2013.. عام الاختراقات الكبرى فى مجال الطاقة المتجددة

السبت، 28 ديسمبر 2013 08:41 ص
2013.. عام الاختراقات الكبرى فى مجال الطاقة المتجددة الطاقة الشمسية أرشيفية
(أ ش أ)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ربما لا توجد أنباء وتطورات عالمية سارة ومؤثرة بالإيجاب على حياة البشرية فى عام 2013 كتلك التى شهدها مجال الطاقة النظيفة والمتجددة الذى عرف العديد من الإنجازات والاختراقات الجوهرية التى تمثل نقاطًا مضيئة فى مسيرة تحقيق مستقبل عالمى خالٍ من الكربون، فبينما تزداد الأخبار حول التغير المناخى يومًا بعد يوم، إلا أن التطور التكنولوجى المتسارع وانخفاض تكلفة الحصول على الطاقة المتجددة وتصاعد إمكانية الحصول عليها من مصادر متعددة، تمثل علامات فارقة هذا العام فى إمكانية الحد من استخدام المصادر التى تسبب تلوث البيئة والانبعاثات الحرارية.

فقد كان عام 2013 بالغ الأهمية والتميز بالنسبة لصناعات الطاقة النظيفة وللأسواق والمستهلكين، حيث هناك العديد من الإشارات التى تستحق الذكر، منها أن حجم الاستثمارات المخصصة لهذا المجال على المستوى العالمى لا تزال تتجاوز الـ250 مليار دولار، على الرغم من استمرار التأثير السلبى للأزمات المالية والاقتصادية فى الدول الأكبر استثمارًا فى شركات الطاقة المتجددة، حتى وإن انخفض الإجمالى الكلى مقارنة بعام 2012 الذى تم فيه استثمار 281 مليارًا، وذلك وفقًا لبيانات وكالة بلومبيرج التى تتبعت حجم الاستثمارات حتى نهاية الربع الثالث من العام 2013.

وعلى المستوى العملى، يفيد موقع Climate Progress الإلكترونى المتخصص فى دراسات التغير المناخى والطاقة المتجددة، إلى العديد من الاختراقات التكنولوجية فى مجال الطاقة النظيفة، منها: نجاح مصنع سولانا الضخم للطاقة الشمسية فى ولاية أريزونا الأمريكية فى أكتوبر الماضى فى استخدام بطاريات الملح التى تمكن من إنتاج الطاقة الشمسية حتى مع غروب الشمس، حيث تعمل هذه البطاريات على تخزين الطاقة الحرارية فى غياب الشمس أو ضعف طاقتها، وينتج هذا المصنع حاليًا 280 ميجاوات من الطاقة الشمسية.

وفى مايو الماضى تم تطوير جيل جديد من توربينات الرياح استطاعت معاجلة مشكلات التخزين والتقطع، بما يضمن تذليل العقبات السابقة فى إمدادات الكهرباء، حيث تم إنتاج بطاريات فائقة يمكنها تشغيل توربينات الرياح دون الحاجة إلى الكهرباء التى كانت تشغل هذه التوربينات، وهو ما يجعل هذا النوع من الطاقة أكثر جاذبية من الناحية التجارية البحتة، حيث تم تركيب 59 توربينًا جديدًا فى ولاية ميتشيجين، وسيتم تركيب اثنين فى ولاية تكساس.

ومن بين أهم التطورات التى تبعث على التفاؤل هو انخفاض تكلفة الكهرباء المتولدة من الطاقة الشمسية فى الربع الأول من العام 2013 لتكافئ نفس القدر من طاقة الفحم، فإذا كانت تتكلف خلية الطاقة الضوئية الشمسية الواحدة 67.67 دولار لكل وات فى عام 1977، فإنها تبلغ اليوم 0.74 دولار فقط لكل وات، حيث انخفضت تكاليف تركيبات الألواح الشمسية فى مصانع إنتاج الطاقة الشمسية التى لا تحتاج سوى لضوء وطاقة الشمس، ومن ثم فقد ازدهرت هذا العام عمليات شراء الكهرباء من مشروعات الطاقة الشمسية فى أمريكا والهند وإيطاليا، وتشهد العديد من الدول تطورات مهمة فى هذا القطاع.

من جانب آخر، استطاع مصنع سيليكون للطاقة الشمسية هذا العام إنتاج خلايا شمسية رقيقة جدًا حطمت الأرقام القياسية السابقة حول كفاءة تحويل الخلايا الشمسية إلى كهرباء، والتى كانت تتراوح ما بين 18.7% إلى 24%، لتصبح الآن 30%، ما يساعد على إنتاج طاقة كهربائية أكبر فى مساحة ضوئية صغيرة، وهى تكنولوجيا شبيهة لتلك الاستخدامات للشرائح الرقيقة فى الأجهزة الإلكترونية الصغيرة مثل الهواتف الذكية والمحمولة وأجهزة كشف الدخان وأجهزة التحكم والإنذار عن بعد.

وشهد هذا العام كذلك إكمال أول مشروع ضخم على المستوى العالمى لتوليد الطاقة البحرية فى الولايات المتحدة، فبعد خمسة أعوام من العمل، أعلنت شركة المحيط للطاقة المتجددةOcean Renewable Power Company عن انتهاء تثبيت التوربينات بعمق 2200 قدم تحت الماء قرب شاطئ ماين، وهو مشروع تكلف 21 مليار دولار مناصفة بين القطاعين العام والخاص، ويتم حاليًا توليد 280 كيلووات/الساعة من طاقة المد والجزر وإمدادها لشبكات الكهرباء، وسيتم نشر جهازين من هذه التوربينات فى ولاية آلاسكا فى نوفمبر 2014، كما زار وفد يابانى هذا المشروع حيث تسعى اليابان بحلول عام 2030 إلى أن تعتمد فى مصادر الطاقة كلها على نسبة 30% من الطاقة البحرية.

كما بدأت شركة ستات أويل النرويجية المتخصصة فى استخرج النفط والغاز هذا العام فى تطوير جيل جديد من توربينات الرياح البحرية التى تطفو على سطح الماء، وذلك قبالة السواحل الاسكتلندية التى ستكون أكبر مزرعة للرياح العائمة فى العالم، حيث يمكن وضع هذه التوربينات لتصل إلى المياه العميقة حتى 700 متر تحت سطح الماء بدلاً من 60 مترًا فقط فى الوقت الراهن، وهو ما يمكن من توليد طاقة أكبر من البحر، ويجرى التخطيط لإنشاء اثنين من هذه التوربينات العائمة قبالة سواحل فوكوشيما اليابانية لتكون من محطات الكهرباء العائمة فى العالم.

وشهد العام 2013 تطورًا بارزًا آخرًا، ففى نوفمبر الماضى، بدأ مشروع كارنيجى لتسخير أمواج المحيطات لإنتاج المياه العذبة، وذلك قرب بيرث فى أستراليا، حيث سوف يتم استخدام أمواج المحيط بدلا من الوقود الأحفورى والكربون لتشغيل مضخات الوقود التى تستخدم فى عمليات تحلية المياه، وسيسهم هذا المشروع فى توريد مصنع كارنيجى لنحو 55 مليار لتر من المياه العذبة الصالحة للشرب سنويًا.

وفيما يخص طاقة الرياح، أشار ستيفن بيرد، رئيس مؤسسة مورجان ستانلى الأمريكية الشمالية لأسهم الطاقة والمرافق والطاقة المتجددة، خلال ندوة عقدت فى دولة كولومبيا فى نوفمبر الماضى حول الطاقة النظيفة، إلى أن عام 2013 شهد العديد من اتفاقيات شراء الطاقة من مزارع الرياح التى انخفضت تكلفتها جدًا لتصل إلى 25 دولارًا للميجاوات فى الساعة، وهو ما يعنى أن هذا النوع من الطاقة أصبح منافسًا شرسًا لمصانع الوقود الأحفورى.

ويؤكد بيرد على أن المستقبل سيكون لهذا النوع من الطاقة التى لا تكاد تكاليفها المتغيرة تذكر، ويشير إلى أن ولاية أويوا الأمريكية تعتمد حاليًا على 25% من إجمالى الطاقة من طاقة الرياح، ويتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 50% بحلول عام 2018.

وفى مجال السيارات الكهربائية التى تعمل بالطاقة النظيفة، فقد تمكن مختبر أواك ريدج الوطنى بالولايات المتحدة فى مطلع العام 2013 من إنتاج بطاريات أكثر أمانًا وأخف وزنًا وأكثر قدرة على تخزين الطاقة، وذلك باستخدام تكنولوجيا بطاريات الليثيوم التى تعتمد على تكنولوجيا النانو.

وفى هذا الصدد أيضًا، تمكنت شركة نيسان التكنولوجية الرائدة فى النجاح من ربط بطاريات السيارات الكهربائية لتعمل فى ذات الوقت إلى توصيل الطاقة إلى المبانى والمنشآت، وذلك بخلق شبكة أولية تتمكن بها ستة سيارات كهربائية فى أن تتشارك بالطاقة مع أحد المبانى، وهو مشروع سيتطور ليستخدم أشكالا أخرى من الطاقة المتجددة.

وتشير التقارير الصادرة عن الموقع الإلكترونى العالمى للطاقة المتجددة إلى أن الولايات المتحدة تمكنت للمرة الأولى منذ بدء برامج ومشروعات الطاقة النظيفة أن تولد الطاقة الكهربائية من هذه المصادر بشكل يفوق المصادر الأخرى، إذ أصبحت تشكل الطاقة الكهربائية المتولدة من المصادر المتجددة أكثر من 16% من إجمالى الطاقة بالولايات المتحدة، يشمل ذلك المياه بنسبة 8.3%، والرياح بنسبة 5.21%، والمصادر الحيوية بنسبة 1.32%، والطاقة الشمسية بنسبة 0.59%، وطاقة البخار والطاقة الحرارية الأرضية بنسبة 0.33%. هذا خلافًا للطاقة النووية التى تولد 9.22% من احتياجات الطاقة الكهربائية الأمريكية، وتمثل هذه الأرقام نموًا فى كافة مصادر الطاقة المتجددة، باستثناء الطاقة الهيدروليكية (المياه)، يزيد بنسبة 15.9% مقارنة بالعام السابق.

وتشير جمعية بحوث وصناعات الطاقة الشمسية الأمريكية إلى أنه للمرة الأولى منذ 15 عامًا تصبح الولايات المتحدة فى عام 2013 أكثر قدرة فى مجال مشروعات الطاقة الشمسية من ألمانيا رائدة هذا القطاع على المستوى العالمى، فقد استكملت الولايات المتحدة هذا العام تأسيس 400 ألف مشروع للطاقة الشمسية فى أنحاء الأراضى الأمريكية، بنسبة نمو ترتفع إلى 52% داخل هذا القطاع، وتزيد بنسبة 27% عن عام 2012.

وتوضح بيانات وكالة حماية البيئة الأمريكية أن هناك نموا ملحوظا فى إنتاج وقود الديزل الحيوى الذى يتجاوز 1 مليار جالون للسنة الثالثة على التوالى.

ومما لا شك فيه أن هذه التطورات الإيجابية تشير إلى نسبة مرتفعة من التفاؤل حول مواجهة ظاهرة التغير المناخى من خلال المزيد من الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، فقد خلصت وكالة الطاقة الدولية فى تقريرها السنوى لعام 2013 حول توقعات الطاقة العالمية إلى أنه يمكن توفير 50% من الاحتياجات العالمية من الطاقة من توليدها من المصادر النظيفة والمتجددة حتى عام 2035.

وتوقعت أن طاقة الرياح والطاقة الشمسية يمكنهما توفير حوالى 45% من هذه المصادر المتجددة فى حالة التوسع فى الاستثمارات الخاصة بهما، وهو أمر لم يعد صعب المنال، لاسيما إذا شهد العالم المتطور استقرارًا ماليًا واقتصاديًا فى السنوات المقبلة، وإذا ما بذلت الدول النامية، ومن بينها الدول العربية والأفريقية المزيد من الجهود فى سبيل جلب استثمارات ومشروعات الطاقة الشمسية والتوجه نحو اعتمادها على هذه المصادر التى تشهد تطورات تكنولوجية هائلة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة