"تجربة حياة".. عن رؤى نوال السعداوى وشريف حتاتة للأدب

الجمعة، 07 مارس 2014 01:32 م
"تجربة حياة".. عن رؤى نوال السعداوى وشريف حتاتة للأدب الكاتبة نوال السعداوى
(رويترز)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تقدم الكاتبة المصرية أمل الجمل قراءة هادئة وعقلانية لمشروع الطبيبين نوال السعداوى وشريف حتاتة، والذى عبرا عنه بالإبداع الأدبى ودراسات فكرية استهدفت عبر نحو نصف قرن تغيير أفكار "المجتمع الذكورى" عن المرأة والانتصار لحق الإنسان فى الحرية.

فالسعداوى التى تقول إنها ولدت "أنثى فى عالم لا يريد إلا الذكور" ترى أن المجتمع المصرى لأسباب كثيرة وتقاليد موروثة معقدة قصر دور المرأة على "الإنجاب وخدمة الزوج والأولاد" ولهذا السبب يقطع عليها الطريق إلى حياة جنسية سوية بعد الزواج باللجوء إلى الختان فى سن مبكرة وهو ما ظلت السعداوى تحاربه لعدة عقود إلى أن صدر قرار حكومى عام 2008 بتجريم عمليات ختان الإناث.

ومن المفارقات أنها فقدت منصبها عام 1972 كمديرة للصحة العامة بوزارة الصحة المصرية بسبب كتاب (المرأة والجنس) الذى تستعرض فيه الانتهاك الجسدى للأنثى "فهل كان لا بد أن تمر كل هذه الأعوام حتى يفيق المجتمع ويدرك أهمية أفكار وكتابات نوال" كما تتساءل المؤلفة.

أما حتاتة فيعترف بوقوع اضطهاد من المرأة للمرأة أكثر من اضطهاد الرجل لها ويفسر ذلك بلجوء النساء لإفراغ طاقة الغضب -الناتجة عن اضطهاد المجتمع لهن- فى الطرف الأضعف وهو المرأة لأن النساء "لا يستطعن ممارسة القهر على الرجل... الخوف من الرجال يحكم الكثير من تصرفات النساء."

وكتاب (نوال السعداوى وشريف حتاتة.. تجربة حياة) الذى يقع فى 251 صفحة كبيرة القطع أصدره (مركز المحروسة) فى القاهرة وهو محصلة محاورات مطولة تقترب فيها المؤلفة من عالم السعداوى وحتاتة الذى يقول إنه لا يستطيع -بسبب ما أدت إليه الكتابة من متاعب ومشكلات- البوح إلا بشىء من أفكاره "فما هو مختبئ أهم وأخطر.. لكنى لم أكتبه وربما لو كتبته لن يقف معى أحد.. ولن ينشره لى أحد" فى إشارة إلى سطوة الضغوط الاجتماعية.

ومقدمة الكتاب قطعة أدبية فريدة من السيرة الذاتية لمؤلفة تحكى بصراحة جارحة عن عمليات ختان كانت تتم بتواطؤ الأهل وأطباء لا يترددون فى إعادة إجراء الختان إذا أجرى فى المرة الأولى على وجه غير كاف وترك بقايا ربما لا تحمى "البنت وتصونها من الغلط".

وكان كتاب (المرأة والجنس) للسعداوى إضاءة مهمة فى سبيل ما تصفه المؤلفة بأنه تحرير للعقل إذ "هدأ (الكتاب) من روعى وحماني... أفكارها تخاطب عقلي" فى مجتمع ينظر إلى المرأة بكثير من الدونية حتى إنه إذا أراد أحد أن يهين رجلا فلا أكثر من أن "يصفه بأنه امرأة".

وأمل الجمل التى نالت درجة الدكتوراه فى النقد السينمائى كتبت سيناريو عدد من الأفلام التسجيلية ولها مؤلفات منها (الإنتاج المشترك فى السينما المصرية) و(يوسف شاهين وتجربة الإنتاج المشترك) و(القتلة بين هيمنجواى وتاركوفسكى) وهو قراءة تحليلية مقارنة بين قصة (القتلة) للروائى الأمريكى أرنست هيمنجواى والفيلم الروسى المقتبس منها للمخرج الروسى أندريه تاركوفسكى.

وتقول المؤلفة إن السعداوى التى ولدت عام 1930 كرست "مشروعها الفكرى لكشف حقيقة النظام الأبوي... لعب الدور الأكبر فى بلورة هذا المشروع جرأتها على اقتحام المحظورات.. الدين والجنس والسياسة بأسلوب عقلاني... ساعدها فى ذلك قلمها العلمى والأدبى الواعى بقضية المرأة وبنشأة العلاقات المشوهة بين الذكر والأنثى عبر التاريخ" وهى ترى أن السعداوى تعرضت لكثير من التعتيم الإعلامى فى مصر وإلى تشويه أفكارها التى تنشد العدالة والكرامة الإنسانية.

وتضيف أن السعداوى تمردت منذ الصغر ورفضت فكرة أن "جسدها عورة" فالتحقت بكلية الطب ثم أرادت الزواج من زميلها فى الكلية أحمد حلمى ولكن الأسرة رفضته لعدم قدرته على تقديم شبكة ومهر فتحدت نوال تقاليد العائلة واستهجان صديقاتها وتزوجت زميلها عقب تخرجها عام 1955 وكان لا يزال طالبا.

وتسجل المؤلفة أن حتاتة ونوال تزوجا عام 1964 إذ "كانت الأفكار الأساسية والقيم التى يؤمنان بها متقاربة... كان سندا قويا لها فى كل معاركها ومواقفها وكتاباتها" التى كانت مصدر سعادتها وشقائها أيضا.

فتقول إن كتاباتها تسببت فى رفع قضية "للتفريق بينها وبين زوجها الروائى الطبيب شريف حتاتة استنادا إلى نظام الحسبة" ولكنها حصلت على حكم برفض القضية عام 2001 وإن الأزهر أصدر عام 2004 "قرارا بمنع نشر ومصادرة روايتيها (سقوط الإمام) و(الرواية)" فى حين تلقى كتاباتها تقدير كثير من مؤسسات ومنظمات معنية بقضايا المرأة فى الخارج.

وتسجل أمل الجمل أن حتاتة ابن الأثرياء الذى ولد فى لندن لأب مصرى وأم إنجليزية وقضى سنواته الخمس الأولى فى بريطانيا "ضحى بمهنة الطب.. ليصبح مناضلا ثوريا... نتيجة آرائه وأفكاره اليسارية عن القيم الإنسانية والعدالة قضى خمسة عشر عاما.. خلف القضبان" بعد أن اختار الانضمام إلى التنظيمات اليسارية.

وتضيف أنه حمل أسماء حركية منها "عزيز" خلال النضال السرى فى صفوف اليسار المصرى و"محمد الشامي" أثناء هروبه إلى فرنسا عام 1950 و"عبد القادر التلمسانى" وهو اسم المخرج السينمائى المصرى (1924-2003) الذى منح حتاتة جواز سفره ليستخدمه بعد تزويره حتى يتمكن من العودة به من فرنسا إلى مصر عبر إيطاليا عام 1952.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة