ننشر رؤية "البيئة" حول أزمة الطاقة وتحديات التنمية المستدامة.. الوزارة: الفحم ليس ضمن بدائل "نقص الموارد".. وتطالب بإستراتيجية واضحة للدولة.. وتؤكد: سياسيات العقود الماضية أهدرت حقوق الأجيال القادمة

الأحد، 22 ديسمبر 2013 07:46 ص
ننشر رؤية "البيئة" حول أزمة الطاقة وتحديات التنمية المستدامة.. الوزارة: الفحم ليس ضمن بدائل "نقص الموارد".. وتطالب بإستراتيجية واضحة للدولة.. وتؤكد: سياسيات العقود الماضية أهدرت حقوق الأجيال القادمة ليلى إسكندر وزير البيئة

حصل "اليوم السابع"، على التقرير الكامل لوزارة الدولة لشئون البيئة، حول أزمة الطاقة فى مصر، وتحديات تحقيق التنمية المستدامة، وموقف وزارة البيئة من استيراد الفحم، ورصد التقرير مشكلة الطاقة والتنمية، مؤكداً أن مصر تواجه مشكلة عامة من حيث نقص موارد الطاقة، نظراً للزيادة المستمرة فى معدلات الاستهلاك مع ثبات أو انخفاض الإنتاج المحلى من الغاز الطبيعى والبترول، وبالإضافة إلى ظروف عدم الاستقرار منذ ثورة يناير 2011، ووجود أزمة حالية فى تدبير احتياجات الطاقة، ما أدى إلى تكرار انقطاع الكهرباء، وتوقف جزئى لبعض خطوط الإنتاج فى المصانع.

وأضاف التقرير، أن مشكلة الطاقة تعتبر نتيجة طبيعية لنمط التنمية غير المستدامة، التى تم إتباعها على مدى العقود الماضية، حيث لم تحقق العدالة الاجتماعية، ولم تراع حق الأجيال القادمة فى موارد البلاد، خصوصا الغاز الطبيعى، وفى ذلك الإطار خُصِصَ جزء كبير من ميزانية الدولة لدعم الطاقة، والذى يذهب معظمه إلى غير مستحقيه، مشيراً إلى أن سياسات دعم الطاقة أدت إلى زيادة الاستثمارات فى الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، للحصول على الطاقة بغير سعرها الحقيقى وتحقيق أرباح كبيرة، ومن ناحية أخرى فإن أسعار الطاقة المنخفضة أدت إلى عدم الاستثمار فى مجالات الطاقة المتجددة "الطاقة الشمسية والرياح"، وهى متوافرة بشكل هائل فى مصر.

وحول أزمة الطاقة الحالية باعتبارها الشق العاجل من المشكلة، ترى الوزارة أنه نظراً لأهمية الطاقة فى دعم وتنمية الاقتصاد الوطنى، فإنه ينبغى على كافة الأطراف العمل على إعطاء الأولوية لحل الأزمة الحالية، بتوفير أنواع الوقود المطلوبة "الغاز الطبيعى والمازوت"، سواء بزيادة معدلات الإنتاج أو الاستيراد أو الاثنين معاً، بما يتناسب والظروف الحالية، وشددت الوزارة على أنه لا يعتبر الفحم ضمن بدائل حل الأزمة العاجلة، نظراً لعدم توافره فى مصر وعدم وجود البنية الأساسية لمنظومة الاستيراد والنقل والتخزين والتداول، بالإضافة إلى أن الاستثمارات الضخمة التى يتطلبها استخدام الفحم تستوجب الاستمرار فى استخدامه لمدة لا تقل عن 10إلى 15 سنة، حتى لو ظهرت آثاره السلبية على البيئة وصحة المواطنين فى وقت مبكر، وإذا شملت الاستثمارات جهات خارجية يصبح التحكيم الدولى إحدى عقبات اتخاذ قرارات تصحيح الأوضاع.

وأكد التقرير، بشأن مدى توفير الطاقة فى إطار التنمية المستدامة، أنه بالنسبة للمشكلة العامة وهى نقص موارد الطاقة مقارنة بالاحتياجات، ترى الوزارة ضرورة حل المشكلة من خلال وضع إستراتيجية للطاقة فى إطار التنمية المستدامة، وعلى ذلك فإنه يجب وضع وتنفيذ السياسات التى تحقق التوازن بين التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية، وحماية البيئة ومصادر الثروة الطبيعية بها.

وأوضح التقرير أنه يتم حالياً إعداد إستراتيجية الطاقة من خلال المجلس الأعلى للطاقة، مع دراسة عدة سيناريوهات للاستفادة من مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، وكذا مصادر الطاقة التقليدية التى تعتمد على الوقود الأحفورى، وسوف يتم تقييم البدائل أخذاً فى الاعتبار كافة أبعاد التنمية المستدامة، أى التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية وحماية البيئة ومصادر الثروة الطبيعية بها.

وفى إطار وضع إستراتيجية الطاقة المستقبلية، ترى الوزارة أنه يجب الالتزام بسياسات الحكومة المصرية بشأن حماية البيئة، باعتبارها إحدى عناصر الهدف الإستراتيجى الخاص بالحفاظ على الأمن القومى، وتأمين حق الأجيال القادمة فى ثمار التنمية الوارد فى إطار وثيقة الرؤية والأهداف الإستراتيجية، وسياسات العمل الصادرة فى ديسمبر 2009، وكذا إطار إستراتيجية التنمية الشاملة الذى أعدته وزارة التخطيط والتعاون الدولى (2012-2022)، والتى تتسق مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التى وقعت عليها مصر والمعنية بحماية البيئة وقضايا التغيرات المناخية.

وفيما يخص قضية الفحم وإستراتيجية الطاقة، قال التقرير إنه رغم أنه يتم استخدام الفحم منذ فترة طويلة على نطاق واسع فى أوروبا وأمريكا، نظراً لتوافره فى هذه البلاد، إلا أن ما أظهرته الدراسات العلمية من ارتفاع التكلفة المجتمعية نتيجة الآثار السلبية للفحم، أدى إلى مراجعة إستراتيجيات الطاقة فى هذه البلاد، وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة على حساب الفحم.

ورصد التقرير أنه فى هذا الإطار بدأت أمريكا التخلص من محطات الكهرباء التى تعمل بالفحم، وهى تمثل أكثر من 50% من مصادر الكهرباء، من خلال وضع معايير صارمة سوف تؤدى إلى الاستغناء عن الفحم نهائياً قبل عام 2040، وفى ألمانيا أقرت إستراتيجية جديدة للطاقة يتم من خلالها الاستغناء عن الوقود الأحفورى والطاقة النووية، وفى أوروبا وضعت معايير خاصة بالصناعات الكثيفة الاستهلاك للطاقة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى، ويعتبر الفحم من أكبر مصادر الانبعاثات.

وشمل التقرير مجموعة من الدراسات العلمية، التى تشير إلى أن التكلفة المجتمعية للفحم تتراوح بين ضعف إلى عشرة أضعاف سعره الأصلى، فإذا وضع ذلك فى الاعتبار عند التقييم الاقتصادى لمصادر الطاقة، لن يكون الفحم الوقود الأرخص، وأنه تحذر بعض الدراسات الاقتصادية من مخاطر الاستثمار فى مجال الفحم، نظراً للانخفاض المستمر فى تكلفة إنتاج الطاقة النظيفة "طاقة الشمس والرياح"، وحدد التقرير الآثار البيئية والصحية للفحم، مؤكداً أنه يعتبر من أسوأ أنواع الوقود من حيث تأثيراته السلبية وأهمها المخاطر الصحية، بالإضافة إلى انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى، وتأثيرها على التغيرات المناخية، وتهدف المعايير والضوابط البيئية إلى التقليل من الانبعاثات وآثارها وليس منعها، وتعتمد كمية الانبعاثات على ما تسمح به المعايير، ودرجة الالتزام بتنفيذ هذه المعايير، ويعتمد بدرجة كبيرة على درجة تقدم المجتمع من الناحية الاقتصادية والسياسية، والنظم والقوانين والتشريعات السائدة ومستوى التعليم والثقافة والوعى بالحقوق والواجبات، ما يفسر التحسن الكبير فى نوعية البيئة فى الدول المتقدمة، وهى تستخدم الفحم فى مقابل تدهور نوعية البيئة فى مصر، وهى تستخدم الغاز الطبيعى.

وأوضح التقرير، "يؤدى استخدام الفحم إلى زيادة كبيرة فى كمية الانبعاثات، ذات المخاطر الكبيرة على صحة المواطنين، ليس فقط فى المنطقة المحيطة، ولكن أيضاً فى المناطق البعيدة، نظراً لأن بعض الملوثات الخطيرة مثل الجسيمات الدقيقة (PM2.5 )، والزئبق والديوكسين، تنتشر على مسافات قد تزيد على 1000 كيلومتر، وتوضح نتائج قياس الانبعاثات فى دول الاتحاد الأوروبى، أن متوسط كمية الانبعاثات من أكاسيد الكبريت، تزيد عشرات الأضعاف مقارنة بالغاز الطبيعى، بينما تزيد انبعاثات الرصاص بأكثر من عشرة آلاف ضعف، موضحاً استخدام الفحم فى صناعة الأسمنت فى مصر يؤدى إلى زيادة انبعاثات أكاسيد الكبريت (~168.000 طن/سنة)، والجسيمات الصدرية الدقيقة (~ 20.000 طن/سنة) وأكاسيد النيتروجين (~ 18.500 طن/سنة)، مع افتراض استخدام المخلفات كبدائل للوقود بنسبة20%، وقد تزيد هذه الكميات نظراً لأن الالتزام بالمعايير فى مصر أقل من المتوسط العام لدول الاتحاد الأوروبى.

ورصد التقرير، أن استخدام الفحم يؤدى إلى زيادة انبعاثات ثانى أكسيد الكربون، بنسبة حوالى 70% مقارنة بالغاز الطبيعى، ما يتعارض مع سياسات الدولة المعلنة، وهى التنمية الاقتصادية الأقل اعتماداً على الكربون، واستخدام تكنولوجيات الإنتاج الأنظف، مشيراً إلى أنه أظهرت بعض الدراسات العلمية الحديثة أن تكلفة المخاطر الصحية فى أمريكا، بسبب استخدام الفحم فى توليد الكهرباء تقدر بعدة أضعاف قيمته السوقية، مع وجود الضوابط والمعايير الصارمة والإلزام بتطبيق القوانين ومستوى الالتزام العالى لدى المنشآت، وتصل القيمة المتوسطة للتكلفة المجتمعية فى أمريكا إلى حوالى 345 مليار دولار سنوياً، وتصل تكلفة التأثيرات الصحية نتيجة حرق الفحم فى أوروبا إلى حوالى 42.8 مليار يورو سنوياً.

وفى سياق متصل، رصد التقرير أنه تشير دراسة للبنك الدولى (2002) إلى أن تكلفة التدهور البيئى فى مصر تعادل حوالى 4.5% من الناتج القومى الإجمالى، وتشكل تكلفة تدهور نوعية الهواء فى القاهرة والإسكندرية نصف هذه التكلفة، ونظرا لأن ملوثات الهواء عند استخدام الفحم تزيد عشرات أو مئات الأضعاف مقارنة بالغاز الطبيعى، فإن التكلفة المجتمعية سوف تزيد بدرجة كبيرة جداً، ويحتاج الأمر إلى دراسة متخصصة فى هذا المجال.

وأضاف التقرير، أنه طبقاً لتقديرات وزارة البترول فإن تكلفة التأثيرات البيئية لانبعاثات ثانى أكسيد الكربون تصل إلى 80 دولار سنوياً لكل طن، وعلى ذلك فإن تكلفة استخدام الفحم لإنتاج 60 مليون طن من الأسمنت تصل إلى حوالى 536 مليون دولار سنوياً، بسبب زيادة انبعاثات الكربون بمقدار 6.7 مليون طن (مع فرض استخدام بدائل الوقود بنسبة 20%)، كما أن تكلفة استخدام الفحم لتوليد الكهرباء (محطة بقدرة3000 ميجا وات) تصل إلى حوالى 700 مليون دولار سنوياً، مع زيادة انبعاثات الكربون (5.7 مليون طن)، مشيراً إلى أن استخدام الفحم يضر بموقف مصر التفاوضى فى اتفاقية التغيرات المناخية، ويعرض مصر لمخاطر عدم الاستجابة لمطالبها بالتعويضات التى تستحقها لأن مصر من الدول الأكثر تعرضاً للأضرار نتيجة التغيرات المناخية، حيث تبلغ الخسائر بسبب الأضرار فى منطقة الدلتا فقط حوالى 100-500 مليار جنيه سنوياً، ويمثل استخدام الفحم عائقاً للتنمية بسبب زيادة انبعاثات الكربون فى ظل التوجه العالمى لتحديد الانبعاثات، فى جميع الدول، ومن بينها مصر اعتباراً من 2015، ويؤثر استخدام الفحم سلباً على فرص تصدير المنتجات المصرية نتيجة زيادة انبعاثات الكربون، حيث يتجه العالم إلى اعتماد (البصمة الكربونية)، كأحد معايير تقييم السلع والخدمات.

ونوه التقرير عن رؤيته لسياسات وإستراتيجية الطاقة، مؤكداً يجب وضع السياسات الملائمة لجذب الاستثمارات فى مجالات ترشيد وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة، فى كافة القطاعات والأنشطة وأهمها قطاع الصناعة والمنازل والمبانى الحكومية والتجارية، بالإضافة إلى رفع دعم الطاقة عن الفئات القادرة والاستفادة من مصادر الطاقة الطبيعية الهائلة فى مصر، وهى الرياح والطاقة الشمسية، مع التحسن الكبير والمستمر فى اقتصاديات الاستثمار فى هذه المجالات، وتعظيم الاستفادة من الكتلة الحيوية والمخلفات من كافة الأنشطة، مشيراً إلى أنه فى إطار تنفيذ سياسة الوزارة لحماية البيئة وتنميتها، توفر الوزارة الدعم الفنى ومصادر التمويل لمشروعات التحكم فى التلوث من الصناعة، حيث تم تقديم القروض والمنح للمنشآت الصناعية لتنفيذ المشروعات البيئية (269 مليون دولار)، وكان لمصانع الأسمنت النصيب الأكبر من هذه المنح والقروض، لمشروعات استبدال الفلاتر واستخدام الغاز الطبيعى واستخدام المخلفات كبدائل للوقود (~ 70 مليون دولار)، بالإضافة إلى تطوير منظومة إدارة المخلفات المنزلية والزراعية لتوفير بدائل الوقود لصناعة الأسمنت بالكميات والنوعيات المناسبة، بما يسمح باستخدامها فى جميع المصانع بنسبة 20%، وتشجيع مشروعات التنمية الاقتصادية الخضراء، الأقل اعتماداً على الكربون، وتنفيذ البرنامج القومى للإدارة المتكاملة للمخلفات الصلبة، بالتعاون مع الحكومة الألمانية، وبالاشتراك مع وزارة التنمية المحلية، وجهات المجتمع المدنى كافة.


أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب