د.إبراهيم عبد العليم حنفى

حرب الـ"سى ديهات"

الجمعة، 23 أكتوبر 2009 07:08 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنا منذ عشر سنوات وقبل أن تمتد إلينا يد تطور الهاتف المحمول وكاميراته كافيين خيرنا شرنا والحمد لله محكومين بالتليفون المنزلى، وكنا نخشى منه زيادة المكالمات التى قد ترهق ميزانياتنا، فبعضنا كان يضع عليه قفلاً لترشيد الاستهلاك، ولكن ما أن حل علينا المحمول حتى انطلقت الأموال بقدرة قادر بيسر وخصصت له ميزانية وللى معاه قرش محيره يجب له حمام وطيره، وبلهفة شديدة أسرعنا بالحصول على موبايل بكاميرا، وكان هذا هو الخطر الذى لم يكن فى الحسبان بما شكل من خوف ورعب، لأن يستغل هذا ضد تقاليدنا وعاداتنا فقد يسجل لك شخص ما تحركاتك والتفاتاتك وهمساتك وعدد أنفاسك وقد تنشر على الإنترنت لدرجة أن الشك يساور كل إنسان، فقد يفاجأ بوجود صوره على الإنترنت وعلى موقع اليوتيوب وغيرها، فالكل بات مكشوفاً للآخر وهذا خطر سيظل يهدد أمن كل مواطن والدخول فى سراديب الحياة الخاصة. لقد تربينا على أن نغلق الأبواب، لأن الحيطان لها ودان، ولكن الآن فتحت على البحرى وهدمت الأسوار لتتلصص الكاميرات ويتلذذ أصحاب النفوس الضعيفة واصطيادها فى الماء العكر، فعكرت صفو الأسر المصرية وباتت تؤرقها أينما ذهب.

إن التطور التكنولوجى من مميزاته مساعدة البشرية على الإنجاز والتقدم لعالم أفضل ينعم ويرتقى للأحسن، إنه حد السكين الذى يقتل من ناحية ويمكن له أن يفيد من ناحية أخرى، فبدلاً من نستخدم هذا الهاتف فى إنجاز عمل ما وتوثيقه صوتاً وصورة ذهب البعض للحد الآخر من السكين وهو القتل فراح يقتل المشاعر يؤذى الآذان ويحزن القلوب بمشاهد لا تليق وألفاظ نابية تخدش الحياة، بل قد يزيد الطين بلة قد تسجل على "سى دى" ينتشر بسرعة البرق وكأنه إنجاز علمى يسرع البعض إليه بشغف وبشراهة غير معهودة لتقاليدنا المعروفة حتى أصبحت إلى حد ما سمة من أخطر السمات التى يجب القضاء عليها.

نحن شعب أولى بمعلومة علمية وبسبق علمى وبإنجاز أدبى وبتنمية شاملة للوعى والفكر والأداء، لا أن نتحول إلى قاع المجتمعات. ما فائدة أن نرى "سى دى" يشين شخصاً ما أو مجموعة ما. ما العائد علينا كمجتمع وما الدافع وراء ذلك غير العبث والجرى وراء الفضائح التى لا تفيد.

ألا من قانون جديد يجرم التسجيل والتصوير بهذا الجهاز العجيب، وفيما أعتقد حسب معلوماتى أن من يقوم بتسجيل لشخص ما دون إذن من النيابة العامة يعد مخالفاً وقد يخضع للعقاب فهل هناك آلية تحمى وتطمئن ملايين الأسر؟

فكم من عالم اخترع دواءً وكم من مكتشف دأب سنوات حتى وصل لاكتشافه، ولم نسمع عنه إلا قليلاً ولم ينتشر له "سى دى" ولم تتداول عنه المعلومات حتى يقتضى به كل فرد ويكون نواة حقيقة لتنمية عالم أو مثقف أو تنوير الناس بعامة، فكم من كلمة أو عبارة بنت عالماً أو أديباً وليس "سى دى" فاضحاً.

إنها طامة كبرى فى الأخلاق والقيم يحملها قرص الكمبيوتر المستدير من اصطياد الأخطاء ولقطات قد تكون مفبركة أو صادقة لشخصيات عامة لا تعنى الناس فى شىء، فهل فى معمعة الأسعار والأزمة الاقتصادية والأزمات السياسية، التعليمية وأنفلونزا الخنازير والرعب منها محاولة التصدى لها نذهب بعيداً هرباً واستتاراً ومشاهدة ما لا ينفعنا بشىء سوى تطاحن بعض الشخصيات أو الاتهامات وسجالها الذى لا ينتهى.

ماذا قدم المتصيدون من فائدة للشعب؟! إنها حروب كلامية أو درامية أو دعائية لا ناقة للشعب فيها ولا جمل، فكيف يقحم فيها؟!









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة