د.كرم علام يكتب: حتى تعيش فى دنيا أجمل

الثلاثاء، 01 يوليو 2014 10:15 م
د.كرم علام يكتب: حتى تعيش فى دنيا أجمل صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أنعم القدر على فلورنسا فى القرن الرابع عشر بأسرة تولت مقاليد الحكم فيها لأكثر من أربعة قرون، فقادت إيطاليا وأوربا كلها إلى عصر النهضة وساقتها إلى حركة إصلاحية واسعة، وأهدت إلى البشرية كلها تراثا إنسانيا خالدا بالغ العظمة لا يقدر بثمن.

وكانت تلك الأسرة "آل ميدتشى" محبة للفنون والآداب وراعية لها
ويتبدى إدراكها لقيمة وعظمة الآداب والفنون ودورها فى التنمية والارتقاء بالمجتمع منذ مؤسس الأسرة الأول والذى أطلق عليه فيما بعد أبو النهضة والذى كان بالغ الثراء وكانت تجارته تجوب البحار، وكانت معظمها سفنا محملة بالكتب والمخطوطات التى تحفظ وتخلد الميراث الفكرى والعلمى والفن للبشرية، ولم يألوا جهدا ولم يضن بمال فى جمع كل ما يستطيع من تراث إنسانى وفى ضم ورعاية كل من وصل إليه من مفكرى وفنانى تلك الفترة وجعل من قصره العظيم ملجأ لهم يقيمون فيه ويبدعون تلك الإبداعات التى كتب لها الخلود.

وكتب له هو أيضا الخلود بخلودها مات أثرياء عصره ممن اهتموا بالثروة والسلطة فقط وانمحى ذكرهم وبقى ذكر أسرة ميدتشى خالدا بخلود الفنون والآداب التى رعتها وكانت الأسرة كلها تسير على هدى راعيها الأول فدعمت العلوم والفنون بل ونشرتها كما فعلت الأميرة "كاترين دى ميدتشى" حين تزوجت من ملك فرنسا فأدخلت إلى فرنسا تلك الفنون والآداب التى نشأت عليها ومن ثم انتشرت إلى أوروبا فيما بعد كما هو الحال فى فن الباليه ولمعت أسماء عظيمة فى سماء الفن والآداب استظلت برعاية آل ميدتشى مثل جيوتو ورفائيل ومايكل أنجلو وليوناردو دافنشى ونظرا لأن الثقافة هى المعول الذى يقوم بتشكيل فكرنا وسلوكنا فإن انتشار الفنون والآداب الراقية يقود ولا شك إلى ارتقاء الذوق العام للناس وتنامى إحساسهم بالجمال واستنكار القبح.
والبحث عن الصيغ الأفضل والأرقى لكل شىء فالنفس الجميلة ذات الذوق الراقى لا يرضيها إلا الكمال أو ما قارب الكمال فى كل شىء لذا تجدها تحث الخطا نحو الأفضل فى العمل والتعامل، فى الفن والأدب والعلم تنجح الفنون والآداب الراقية فى تهذيب الذوق وخلق مستقبلات لا يناسبها إلا كل ما هو راق بينما تنفر من كل ما هو مقزز وشائه فأين لنا بطبقة غنية تدرك مسئوليتها الاجتماعية وما عليها من دور إصلاحى فى المجتمع، ولكن ذلك يستلزم أن تكون تلك الطبقة ذات نفوس محبة للجمال لأن فاقد الشىء لا يعطيه وذوى النفوس الخربة لن ينشروا على الدنيا إلا قبح بواطنهم وما دام الأمل مفقود فى الغالبية العظمى من ذوى الثراء فى عصرنا هذا فلابد لمن تبقى من الطبقة المتوسطة من الاضطلاع بذلك الدور.

لابد من حملة لمكافحة تفشى العشوائية والانحدار فى الذوق العام وثقافة المجتمع ذلك المجتمع الذى يدعم كل شىء فيه انحدار وتدنى الذوق العام والثقافة بدءا من إهمال حصص الرسم والموسيقى فى المدارس وصولا إلى تدنى المعروض من أعمال مبتذلة فى وسائل الإعلام والثقافة المختلفة نريد فئة تحمل على عاتقها فكرة بناء عصر نهضة جديد يشع من مصرنا الحبيبة.

مجموعة فدائية تدرك أن إحساسها بالجمال ودعوتها له ستقابل بحملة ضارية من أصحاب الأذواق المشوهة لكن عليها أن توطن نفسها على الاحتمال فى سبيل نشر قيم الجمال نتمنى أن نرى يوما مجتمع امتلأ بتلك القيم الجميلة مجتمع نظيف جميل حلت فيه الزهور والأشجار محل أكوام القمامة مجتمع تنتشر فيه قيم الحب واحترام المبادئ حين ترى فيه الشاب ينهض للعجزة والنساء وكبار السن حين تمضى فى الطرق والمواصلات العامة فلا تسمع لفظا نابيا أو بذىء.

حين تمضى الفتاة آمنة تحس أن المجتمع سيحميها ولن يتحرش بها أو حتى يسمح بذلك، حين تدرك من داخلك إذا كنت فى مكان عام أو مواصلة عامة أن حديثك بصوت مرتفع أو سماعك لأغنيات هاتفك المحمول بصوت عال قد تؤذى من هم الى جوارك فتتوقف عن ذلك.

حين تدرك أن حقك فى التدخين لا يعنى أن تكتم أنفاس من هم إلى جوارك وربما كان بينهم المريض الذى لا يتحمل رائحة سجائرك فيدفعك ذوقك وتهذيبك الى ألا تدخن إلا فى الأماكن التى لا تؤذى فيها أحد.

حين تتوقف عن البصق فى الشارع أو القاء القمامة خارج أماكنها المخصصة.
لا شك أننا كلنا سنسعد بذلك ولا شك أنها أهداف تستحق السعى والمثابرة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة