شريف سلامة

على مائدة الرئيس

الأربعاء، 02 ديسمبر 2009 07:06 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
جال فى خاطرى ذات مرة سؤال..... ماذا لو قابلت رئيس الجمهورية وسنحت لك فرصة الحوار معه، وتجمعت لديك الشجاعة اللازمة لمحاورته، ونٌزعت منك الرهبة والخوف العاديين فى مثل هذا الوقت... ماذا سأقول له؟!! وما هو أول سؤال توجهه إليه؟!! وما الطلب الذى تتمنى أن تعرضه عليه آملاً فى تلبيته؟!!!
هـــل... ستشتكى إليه انتشار الفساد والجهل وتفشى الفقر والمرض؟!!
هـــل... ستعرفه أننا أصبحنا لا ندرى مع من نكون وإلى من نستمع ومن نتخذه قدوة وإلى ماذا نهدف وإلى متى سنظل هكذا وإلى أين نحن ذاهبون؟!!

هـــل... ستواجهه بأن مصر الآن أصبحت طائفتين من الناس، إحداها تتمتع بالثراء الفاحش الذى ينسيهم معنى الفقر والموت، وأخرى تعيش فى فقر مهين لا تعرف معنى الحياة؟!!!
هـــل.... ستطلب منه أن يترك – أن قدر الله عز وجل للدنيا البقاء – لأولادنا وأحفادنا ذكرى طيبة يترحمون بها عليه، ذكرى يحصدون ثمارها بأيديهم، ويرون نتائجها بأعينهم؟!!
هـــل.... ستحكى له طموح بعض الشباب وآمالهم، وكيف يحلمون بتحقيقها، ويتمنون الوصول إليها، وكيف وصل الحال بكثير منهم؟!!!
هـــل.... ستغطاظ أمامه تعبيراً عما تشعر به وتصويراً لما يعانيه الناس، أم ستحاول أن تكتم ما بداخلك ؟!!!

هـــل .... ستعانقه بود أم تصافحه بضيق دفين فى نفسك يحاول الصراخ فى وجهه؟!!!
هـــل.... لو تمكنت من أن تأخذ له هدية.. ماذا تقدم له... رغيف عيش أم صورة للزحام الذى يعيشه الناس كل يوم أم صورة لمنازل بعض الناس – وهم كثر – ممن يعيشون حتى فى كهوف غير آدمية أم صورة لصناديق القمامة أم ماذااا؟!!!

هـــل.... ستشتكيه من نفسه إلى نفسه.. وبماذا تشتكى وممن تشتكى؟!!!
هـــل.... ستذكره بحال سيدنا عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) عندما كان ينفطر قلبه من شدة البكاء من الخوف من هول محاسبته أمام الله عز وجل وخوفه من سؤاله عن دابة تعثرت فى بقعة بعيدة من بقاع الدولة التى يترأسها؟!!!

هـــل.... ستواجهه بأن ما فات من عمره يزيد كثيراً عما بقى، وأننا سنحاسب عما فعلنا ولماذا فعلنا وعما كان يجب علينا أن نفعله ولماذا لم نفعله؟!!! هـــل.... سترجوه أن يوصد فى وجه من ينافقوه باب الاستماع وأن يدر ظهره عنهم، وألا يتركنا لعبة فى أيديهم، لأننا حقا لا ندرى ماذا سيحدث لنا لو تمكنوا منا؟!!!

هـــل..... ستصمت؟!!! حقيقة موقف يصعب على الكثير منا تصوره... وخصوصاً أننا نعيش الآن بين أناس الكثير منا لا يدركون ما بعقولهم وفيما يفكرون وعلى ما ينوون، فهم أناس يثقون أن مصلحتهم الشخصية هى أسمى شىء، ويسعون دائماً وراء تحقيقها ولا يقبلون أى محاولة للنيل منها أو مجرد المساس بها.

ونجد على رأس هؤلاء من يطلقون على أنفسهم جبهة المعارضة، فكثيراً من هؤلاء يسعون دائماً للظهور بمظهر المناضلين والمحاربين من أجل مصالح الشعب وكأنهم شمع يحترق من أجل الآخرين، رغم أن غالبية هؤلاء أسوأ ما يكون، فإذا اقتربت من حياتهم الخاصة وفكرت فيما يفعلون لوجدتهم يتعمدون تصيد الأخطاء ويتلذذون بتهويل الصغائر والقضاء على الرموز، وكأنهم يتعمدون إفساد هذا البلد، كل ذلك من أجل الحصول على أكبر قدر من الشهرة وتحقيق مآربهم الشخصية، وفى ذات الوقت يظهرون أمام الناس أبطالا.. ولعلى أعتقد أن حرية الصحافة التى نعيشها الآن – فهذه حقيقة يجب الاعتراف بها وإعطاء الحق لأصحابه – هى ما جعلت أمثال هؤلاء يصلون إلى ما يهدفون، فكم أتمنى أن يتضح لنا حقيقة هؤلاء حتى لا ننجرف وراء من لا يستحق.

وعلى الجانب الآخر، نجد طائفة أخرى – أعتقد أن أفضل ما يطلق عليهم أنهم الطائفة السلطوية-، فنجدهم دائماً عالقين بأحبال السلطة ويتمرغون فى تراب رجالها، ويحاولون بشتى السبل الوصول إليهم والتودد لهم وإشعارهم باستخدامهم، دون الوضع فى الاعتبار لأى شىء... لا الكرامة ولا الوقوف مع الحق ولا إنكار الذات ولا التطلع فى أحوال الناس أو العبء بهم، فكل هذه فضائل أعتقد أنهم لا يحبون أن يعرفونها أو يذكرهم بها أحد، فهم دأبوا على تجاهلها وإنكارها، وأمثال هؤلاء كثير فى مجتمعنا.

ولعل كل هذه الأمور وغيرها مما لا يسع المجال لعرضه، هى ما دفعتنى إلى كتابة هذا المقال، موجها به كلمة إلى السيد الرئيس – بفرض تحقق ما حاك فى نفسى وهو الجلوس أمامه حتى وإن كان كجلوس ابن أمام أبيه – أقول له فيها "إن كانت نفسك تطيب بما تفعل وما فعلت وما ستفعل أو تترك، وفقك الله عز وجل لكل ما فيه خير لنا ولك، وإن كنت لا ترضى فهذا البلد أمانة فى عنقك ومازالت الفرصة قائمة لتغيير كل شىء، فرجاءً لا تتركنا فى أيدى من لا يرحم ولا يعلم".

وختاماً، حقاً لا يسعنى إلا أن أقول "ما أعظمك يا الله"، جعلت اللجوء إليك والحديث معك والوقوف بين يديك، أيسر على الإنسان من حديثه إلى نفسه، فكم أنت عظيم وكريم ورحيم بعبادك، فرغم كل عظمتك وقدرتك وقوتك وجلالك وجبروتك اللا محدود، منحتنا شرف الحديث إليك دون واسطة أو طلب، ووهبتنا نعمة اللجوء إليك دون مقدمات أو أذن، فسبحانك يا رب.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة