجمع كقطرى وليس كمصرى، أكبر أثر فى إقرار زراعة ونقل الأعضاء البشرية.
القرضاوى.. 1926 ولد القرضاوى بقرية صفت تراب مركز المحلة الكبرى، محافظة الغربية، وهى قرية عريقة دفن فيها آخر الصحابة موتاً بمصر، وهو عبدالله بن الحارث بن جزء الزبيدى، وحصل على الشهادة «العالية» من كلية أصول الدين بجامعة الأزهر عام 53 وكان الأول على كل زملائه البالغ عددهم حينها 180، وأعير إلى دولة قطر بعد 8 سنوات وهو يعيش بها حتى الآن.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة