سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 4 مارس 1928.. الحكومة ترفض معاهدة رئيسها "ثروت باشا" مع الاحتلال البريطانى

الثلاثاء، 04 مارس 2014 08:40 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 4 مارس 1928.. الحكومة ترفض معاهدة رئيسها "ثروت باشا" مع الاحتلال البريطانى سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ألح مصطفى النحاس باشا على رئيس الوزراء عبد الخالق ثروت باشا، أن يفضى إليه بما أسفرت عنه مباحثاته مع الحكومة البريطانية أثناء زيارته إلى لندن من 30 أكتوبر حتى منتصف نوفمبر 1927.

كان النحاس باشا وقتئذ رئيسا لحزب الوفد من يوم 26 سبتمبر خلفا للزعيم سعد زغلول الذى توفى يوم 23 أغسطس 1927، وكان ثروت باشا رئيسا لحكومة ائتلافية، ولما بلغه وهو فى أوربا نبأ وفاة سعد زغلول عاد يوم 10 سبتمبر، وظل بالقاهرة وشارك فى حفل "أربعين سعد "، وفى 30 أكتوبر بلغ لندن، ليواصل المفاوضات التى سأله عنها " النحاس " باشا، وأبقاها سرا مكتوما لا يريد أن يطلع عليه أحد، لا برلمان، ولا حكومة، ولا صحافة، ولا أصدقاء، لكنه أخيرا خضع لإلحاح " النحاس" وتكلم.

كشف "ثروت" لـ"النحاس"، عن أن المفاوضات التى أجراها مع وزير الخارجية البريطانى " السير أوستن تشمبرلى "، انتهت لمشروع معاهدة،وزاد "ثروت ":" أنا قبلت معظم بنودها الجوهرية يا مصطفى باشا"،سأله "النحاس" عن قواعد هذه المعاهدة، فرد " ثروت " بإطلاعه على نصوصها كاملة.

يتحدث عبد الرحمن الرافعى فى كتابه:" فى أعقاب الثورة المصرية _ ثورة 1919 " عن هذه القصة،ويأتى فيها ببنود المعاهدة وتبلغ 14 بندا،تعزز جميعها الاحتلال البريطانى على مصر، ومنها، أن لا تتخذ الحكومة المصرية أى موقف فى البلاد الأخرى يفضى إلى إثارة صعوبات لبريطانيا، وألا تعقد مع أى دولة اتفاقا يضر المصالح البريطانية،و تخول مصر لبريطانيا الحق فى إبقاء قواتها العسكرية فى أى مكان فيها، ولزمن غير محدود،وحظر الطيران المصرى فوق شقة من الأراضى عرضها 20 كم على جانبى قناة السويس، ويكون للرعايا البريطانيين الأفضلية لو احتاجت الحكومة لموظفين أجانب.

قراءة المعاهدة لأول وهلة تؤكد على أنها لا تعزز بقاء الاحتلال فحسب، وإنما تمنع التنفس لمصر،وبعد مناقشة حزب الوفد لها، قرر رفضها، وقال "النحاس" لـ"ثروت" إنه لا لزوم لعرضها على البرلمان، بل يكفى أن ترفضها الحكومة، فالمشاريع التى تعرض على البرلمان هى التى تقبلها الحكومة مبدئيا".

عقد مجلس الوزراء اجتماعه فى مثل هذا اليوم (4 مارس 1928)، وجد أمامه المعاهدة، فناقشها ليقرر فى النهاية: "مشروع المعاهدة لا يتفق فى أساسه ونصوصه مع استقلال البلاد وسيادتها، ويجعل الاحتلال العسكرى البريطانى شرعيا".

كان الرفض صدمة لبريطانيا دفعتها إلى التهديد والوعيد، وكان مثيرا ل" ثروت باشا " الذى لم يكن مع رأى زملاءه الوزراء فى رفضها، فقدم استقالته من رئاسة الوزراء إلى الملك فؤاد فى نفس اليوم، متعللا بظروفه الصحية، لكن رفض المعاهدة كان هو الأساس.

طوت قصة هذه المعاهدة حياة عبد الخالق ثروت باشا السياسية، حيث توفى بعد رفضها بشهور قليلة (22 سبتمبر) تاركا إرثا سياسيا وطنيا، وآراء طيبة فيه منها ما ذكره الدكتور طه حسين عميد الأدب العربى:" كان عظيم مصر، رجاحة حلم، نفاذ صبر، ذكاء فؤاد وسعة حيلة وتفوقا فى السياسة".








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة