سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 9 يونيو 1967.. عبد الناصر يتنحى.. والملايين تخرج بعد نصف ساعة تطالبه بالعودة.. ويتساءل متعجبا: "ما الذى حدث؟"

الإثنين، 09 يونيو 2014 08:21 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 9 يونيو 1967.. عبد الناصر يتنحى.. والملايين تخرج بعد نصف ساعة تطالبه بالعودة.. ويتساءل متعجبا: "ما الذى حدث؟" جمال عبد الناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت الساعة السابعة مساء، حين أطل جمال عبد الناصر على شاشة التليفزيون المصرى ليعلن التنحى، ظهر بوجهه فى مثل هذا اليوم "9 يونيو 1967"، وبدا وكأن عشر سنوات أخرى أضيفت إلى عمره (كان يبلغ وقتئذ 49 عاما)، أعلن مسئوليته عما حدث من هزيمة أمام إسرائيل وقال: "رغم أى اعتبارات فإنى أتحمل المسئولية"، وأعلن استعداده لأى مساءلة، وحين جاء إلى الفقرة التى يعلن فيها تنحيه عن الحكم، تأثر صوته محاولا السيطرة على بكاء يكاد يغالبه.

كان تنحيه نموذجا للقائد الذى يتحمل المسئولية، وفى كتابه "الانفجار" يذكر الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى سرده لقصة هذا اليوم الطويل ما ذكره عبد الناصر له: "عبد الحكيم عامر ضيّع أعصابه تماما وضيّع جيشه من قبلها، ولكننى المسئول، لا أستطيع أن ألوم أحدا إلا نفسى، والواقع أننى غاضب من نفسى بأكثر مما يتصور، ولا أستطيع أن أتصور ما سيفعله الناس، والله لو أنهم أخذونى إلى ميدان التحرير وشنقونى فيه لما اعترضت عليهم، لهم الحق".

سرد "هيكل" لقصة التنحى يأتى من واقع أنه كان بجوار "عبد الناصر" خلال هذا اليوم، وكلفه بكتابة "خطاب التنحى"، وناقشه فيه، وكان رأى عبد الناصر أن يتولى "شمس بدران" وزير الحربية الرئاسة مؤقتا، واتفق على ذلك مع عبد الحكيم عامر، لكن "هيكل" وحسب روايته أقنعه بـ"زكريا محيى الدين"، وهو الرأى الذى أخذ به وأعلنه فى خطاب التنحى.

مضت نصف ساعة على "الخطاب" تزلزلت خلالها الأرض العربية من المحيط إلى الخليج، حيث خرج الملايين يرفضون التنحى، كانت الشوارع عبارة عن طوفان بشرى قوامه ملايين يهتفون: " ناصر.. ناصر.. هنحارب.. هنحارب".

كانت دهشة زكريا محيى الدين بالغة، وسأل هيكل: "لماذا فعلتم ذلك، وهل هذا معقول؟، وكانت المظاهرات فى الشوارع تهتف ضده وتطالبه بألا يقبله ما كلف به، وإلا فهو خائن، ويعلق "هيكل" على ذلك قائلا: "كنت بنفسى قادرا على رؤية مدى الصدق فى قوله من نظرة واحدة عبر النافذة من مبنى مؤسسة الأهرام إلى كوبرى الجلاء فقد أصبحت الجماهير عليه كتلة واحدة متدفقة هادرة زاحفة لا تعرف إلى أين، ولكن صراخها كان يمكن تمييزه الآن بصيحة "ناصر"، وبدوره قال زكريا محيى الدين إنه فى طريقه إلى بيت الرئيس جمال عبد الناصر ليطلب منه تغيير قراره.

كان المشهد متكررا فى كل العواصم العربية، وتدفقت بحور من البشر إلى الشوارع، ولعلع صوت الرصاص فى بيروت، وتكوّن حصار بشرى مخيف حول بيت عبد الناصر، وأبلغ "شعراوى جمعة" وزير الداخلية "هيكل"، أن القاهرة معرضة لحريق أسوأ "حريق القاهرة 1952" ما لم تصدر من جمال عبد الناصر كلمة، وحاصر أعضاء مجلس الأمة مبنى المجلس، وفى منتصف الليل اتصل عبد الناصر بـ"هيكل" ليسأله بصوت مثقل: "ما الذى حدث؟".








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة