سليمان شفيق يكتب: مستقبل مصر بـ«المنياوى».. يحاول أنصار الإخوان وصفوت عبد الغنى استثمار أى «شكلة» طائفية وإفساد أى محاولة للمصالحة أو رأب الصدع

الأربعاء، 11 ديسمبر 2013 03:10 م
سليمان شفيق يكتب: مستقبل مصر بـ«المنياوى».. يحاول أنصار الإخوان وصفوت عبد الغنى استثمار أى «شكلة» طائفية وإفساد أى محاولة للمصالحة أو رأب الصدع سليمان شفيق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كلما أردت أن أفهم ماذا تريد جماعات الإسلام السياسى، أذهب إلى مسقط رأسى بالمنيا، ألتقى من ألتقى من الأصدقاء القدامى، من مختلف الاتجاهات، ومنهم الإسلاميون، لكى أدرك ماهية خارطة الطريق الإسلامية، وفى انتخابات مجلس الشعب السابقة 2012، مكثت أسبوعين، وكتبت مقالا فى «اليوم السابع» على حلقتين تحت عنوان: «وصف مصر بالمنياوى» أكدت فيه أن جماعة الإخوان قد عقدت اتفاقا مع الجماعة الإسلامية والسلفيين على جبهة من أجل تحقيق هدفين هما: الولاية الصغرى للإخوان والسلفيين أى «حكم مصر»، والولاية العظمى للحركة الإسلامية بقيادة التنظيم الدولى للإخوان «الخلافة»، مع إعطاء الجماعة الإسلامية نصيبها فى الحكم المحلى كمحافظين. والسلفية الجهادية قطاعات من قنا والبحر الأحمر ومطروح، وأجزاء من سيناء، وبالطبع لم يلتفت أحد من مفكرى «التوك شو» إلى ذلك المقال، والآن أعود إلى المنيا لكى أدرك ماذا تريد الحركة الإسلامية؟
منذ 1978 أتابع أحداث العنف الدينى، تارة كصحفى.. وأخرى كباحث، كذلك من خلال عملى فى مركز ابن خلدون من مطلع التسعينيات وحتى الآن.. يمكن الوصول إلى قناعة «علمية»، بأن محافظة المنيا هى العاصمة البؤرية للعنف الدينى، ومن واقع دراسات وإحصائيات المركز تحتل المنيا مركز الصدارة (%65) من الأحداث، الغريب أن المنيا من المحافظات التى تحتل مكانة متقدمة فى العمل المدنى (22611) جمعية أهلية، ويوجد فى مدينة المنيا أكثر من مقر لمنظمات دولية، وجمعيات ومؤسسات أهلية كبرى مثل كريتاس، والهيئة القبطية الإنجيلية، والجيزويت، وجمعية الصعيد، وحوالى عشر منظمات حقوقية، وغيرها.
لكن باقى مراكز ومدن المحافظة لا تحظى بالتواجد الأهلى أو المدنى مثل عاصمة المحافظة، والمثال الجارح مدينة ديرمواس التى شهدت أحداث البدرمان ودلجا، لا توجد فيها أى منظمات تنموية أو حقوقية تعمل بشكل حقيقى، وإذا نظرنا للقرى الثلاث التى تكررت بها أحداث عنف دينى طوال الأربعين عاماً الماضية، فسنجد أن قرية دلجا (120 ألف نسمة %10 مسيحيون) بها 54 مقهى و16 صالة بلياردو، و83 مسجدا وزاوية، و6 كنائس، ولا يوجد بها أحزاب أو جمعيات أهلية مدنية، كذلك البدرمان (45 ألف %40 مسيحيون) بها 4 كنائس، و20 مسجدا وزاوية، و17 مقهى، ولا توجد أحزاب ولا جمعيات أهلية مدنية، نزلة عبيد (40 ألف نسمة) بها 7 كنائس، ولايوجد بها مساجد لأن كل سكانها أقباط أرثوذكس، وبها 45 مقهى، ولا يوجد بها أحزاب (الوطنى والتجمع سابقاً)، وهناك مشاريع لبعض الجمعيات المسيحية كلها لأنشطة دينية، أما قرية الحوارتة (15) ألف نسمة أيضا كلهم مسلمون، بها 15 مقهى، و10 مساجد وزوايا، ولا توجد بها أحزاب ولا جمعيات مدنية.
من واقع الدراسات والرصد، فإن المسيحيين هم الأكثر ثراء وتعليما، على سبيل المثال نشأت «الحوارتة» من (حرث الأرض) للعمل فى نزلة عبيد، منذ اللائحة السعيدية وظهور الصاروفيم (منهم صاروفيم بك ومينا بك صاروفيم) من أوائل من خدموا عند محمد على باشا فى بناء الدولة، ومعهم محمد شعراوى باشا والد هدى هانم شعراوى، وهؤلاء انفردوا من مطلع القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين بالسيادة، آل صاروفيم شمال شرق النيل، وآل شعراوى فى الزاوية جنوب شرق النيل، وبعد ثورة يوليو امتطى أبناء وأحفاد هؤلاء الاتحاد الاشتراكى، وفى زمن السادات ومبارك انتقلوا إلى الحزب الوطنى، لكن بعد ظهور الإسلام السياسى، وجد المهمشون والفقراء ضالتهم، فعوضوا عدم وجودهم فى أعلى السلم الاجتماعى أو الحكومى، بخلق مكانة بالانضواء فى الحركات الإسلامية السياسية، وكذلك الأمر فى البدرمان ودلجا، إضافة لحوالى (15) قرية وتجمعا سكانيا من شمال غرب سمالوط، ومركز المنيا، وحى جنوب المنيا، وملوى، وديرمواس، مثل قرى طرفا، ونزلة الفلاحين، وطحا العمودين بسمالوط، ونزلة عبيد، والحوارتة، ونزلة حسين، والدوادية، وحى جنوب المنيا، وأسمنت، ونزلة رومان، والفكرية بأبوقرقاص، ودير البرشا بملوى، ودلجا، والبدرمان بديرمواس، شهدت هذه البؤر تواجدا جماهيريا للجماعة الإسلامية وتنظيمات العنف الدينى، ومن هؤلاء القادة: عاصم عبدالماجد، وكرم زهدى، وأبوالعلا ماضى، وفؤاد الدواليبى، والإسلامبولى (خالد وشوقى) العقرب وكدوانى وغيرهم، بحيث بلغت نسبة المحكوم عليهم من المنيا فى قضايا الإرهاب 45% من إجمالى الذين تلقوا أحكاما.
كل ذلك لم يرع انتباه الحكومة ولا المجتمع المدنى، والملاحظ أن الطبيعة الدينية المحافظة للمنيا.. جعلتها لا تشارك بأى قدر يذكر فى ثورة 25 يناير، والطريف أن شباب الثوار من المنيا شاركوا فى الثورة بالتحرير بالقاهرة، وفى انتخابات مجلسى الشعب والشورى بلغت نسبة أصوات الإسلاميين أعلى من %85، وفى انتخابات الرئاسة قفزت أصوات مرسى إلى %87، على الرغم من أن المنيا تحوز أكثر من %50 من التمويلات الخارجية المخصصة للصعيد، لذلك تعكس أحداث العنف الدينى كراهية الأقباط، واعتداءات مفرطة القوة ضد ممتلكاتهم وأشخاصهم وكنائسهم، وعدم تدخل الدولة، وغياب تطبيق القانون، الأمر الذى دفع الأقباط فى الأحداث الأخيرة للدفاع عن أنفسهم بالسلاح، هذا أخطر المؤشرات، كون الأقباط لاحظوا تقاعس جزء من الأمن وتواطؤ جزء آخر، وضياع حقوقهم (حتى الآن لم تبن كنائسهم التى حرقها وهدمها الإسلاميون) إضافة إلى أن النخب المنياوية القبطية فى القاهرة تطالب بمطالب خاصة، كل ذلك خفض من سقف توقعات الأقباط بعد مشاركتهم فى طليعة ثورتى 25 يناير و30 يونيو، ما حدث فى نزلة عبيد والبدرمان ليس جديدا، ولكن الجديد أن المؤشرات تؤكد أن الأقباط قرروا أخذ حقهم بأيديهم، فهل نتدخل قبل فوات الأوان؟!
الجماعة الإسلامية مفتاح اللغز:
أثناء زيارتى للمنيا التقيت مسؤولين كبيرين لجهازين أمنيين سياديين، لم أفاجأ بأنهما على قدرة كبيرة من الرؤية والتحليل والموضوعية، وعلى مدى ثلاث ساعات أدركت أن المعضلة ليست فى الأجهزة السيادية، ولكن فى عدم إدراك النخبة القاهرية سواء فى الحكم أو المعارضة لمجريات الأمور فى بؤر التوتر القاعدية، على سبيل المثال النخب القاهرية منشغلة بقانون التظاهر؟ والمنياوية مشغولون بحق المواطن فى الأمن، القاهريون مهمومون بما يسمى «حكم مدنى» أو «حكومة مدنية»، وأهل المنيا يتساءلون فى لهفة: «متى سيعلن السيسى عن ترشيح نفسة؟» أولاد الذوات من الطبقة السياسية يهاجمون مادة «المحاكمات العسكرية» والمنياوية يطالبون بضرورة تطبيقها وفوراً، شباب الشرطة من ضباط وجنود يدفعون حياتهم.. والقاهريون يطالبون بتطهير الشرطة، لا وجود للأحزاب المدنية سوى نفر قليل من الحزب المصرى الديمقراطى، وشباب من حزب الدستور.
وأوهام أخرى عن تمرد أو 6 إبريل وغيرها، الجماعة الإسلامية غيرت جلدها وأوعزت للجميع بأن هناك استقالة لعاصم عبدالماجد وآل الزمر وآخرين، والحقيقة أن الجماعة منشقة، وباستثناء جناحى الشيخ كرم زهدى، والدكتور ناجح إبراهيم، فإن جناح صفوت عبدالغنى وقف ينتظر انتصار عاصم عبدالماجد وآل الزمر حتى ينضم إليهم، وبعد انكسار عاصم وهروبه المريب وسط تواطؤ معلن من بعض أفراد أجهزة الشرطة، وأقاويل تتردد فى المنيا حول صفقة مع الجماعة، وقع جناح صفوت عبدالغنى فى حيرة، فهو لا يريد أن يعود تحت قيادة كرم زهدى، كما أنه يخشى من العودة إلى السجن مرة أخرى، ولذلك يرى الإخوة فى الجماعة من «السلميين» أن جناح صفوت سوف يؤيد الإخوان سياسيا ضد خارطة الطريق، ويقف فى منتصف المسافة بين الدولة وجناح كرم زهدى فى انتظار صفقة أخرى مع الأمن تخرجه من المأزق وسط محاولات من الشاطر من محبسه لاسترداد صفوت، وأشد ما أخشاه هو أن يقوم الشاطر ومحمود عزت بملء فراغ جناح عبدالماجد بسلفيين جهاديين، ونقل محور «رفح الصالحية» الذى صار تحت السيطرة إلى المنيا؟ لذلك يحاول أنصار الإخوان وأنصار صفوت فى الجماعة استثمار أى شكلة «طائفية» مثلما حدث فى البدرمان والحوارتة ونزلة عبيد، وإفساد أى محاولة للمصالحة أو رأب الصدع، لحين وصول المدد من أماكن أخرى، لتوسيع رقعة الخلاف والدم فى شرق النيل بالمنيا.
شر البلية ما يضحك.. بيت العيلة والأطرش فى الزفة:
وسط هذه الأحداث الملتهبة، والتوقعات الخطيرة، ومحاولات الأجهزة السيادية لتطويق الموقف، والاستعداد للاستفتاء على الدستور، فوجئ أهالى المنيا، بزفة مما يسمى «بيت العائلة»، فى توقيت لا يخدم أى قضية، ووفق ما سمعت من مصادر من الحضور، فإن نيافة الأنبا أرميا والدكتور الفاضل محمود عزب، وأكثر من مائة من المشايخ والعمد ورجال الدين المسيحى والإسلامى والأعيان حضروا اللقاء، وخرجوا يتساءلون عن ماهية بيت العائلة، والبعض الآخر ابتسم وهو يقول لى المثل الشعبى: «إن وقع بيت أبوك الحق خدلك منه قالب»!! وصرح لى أحد القادة الحزبيين بالمنيا بأنة يبدو أن نيافة الأنبا أرميا يحاول أن يقدم نفسه للدولة على أنه البديل لقداسة البابا تواضروس الثانى، والدليل أن نيافة الأنبا مكاريوس، أسقف عام المنيا والقريب من البابا، لم يحضر اللقاء، وأضاف المصدر، أن ظهور الأزهريين والكنسيين فى المنيا فى هذا التوقيت يعمق الطائفية من جهة ويعطى انطباعا بأن الكنيسة وراء الأحداث من جهة أخرى، الأمر الذى فسر به المصدر عدم حضور الأنبا مكاريوس؟!
ما أبعد المسافة بين القاهرة والمنيا!
الخطورة أن النخبة القاهرية لا تدرك ماذا يحدث فى الوحدات القاعدية، ولا تعلم أن سقوط المنيا (لا قدر الله) يفتح المجال للسيطرة على الصعيد (أرجو تذكر تمرد الهوارة بقيادة شيخ العرب همام وكيف أن المنيا هى المفصل الأساسى للسيطرة على الصعيد)، وأن المنيا هى الرابط بين خط البريد ما بين أسيوط وقنا، وأنه، كما سبق، أكثر من %80 من القيادات الإرهابية من المنيا، ولذلك تقترح النخب المنياوية أن يقوم الفريق أول عبدالفتاح السيسى بترشيح نفسه، والإعلان عن حزب جديد، وأن يجمع قادة الأحزاب المدنية الأساسية (الوفد، التجمع، المصرى الديمقراطى، المصريين الأحرار، الحركة الوطنية، المؤتمر، التيار الشعبى، التحالف الاشتراكى) ويطالبهم إما بالاندماج أو تشكيل جبهة وطنية لخوض الانتخابات، حتى يمكن الحفاظ على تحالف 30 يونيو قبل فوات الأوان.. اللهم إنى قد بلغت.. اللهم فاشهد.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

اسامه اسحق

لابد من التدخل الحاسم والسريع

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة