حين يكون كل شىء للبيع فأنت مع ذئب وول ستريت

الخميس، 16 يناير 2014 02:17 م
حين يكون كل شىء للبيع فأنت مع ذئب وول ستريت صورة أرشيفية
كتبت : حنان شومان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقلاً عن اليومى..
ما الفرق بين أهل الشرق ونحن منهم وبين أهل الغرب أصحاب العيون الملونة والشعر الأصفر؟.. فروق كثيرة أولها ما ذكرته من بعض الخصائص الشكلية والتى لا حيلة لنا أو لهم فيها ولكن هناك بالتأكيد فرق جوهرى بيننا وبينهم، لنا ولهم فيه حيلة ويد، فنحن نكذب ونتجمل أما هم فلا يكذبون حتى لو تجملوا وإذا كذبوا لا يهربون بكذبهم أما نحن فمن يكذب هو الهارب الذى نصفق له ونعتبره «ناصح وشاطر».

نحن نكذب ونتجمل حين نتحدث أو نكتب خاصة عن أنفسنا فكم من مرة سمعت نجما فى أى مجال حين يسألونه ما هى عيوبك يقول عيبى أنى صادق ويعلم الله أنه كاذب حتى وهو يقول إنه صادق، بينما حين يكتب أو يتحدث نجم أيا كان مجاله فى الغرب ويسألوه ذات السؤال، يرد بعديد من النقائص البشرية التى يلصقها بشخصه ذلك لأنه صادق.

وذلك هو أهم ما رأيته إلى جانب أشياء أخرى فى ذئب وول ستريت أو The Wolf of Wall Street أحدث أفلام مارتن سكورسيزى وبطولة ليونارد دى كابريو والذى يعرض حاليا، فالفيلم مأخوذ عن سيرة ذاتية كتبها جوردن بلفورت رجل البورصة الأمريكى وصاحب شركة الأوراق المالية الذى كتب قصة حياته فى صيغة مذكرات تنافس على شرائها كل من النجمين براد بيت ودى كابريو وفاز بشرائها الأخير ليتحول إلى فيلم يقوم ببطولته وينتجه مع مخرجه المفضل سكورسيزى الذى شارك أيضا فى إنتاجه فى تعاون مشترك هو الخامس فى حياتهما الفنية معا.

يحكى الفيلم كيف بدأ جوردن بلفورت حياته فى البورصة وكيف أن أستاذه الأول قال له إن إدمان المخدرات والنساء هما سبب نجاحه وبالفعل يبدأ جوردون أولى خطواته فى العمل والنجاح.

ثم يأتى الاثنين الأسود على بورصة نيويورك ليجد نفسه بلا عمل ولكن زوجته تدفعه للعمل فى شركة صغيرة تلعب فى الأسهم الصغيرة جدا فى البورصة ثم يقرر أن ينشئ شركته الخاصة مع مجموعة من مروجى المارجوانا ويعلمهم كيف يمكن أن يبيع الإنسان أى شىء وينجحوا نجاحا ساحقا ولكن أغلب نجاحاتهم تكون بالغش والتدليس ليتحولوا إلى مليارديرات وكل من يعمل معهم كذلك ويغرقون فى الإدمان والفساد بكل صوره.

ولكن لا شىء يبقى على حاله كما الحياة ففسادهم فاحت رائحته ووصلت للمباحث الفيدرالية التى قبضت على جوردون وشركائه بعد أن اعترف عليهم ثم خرج من السجن ليعمل كمدرب مبيعات شهير يعلم الناس كيف يمكن أن تبيع أى شىء وكل شىء فى مشهد أخير.

تكلف الفيلم 100 مليون دولار ولكن ما أهونه من مبلغ أمام عمل سينمائى قيم يجعلنا نرى كيف يتحول البشر إلى ترس فى ماكينة من أجل المال الذى لا يجلب السعادة ولكنه يستعبد أصحابه، فى الفيلم والرواية حكى جوردن كل نقائصه وخطاياه ولم يغفل منها شيئا حتى أن هذا الفيلم قد حاز على أعلى فيلم يحمل سبابا فى تاريخ هوليوود، والمثير أن جوردون بلفورت شخصية عامة مازال يعيش ويعمل فى أمريكا كتب المذكرات وتحولت لفيلم ولم يكذب ولم يتجمل من صنعوا عنه فيلما فقط غيروا أسماء بعض الشخصيات مثل زوجتيه ومحاميه ولكن كل شىء صوره على عينك يا تاجر.

مارتن سكورسيزى فى هذا الفيلم يضع لمساته المختلفة التى تجعل من كل فيلم من أفلامه لوحة خاصة فهو يجمع هنا بين التوثيق والرواية حتى أنه دفع بطله أحيانا للحديث فى مواجهة الكاميرا للمشاهد وكأنه يحكى لنا حكايته.

ليونارد دى كابريو النجم الذى بدأ وسيما ثم حولته أدواره واختياراته ومخرجون فى حياته مثل سكورسيزى إلى ممثل من العيار الثقيل يصعب أن يؤدى دورا إلا ويكون اسمه بين قائمة الفائزين بجوائز عالمية عن دوره فى كل فيلم يقوم ببطولته، دى كابريو ممثل أدرك أن الوسامة قد تدفعه إلى الصفوف الأولى ولكنها لن تبقيه فعمل على البقاء وهو باق.

موسيقى الفيلم أحد أقوى أسلحته وكذلك مونتاج الفيلم الذى قامت به ثيلما سكونماكر ولا أظن أن ما تم قطعه من الفيلم من مشاهد إباحية قد أفسد المشاهدة أو التسلسل غير أن من يعرف حقيقة الحفلات الماجنة التى كان يقيمها بلفورت فى حياته الحقيقية يدرك أن سكورسيزى شخصيا لا يستطيع أن ينقل الواقع للخيال السينمائى.

بيع حبك.. بيع ودك.. شوف الشارى مين؟.. تساؤل ونفى غناه حليم فى زمن مضى ولكن مع بلفورت وذئاب المال كل شىء قابل للبيع وهى الحقيقة للأسف.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة