بسبب غموض السياسات.. والمنافسة غير العادلة.. والفساد

البنك الدولى: القطاع الخاص لا يستطيع قيادة النمو فى الشرق الأوسط

الإثنين، 09 نوفمبر 2009 11:04 م
البنك الدولى: القطاع الخاص لا يستطيع قيادة النمو فى الشرق الأوسط البنك الدولى يعيب على القطاع الخاص عجزه عن توفير فرص عمل كافية
كتب محمود عسكر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أكد تقرير حديث صادر عن إدارة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى البنك الدولى بعنوان "من الامتيازات إلى المنافسة: فك قيود النمو الذى يقوده القطاع الخاص فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، أن القطاع الخاص لم يصل بعد إلى المستوى الذى يمكنه من خلق فرص عمل بأعداد كافية ومواصلة معدلات نمو اقتصادى أعلى فى المنطقة.

وقال التقرير إنه من الضرورى تعزيز دور القطاع الخاص فى ضوء حاجة المنطقة إلى خلق حوالى 40 مليون فرصة عمل جديدة فى السنوات العشر القادمة، ولكى يتحقق ذلك تحتاج بلدان المنطقة إلى الحد من الصلاحيات التقديرية فى بيئة الأعمال التجارية بغرض تشجيع المزيد من رواد الأعمال على الاستثمار، ويجب تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص أمام كافة مؤسسات الأعمال فى المنطقة، وهو ما يتطلب زيادة الشفافية وتقوية المؤسسات والهيئات المعنية بتطبيق القوانين والإجراءات الحكومية.

وأشار التقرير إلى أن الإصلاحات التى تم تطبيقها خلال العقدين الأخيرين أتاحت لمؤسسات الأعمال الخاصة أن تصبح المصدر الرئيسى للدخل فى بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك إذا استثنينا قطاعى الهيدروكربونات والتعدين، إلا أن القطاع الخاص ما زال غير قادر على تحويل بلدان المنطقة إلى اقتصادات تتمتع بالتنوع والحيوية وذات معدلات عالية النمو الاقتصادى المستدام، وإذا كانت نسبة استثمارات القطاع الخاص تبلغ فى المتوسط نحو 15% من إجمالى الناتج المحلى، ما زالت المنطقة متأخرة كثيرا عن المناطق الأخرى الأكثر نشاطا وديناميكية، وشهدت بلدان المنطقة زيادة فى تنوع صادراتها فى الفترة الأخيرة، إلا أن البلدان ذات الأداء الأفضل فى المنطقة تقوم بتصدير حوالى 1500 سلعة – يعانى معظمها من تدنى المحتوى التكنولوجى - مقابل ما يقرب 4 آلاف سلعة للتصدير فى بلدان مثل بولندا أو ماليزيا أو تركيا.

ولفت التقرير إلى أنه رغم تسارع وتيرة إصلاحات مناخ الاستثمار فى الكثير من بلدان المنطقة، فإن القضية لا تنحصر فقط فى نطاق الإصلاحات، ولكن أيضا فى كيفية تنفيذها، وفقا للتقرير شهدت استثمارات القطاع الخاص فى المنطقة فى إطار الاستجابة للإصلاحات السابقة زيادة متواضعة للغاية بنسبة 2% من إجمالى الناتج المحلي، ذلك مقارنة بنسبة 5 إلى 10% فى آسيا ولأوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية، ويرجع السبب فى الأثر المحدود للإصلاحات فى المنطقة إلى تطبيق السياسات على نحو متفاوت ولا يمكن التنبؤ به، مما أدى إلى افتقار المصداقية فى عيون الكثير من المستثمرين، وتوضح استقصاءات البنك الدولى فى المنطقة أن حوالى 60% من مديرى مؤسسات الأعمال يرون أن القوانين والإجراءات الحكومية لا يتم تطبيقها فى المنطقة بصورة منتظمة يمكن التنبؤ بها وتبين كذلك أن غموض السياسات والمنافسة غير العادلة والفساد تشكل جميع مخاوف رئيسية تؤرق المستثمرين.

وقال التقرير إنه فى ضوء افتقار الأعمال التجارية إلى تكافؤ الفرص، ثمة تباطؤ فى دخول أجيال جديدة من أصحاب مؤسسات ورواد الأعمال إلى الأسواق والمنافسة مع الشركات القائمة، ويقدر التقرير أن عدد الشركات المسجلة لكل ألف شخص يقل عن ثلث مثيله فى منطقة أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى، وبالنظر إلى انخفاض معدل دخول الشركات إلى الأسواق وخروجها يزيد متوسط عمر الشركة بواقع 10 أعوام على نظيره فى منطقتى شرق أسيا وأوروبا الشرقية.

ووفقا للتقرير سيتطلب إطلاق العنان لإمكانات تنظيم المشاريع فى المنطقة الانتقال من الامتيازات العميقة الجذور إلى ترسيخ تكافؤ الفرص فى التعامل مع المستثمرين.

وقالت شامشاد أختار، نائبة رئيس البنك الدولى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن المنطقة غنية برأسمالها البشرى الهائل وطاقات الإبداع والابتكار والموارد، وتمتلك إمكانات هائلة لتحقيق النمو، وسيتطلب إطلاق هذه الإمكانات والطاقات التزاما صادقا بالحد من الصلاحيات التقديرية، وضمان المساواة فى تطبيق القوانين والإجراءات الحكومية، حتى يتسنى للمزيد من أصحاب مؤسسات ورواد الأعمال الاستثمار وخلق فرص العمل.

ودعا التقرير إلى اعتماد إستراتيجية ذات ثلاث ركائز من أجل بناء أسس أكثر قوة وصلابة لتحقيق النمو الأطول أمدا أولا: أن تعمل الحكومات على إزالة كافة المعوقات الرسمية وغير الرسمية التى تعترض سبيل المنافسة، ومن الضرورى الحد من الأوضاع المتميزة وتضارب المصالح أينما وجدت بين الموظفين العموميين ومستثمرى القطاع الخاص، وثانى: يجب مساندة إصلاح السياسات من خلال تدعيم المؤسسات التى تضطلع بتنظيم عمل الأسواق والتعامل مع الشركات بغرض الحد من التدخل والصلاحيات التقديرية فى تطبيق القوانين والإجراءات الحكومية، وأضافت شامشاد أختار "ولإدخال تحسينات حقيقية على بيئة الأعمال التجارية بالنسبة لجميع الأطراف فى المنطقة، يجب أن تشكل الشفافية والمساءلة والجودة النوعية للخدمات فى الهيئات والمصالح الحكومية محورا أساسيا فى جوهر أجندة الإصلاح، ثالثا: تشجيع إقامة علاقة شراكة بين القطاعين العام والخاص بحيث يمكن حشد كافة الأطراف المعنية صاحبة المصلحة المباشرة فى مراحل تصميم وتنفيذ وتقييم السياسات الاقتصادية، فعندئذ فقط سيكون ممكنا بناء توافق فى الآراء حول الإصلاحات وستعزز المصداقية، كما أن وجود حوار أكثر انفتاحا بين الحكومات والقطاع الخاص سيساعد فى توفير سبل الحماية ضد تغليب المصالح الضيقة على المصلحة العامة.

واستطردت شامشاد: يقع على عاتق القطاع الخاص أيضا مسئولية فى تنفيذ هذه الأجندة، ولكن كثيرا ما يكون صوت القطاع الخاص تحت هيمنة الأطراف المؤيدة للإبقاء على الوضع الراهن حتى يتسنى لها الحفاظ على امتيازاتها، ونتيجة لذلك تعانى المنطقة بالفعل من بطء دخول جيل جديد من أصحاب مؤسسات ورواد الأعمال، وستكون قدرتهم على التأثير على اتجاه الإصلاحات فى المستقبل بالغة الأهمية.

وأكد التقرير ضرورة أن يكون القطاع الخاص فى المنطقة عنصر تغيير أكثر قوة ويجب أن يكون أوسع شمولا للأطراف المعنية، وأن يتسم بحسن التنظيم فى سعيه للمطالبة بالإصلاحات التى تعود بالنفع على كافة الشركات.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة