سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 22 يونيه 1883.. "الكوليرا" تظهر فى دمياط ثم تنتشر فى باقى المحافظات والضحايا 60 ألفا.. والمصريون يطلقون عليها "الشوطة"

الأحد، 22 يونيو 2014 09:20 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 22 يونيه 1883.. "الكوليرا" تظهر فى دمياط ثم تنتشر فى باقى المحافظات والضحايا 60 ألفا.. والمصريون يطلقون عليها  "الشوطة" مصابون بالكوليرا – صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يمر أقل من عام على الاحتلال الإنجليزى على مصر حتى حلت كارثة انتشار وباء الكوليرا، وأطلق المصريون عليه اسم "الهيضة" و"الشوطة"، وجاءت تسمية "الشوطة" تعبيرا عن انتشار حالات الوفيات، وسرعتها الرهيبة بين المصريين فى القرى والكفور والنجوع من الدلتا إلى الصعيد.

هى محنة عاشها المصريون، وكانت ثنائية الفقر والجهل بمثابة البيئة الخصبة التى ساعدت على انتشارها، ويسجلها المؤرخ "عبد الرحمن الرافعى" فى كتابه "مصر والسودان"، مشيرا إلى أن المرض ظهرت حالته الأولى فى دمياط فى مثل هذا اليوم "22 يونيه 1883"، وانتشر منها إلى باقى القطر.

ويسجل "الرافعى" اختلاف الآراء حول مصدر المرض، فقال بعضهم إنه نشأ فى دمياط ذاتها وانتشر لقلة العناية بالوسائل الصحية، وقال آخرون إنه وافد من الهند، وهو الرأى الذى أيدته الملابسات، حيث أظهرت التحقيقات أن أحد قبطان البواخر البريطانية التى وصلت لمصر قادمة من الهند نزل إلى البر، وجاء إلى دمياط ولم يكد يصل إليها حتى ظهر الوباء فيها، وساعد على سريان عدواه بها رطوبة مناخها وكثرة ما فيها من الحوارى الضيقة المتعرجة، ومرور خليج فى وسطها يستقى منه سكانها، ويصل ماء النيل إلى الأراضى المجاورة لها، وكان سببا فى زيادة الرطوبة فى منازلها، وزاد منها قلة الوسائل الصحية التى كانت عليها مصر.

حضرت بعثات طبية دولية لفحص المرض للوقوف على أسبابه، فأثبتت أنه قادم بالفعل من الهند، وانتشر من دمياط إلى المدن الأخرى، وعلى الأخص فى مدن، شربين والمنصورة وطلخا وسمنود والمحلة الكبرى وطنطا وزفتى وميت غمر والسنبلاوين ومنوف وكفر الزيات ودمنهور وكفر الدوار والإسكندرية ورشيد وبورسعيد والإسماعيلية والسويس والزقازيق، ثم القاهرة وبنها والجيزة وبنى سويف والمنيا وأسيوط وجرجا وقنا.

وتكشف خريطة انتشار "الكوليرا" أو "الهيضة" أو "الشوطة" أنه غطى تقريبا كل أنحاء مصر، وكان حصاده كارثة بكل المقاييس، حيث بلغ عدد المتوفيين فى دمياط "1936"، وفى الإسكندرية "1034"، وفى شبين الكوم "1120"، وحصلت القاهرة على نصيب الأسد، حيث بلغ عدد ضحايا المرض فيها وحدها "5664".

كان المصريون مع كل صباح يترقبون فيما بين عوائلهم من سيصيبه المرض، والذى يؤدى إلى الوفاة مباشرة، نظرا لعدم وجود أى إسعافات سريعة، وكانت حالة "التداوى" من الأمراض المنتشرة وقتها تعتمد على الوصفات واللجوء إلى الشيوخ وأعمال السحر، وفيما كان يحدث ذلك، كانت الحكومة وحسب قول "الرافعى" تكافح بكل ما لديها، حيث أنشأت لجانا فى القاهرة والإسكندرية ودمياط والمنصورة وغيرها لإسعاف المصابين وإرشادهم إلى طرق الوقاية.

يتحدث "الرافعى" عن أن حالة الهلع التى أصابت المصريين جميعا وقتئذ، ظلت على وضعها خاصة وأن المرض انتشر انتشارا مروعا فى الأحياء الآهلة بالسكان، ثم خفت وطأته فى أواخر شهر أغسطس، أى بعد نحو أكثر من شهرين، وأمكن استئصاله فى شهر ديسمبر بعد أن بلغ عدد الضحايا ستون ألفا.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة