د. محمد سيف

أنفلونزا القطط والكلاب

الجمعة، 13 نوفمبر 2009 06:41 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لقد أثار الإعلان عن اكتشاف أول حالة من حالات أنفلونزا الخنازير فى القطط، كثيرا من المخاوف داخل الأوساط العلمية والطبية، حول إمكانية توطن الفيروس الجديد من فيروسات الأنفلونزا H1N1 لفترات طويلة، مع سرعة انتشاره على نطاق أوسع داخل المجتمعات البشرية وفى أوساط الحيوانات المنزلية، فلقد كان معروفا لعقود طويلة أن فيروس الأنفلونزا لا يصيب القطط والكلاب حتى تم اكتشاف أول حالة إصابة بفيروسات الأنفلونزا فى الكلاب والقطط فى عام 2004، مع اختلاف نوع الفيروس من فيروسات الأنفلونزا المسبب للمرض واختلاف أماكن الاكتشاف.

ففى عام 2004 فى حلبة سباق الكلاب بولاية فلوريدا الأمريكية، تم اكتشاف حالات من الإصابة التنفسية غير معروفة السبب فى كلاب السباق، وبالكشف عنها تبين أنها حالات إصابة بفيروس أنفلونزا الخيول H3N8 والذى لم يكن معروفا عنه إصابته للكلاب، مما دلل على قدرة هذا الفيروس على التحور وتخطى السلالة الحيوانية التى يصيبها وهى الخيول ليصيب سلالة حيوانية أخرى ألا وهى الكلاب.

وسرعان ما بدأ المرض فى الانتشار بين كلاب السباق فى الولايات المتحدة، ليتم تسجيل الإصابة فى عدد ثلاثين ولاية على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية فى عام 2008، بمعدل تفشى للمرض بين الكلاب بنسبة 80% ونفوق (وفاة) 1- 5 %، ومن ثم أصبح هذا الميكروب متوطنا بين الكلاب ليسجل وباء جديدا عرف بوباء أنفلونزا الكلاب H3N8 ، الأمر الذى يلقى بظلاله على احتمالية تحور هذا النوع من فيروسات الأنفلونزا ليصبح قادرا على الانتقال للإنسان، ولكنه حتى الآن لم تسجل حالات إصابة للإنسان بهذا النوع من فيروسات الأنفلونزا.

وفى نفس العام (2004) فى بانكوك بتايلاند، تم رصد حالات إصابات ونفوق بين القطط والنمور والسباع نتيجة الإصابة بميكروب أنفلونزا الطيور H5N1 وبين عامى 2006 و2007 تم رصد حالات إصابة فى كل من العراق وألمانيا والنمسا وإندونيسيا بين القطط، وفى السياق نفسه وفى عام 2006 أعلنت هيئة ال BBC البريطانية عن اكتشاف حالة لكلب نفق نتيجة للإصابة بأنفلونزا الطيور H5N1 فى أذريبجان، ولكن ظلت الإصابات محصورة فقط فى القطط أو الكلاب التى تعرضت لطيور مصابة بالميكروب H5N1 ولم يحدث انتشار للوباء بين القطط أو الكلاب، ولم تسجل حالات إصابة للبشر بهذا الميكروب عن طريق القطط أو الكلاب حتى الآن، ولكن الأمر يحتاج إلى مزيد رصد و تتبع لهذا الوباء فى الحيوانات الأليفة والمنزلية ومدى إمكانية أن تكون سببا فى نقل هذا الميكروب للإنسان.

ولكن قد يكون الأمر مختلفا فيما يتعلق بالحالة الأخيرة من حالات الإصابة بأنفلونزا الخنازير التى أصابت القطط، فنحن نتكلم عن حالة إصابة فى الحيوان انتقلت إليه عن طريق البشر، وإن لم تكن حالة الاصابة الأولى للحيوان عن طريق البشر فقد سبق أن سجلت حالة إصابة لمزرعة خنازير فى كندا من مزارع كندى مصاب بأنفلونزا الخنازير، وأيضا تمت إصابة مزرعة للرومى فى أمريكا من مربى دواجن مصاب بالمرض..

وكون أن المرض أصبح ساريا بين البشر فقد يكون بالتبعية له ذات القدرة على السريان بين الحيوانات التى ينتقل إليها المرض من البشر، على عكس الحال فيما يتعلق بمرض أنفلونزا الطيور والتى انحصرت فيه الإصابة بين الطيور المصابة والحيوانات التى تعرضت لهذه الطيور.

ويبقى سؤال: هل من الممكن أن يتكرر هذا السيناريو الحادث فى أمريكا فى أماكن أخرى من العالم؟ فيتحور الفيروس ويصبح قادرا على أن ينتقل من البشر إلى القطط؟ نقول نعم اذا توفرت للفيروس نفس الظروف والاشتراطات التى توفرت للفيروس فى أمريكا، أو أن يحمل مواطنا أمريكيا هذا الفيروس المتحور معه إلى بلد من بلدان العالم، أو أن تصبح هذه حالة شاذة قد لا تتكرر أو أن يصبح الأمر محصورا فقط فى الولايات المتحدة الأمريكية.

وعلى الرغم من أن وباء H1N1 اصبح وباء بشريا، كما أنه لم يتم رصد حالات إصابة بفيروس أنفلونزا الخنازير فى الكلاب، ولم يرصد انتقال الوباء بين القطط ولم تسجل حالات إصابة للبشر من القطط والكلاب، إلا أن كل الاحتمالات ما زالت مفتوحة أمام هذا النوع من الفيروسات التى تملك القدرة على التحور لتصبح قادرة على إصابة كافة الكائنات ومن بينها البشر، ومن ثم لابد من وجود رصد مستمر ومتابعة متلاحقة للإصابات فى الحيوانات المنزلية للتعرف على دورها فى إمكانية نشر الوباء بين البشر، وهذا دور أصيل للجهات العلمية البيطرية تدعمها فيه الجهات الصحية المعنية.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة