محمد عبد الفتاح السرورى يكتب: سيد (الكلمة) حجاب

أخذنى الخاطر إلى أحافير الذاكرة.. إلى تترات مسلسل الأيام.. وإن لم تخنى ذاكرتى، وهى لم تعتاد أبدًا خيانتى، فإن تترات الأيام هى أول لقاء لى مع اسم الشاعر الفلسفى سيد حجاب. أحببت كلمات سيد حجاب وأحببت آراءه، التى تكمن فى معانى أغانيه، والتى تسكن بين سطور أشعاره. . فسيد حجاب ليس مجرد كاتب أغانى، ما أكثرهم، ولكنه فيلسوف ومفكر قدير.

أذكر ذات مرة أن أقامت مكتبة الإسكندرية حفلاً غنائياً خُصص فقط لتترات المسلسلات التى كتب كلماتها سيد حجاب وبطبيعة الحال لم أكن أدع ذلك الحفل ليفوتنى ذهبت إليه وأنا فى غاية الغبطة والحبور، واستمتعت بالفعل بمجموعة رائعة مما كتبه هذا الفنان القدير.
على حد علمى فإن سيد حجاب لم يسع يومًا إلى تبوأ منصب وقت أن كانت المناصب تعطى لصاحبها المزايا الكثر. ولم يؤثر عنه أنه دخل فى مهاترات من أى نوع. ترى هل يرجع ذلك إلى شعورة الباطنى بالتفرد؟
كان لنشأة سيد حجاب فى مدينة المطرية بمحافظة بالدقهلية ـ تأثير كبير عليه، حيث إن مدينه المطريه هى مدينة للصيادين ومن الجلوس إلى أمسيات الصيادين والاستماع إلى أزجالهم ومع أبيه الشاعر، كانت بدايته وقد تعرف بعد ذلك على الشاعر عبد الرحمن الأبنودى ومن بعده صلاح جاهين، ولفت نظرهما بطبيعة الحال.

سيد حجاب- عمار الشريعى
كان لقاء سيد حجاب بالموسيقار عمار الشريعى لقاءً قدريًا وبمعنى آخر كان حتمية فنية إن جار التعبير. ارتبط اسم سيد حجاب بعمار الشريعى منذ أمد طويل، فقد كان الموسيقار الراحل واحدًا من أهم الموسيقيين الذين عملوا على تلحين تترات المسلسلات وخاصة فى شهر رمضان ذو نسبة المشاهدة المرتفعة، ومنذ عدة سنوات خلت رددنا ونحن أطفال كلمات تترات مسلسل (أبنائى الأعزاء شكراً) والمعروف باسم آخر وهو مسلسل بابا عبده.. كانت ألحان الشريعى تتلاقى دومًا مع كلمات حجاب وكانهما ولدا سويًا من نفس الرحم الإبداعى, كلمات تتخلخل داخل الوجدان تصاحبها ألحان لا تقل عنها جمالاً وإبداعًا ولا أحسبنى مبالغًا إن زعمت أن سيد حجاب بكلماته قد أضفى على تترات المسلسلات وأعطى لها من الأهمية ولفت الانتباه إلى أهميتها وأنه فى طليعة المؤلفين الذين يُعزى إليهم تعلق الناس بتترات مسلسل من المسلسلات وتردديدهم إياه قدر تعلقهم بأحداثه سواءً بسواء وما هى إلا سنوات قلائل، حتى انضم إليهما المؤلف أسامة أنور عكاشة ليقوم هذا الجمع الفنى (المؤلف – الشاعر – الملحن) بإتحافنا بأجمل الأعمال وأكثرها عذوبة وتعلقًا بالوجدان.

سيد حجاب - على الحجار
كان الفنان على الحجار هو أكثر الفنانين الذين ارتبط اسمهم باسم حجاب وهذا ليس غريبًا، فطبقات صوت الحجار ونوعية الأغانى التى من الممكن أن يؤديها والأفكار التى من المتوقع أن يعبر عنها كامنة بين ثنايا أشعار سيد حجاب، وكان للفنان على الحجار أيضًا نصيب لا بأس به من الأعمال التليفزيونية التى قام سيد حجاب بكتابة تتراتها، وكما ذكرنا فى أول المقام فإن كلمات مسلسل الأيام عالقة بوجدان كل من تابع المسلسل حين عرضه وأيضًا حينما يعاد من حين لآخر.
سيد حجاب- الفوازير
لا يعرف الكثيرون أن الشاعر سيد حجاب قام بكتابة الفوازير وكان ذلك فى عام 1993، والتى قامت ببطولتها الفنانة الرقيقة شريهان. وقد أثارت الفوازير آنذاك ضجة ولم يتقبلها الكثير من المشاهدين نظراً لصعوبتها من وجه نظرهم. وذلك لأن سيد حجاب عندما كتب الفوازير لم يكتبها بقلم مؤلف الأغانى بل كتبها بقلم الفيلسوف، وكان الناس معتادين على الأفكار السهلة والتناول السهل، وكانت حلقة الفوازير بالنسبة لهم مجرد تسلية لا أكثر ولا أقل ولم يعتادوا، وهم دائمًا كذلك على إعمال عقولهم فيما يتلقونه وخاصة إذا تعلق الأمر بعمل فنى المفترض فيه التسلية ليس أكثر، وكانت تناول حجاب للفوازير تناولاً جديداً على المشاهدين. كتب سيد حجاب الفوازير بفكرة العامل المشترك بين المشاهد، بمعنى أن يربط المشاهد الفكرة المشتركة بين كل مشهد، ليصل إلى الحل والى اسم الشىء المراد. ولكن هيهات. فالمشاهدون لا يريدون إلا السهل. وسيد حجاب ليس سهلاً على الإطلاق بل هو أبعد ما يكون عن البساطة والسهولة فى كل أعماله.
سيد حجاب أيقونة مصرية. ... فيلسوف ومفكر. ... ستبقى كلمات سيد حجاب زمناً طويلاً عالقة بالضمير الجمعى لدى المصريين. .. سوف تنتقل مع الأجيال . .. وسوف تُعمر طويلاً . .. فإن الفن الحقيقى لا يضمُر.
مثل الأرابيسك يبقى ويزداد تألقاً مع (الأيام).