"دائما يرحل أحد" ديوان للشاعرة الفلسطينية هند جودة

السبت، 24 مايو 2014 02:09 ص
"دائما يرحل أحد" ديوان للشاعرة الفلسطينية هند جودة صورة أرشيفية
(رويترز)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الشاعرة الفلسطينية هند جودة فى مجموعتها (دائما يرحل أحد) تكتب بخصوصية وتميز إجمالا وتأتى قصائدها الصغيرة فى غالب الأوقات بسمة بلاغية يغلب عليها المجاز والرموز.

إلا أن هذه البلاغية التى تميز شعرها تبرز للقارئ فى وجهين مختلفين بل متناقضين أحيانا.. أولهما بلاغية ميكانيكية آلية على رغم بعض ما تتفرد به والوجه الثانى والأهم هو تلك البلاغية الحية المتحركة الحارة. ومما قد يكون مسلما به أن الشعر الإنسانى ذا الطبيعة الباقية والأكثر تأثيرا إنما هو الذى تتجسد فيه السمة الأخيرة أى سمة الحياة والحركة والأنفاس الإنسانية الحارة.

أما حيث تخلو القصيدة من ذلك فإنها تتحول إلى لعبة رياضية أو فكرية ما أو فى بعض الأحيان إلى هيكل إلى بارد يخلو من النفس الإنسانى وأن يكن مشغولا بدقة ومهارة أحيانا.

ومجموعة هند جودة (دائما يرحل أحد) تحتوى على نحو 40 قصيدة قصيرة وبعضها طويل وهى من نمط قصيدة النثر وتقع فى 115 صفحة متوسطة القطع بغلاف من تصميم روزان القيسي. وصدرت المجموعة عن (موزاييك للترجمات والنشر والتوزيع) فى العاصمة الأردنية عمان.

وتبدأ المجموعة بقصيدة عنوانها (تهريب) حيث تقول الشاعرة فى تصويرية مجازية تتميز بها قصائدها "هل فى جيبك متسع لنجمة جديدة (سأل الليل) هربت واحدة داخل جوربى - أجبت: نعم".

وبعد هذه القصيدة القصيرة قصيدة حملت عنوانا (ماء ريثما يتضح الأمر) وفيها ندخل عملية فكرية ورمزية جلية وإن بدت تقريرية إلى حد ما أحيانا. فتقول الشاعرة فى مقاطع تراوح بين البيتين أو السطرين والأربعة.. "الماء - له لون. طعم ورائحة (اسألوا البحر) حاول إحصاء الجزء المتبقى من الماء - ستعرف متى تفقد الحياة أنفاسها. التقاطع بين العطش والثغاء (ماء) الساقية أرجوجة الماء المفضلة.

"الخرير - موسيقى تعزفها قطرات ماء لاهثة - فى عروق الأرض. سر الحياة (الماء) لم يعد سرا. الماء كائن حى - الغيمات تتجاسد لتنجب المطر - أى كومة ماء (مرآة). الماء فى كأس لا يشبهه خارجه. نهر لا يشبه بحر - نبع لا يشبه بئر - أصابع الماء ليست واحدة. الماء ضعيف - تكسره صخرة. للماء آذان - فم (أحيانا) - للماء عيون.. الماء زئبقى - يثلجه برد - يذيبه قيظ..."

وفى قصيدة بعنوان (نوم) تستمر الشاعرة فى هذا النمط الفكرى التقريرى وإن أوردته فى صور ومجازات، تقول "النوم ضربة على رأس الصحو..- النوم مرساة تسقط بك تجاه عتمة ما - ربما حلم ما.. النوم - باب ينفتح على ضباب- وهو أن لا تعرف- أين تذهب أقدام روحك أبدا."

وفى قصيدة (موانئ) تنتقل الشاعرة إلى الذات.. إلى عالم أكثر دفئا فتطل المشاعر من صور تحفل بها القصيدة. تقول "موانئ تسخن قلبى على موج بطىء - مجاذيف لا توصلنى لذاتى.. كلما تألمت اكتافى - حملت ما لا أطيق - كلما توزعت روحى - غافلنى حشد صاخب- تحت ركبة التعب- فصول التوق عتيقة- أخبىء التين حتى يجف- أخبئ العنب حتى يجف- وأخبئ النار فلا تنطفئ".

وتتابع هذا النمط الشعورى الدافئ على رغم الحديث عن البرد والجليد. إنها تدخل إلى نفسها وتصور مشاعر فى هذا الدخول. ففى قصيدة (حديقة كلام) تقول "ألمس نافذتى بأصابع من جليد-ليس ذنب الغيم- إننى أرتجف بردا- ولا مشكلة المدينة- إننى لا أسحب غطاء ثقيلا فوق جسدى وأنام- (ربما هى ريح غاضبة- تعوى خلف شق صغير أتكاسل عن سده بجرة نافذة)- لا تصدقوا- الأمر أعقد بكثير- إنه رأسى يضج ولا يهدأ- صاخب هذا المساء- يرمى حديقة كلام فوق جفنى- وتصفق له الرموش".

وفى قصيدة (أنت) تقول هند جودة فى أجواء مماثلة إلى حد ما لما سبق.. "الحنين- طفل قلبك المدلل- كيفما تربه يكن.. الحنين- عجوز تجلس عند باب قلبك وتثرثر- مراهق يصبو كل وقت وحين- ثائر بلا موعد- طائش لا يهدأ.. الحنين كل الفصول- كل المواعيد والذاكرة- الحنين أنت".

وفى قصيدة (برودة) وصف لحالات نفسية فى مجازات ورموز موحية مع تفاوت فى الدفء بينها. تقول "أصابعى تشرب الشاى- ومذاق للنوم فى أعصابى- أعد ندوبا على جلد التيه-أعد أشجارا فى فناء خلفى لبيت حميم- أعد ملامحى فوق مرآة الغياب- أحاول إحصائى.

"تداهمنى طفولة لم تذهب ولم تعد- ويحل بى تعب الذاكرة- ريح ناعسة- تحل ضفائر ورودى المجففة- توشوش نوافذى المواربة- تحملنى إلى وجه أبى- إلى وصاياه العشرين- ولا أملك شهقة تلتاع توقا ولا الدموع.

"تلسعنى برودة الفنجان- أمرغ وجهى فى صدر ذاكرتى- وابتعد.. لا شىء سوى ملح فوق شفة انتظار- وحرقة فى العين".









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة