هاجر خالد أحمد تكتب.. فى معنى التمسك بلغتنا الجميلة

الإثنين، 02 ديسمبر 2013 03:14 ص
هاجر خالد أحمد تكتب.. فى معنى التمسك بلغتنا الجميلة صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الطالب فى مجتمعنا مضطر إلى أن يتعلم لغة أو لغتين حتى يتلقى هذه المعرفة، وغالباً ما يستغرق ذلك وقتاً طويلاً لإتقانها، وإلا جاء التلقى ناقصاً، إضافة إلى منهجية العلوم الغربية أو الشرقية الحديثة منهجية غريبة عنا، لسبب بسيط هو أنها غير ملتزمة بالفكر الإسلامى من هنا فإن مهمة الشباب تنحصر فى التلقى دون القدرة على الاختيار .

وإن من أهم أسباب عزوف الشباب عن التعلم وعدم قابليته للتحصيل وجود هذه الازدواجية فى النظم التعليمية عندنا، فنحن فى حالة تبعية للشرق أو للغرب فى تلقى العلوم التطبيقية .. التى نحن فى أمس الحاجة إليها فى نفس الوقت.

وقد حدثت الازدواجية نتيجة عجزنا عن استخدام اللغة العربية – على ثرائها – للوفاء بمتطلبات تلقى المعرفة الحديثة فى مجال العلوم التطبيقية ومنجزاتها اليومية، كما هو الحال بالنسبة لمجال الآداب والعلوم الإنسانية .. الأمر الذى دفع بالعرب والمسلمين إلى التخلى عن اللغة الأم، والتوغل بعيداً صوب لغات أخرى تعينهم فى تعاملهم الآنى مع المعارف الحديثة وعلوم العصر وتطبيقاتها.. وهذا الواقع على قسوته – لا يدعونا إلى رفض معطيات العقل البشرى شرقاً وغرباً، فالرسول صلى الله عليه وسلم يعلمنا : (أن الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها التقطها).

إننا نعتقد أن اللغة العربية كانت – وما زالت – من اللغات الحية السائدة فى العالم العربى والإسلامى، بما يؤهلها للقيام بدور فعال فى خدمة مجتمعاتنا وأبنائنا بتيسير العلوم لهم وترغيبهم فى تلقيها، خصوصاً وأن بعض البلاد العربية قد خاضت التجربة، فتقوم حالياً بتدريس المناهج التطبيقية فى جامعاتها باللغة العربية. وأمامنا أمثلة فى لغات أخرى ليست فى شأن اللغة العربية .. ولا حرج إذا أخذنا الدرس من عدونا، فحينما أرادت اسرائيل بعث ما مات بجمع الشتات واغتصاب الأرض وزرع الكيان، حاولت بعث اللغة العبرية – اللغة الميتة التى لا تحمل تراثا يذكر من علم أو فكر أو أدب أو فن – حاولت بعثها من القبور، ففرضوها فى مدارسهم وجامعتهم فى الوقت الذى لا يوجد من يتكلم بها فى الحياة العامة، فكل إسرائيلى يتكلم لغة الدولة التى لفظته فى محيط من البشر لا تزيد على ثلاثة ملايين .. واليابان تمثل أنموذجاً حياً فى هذا المجال.. ( بدأت اليابان نهضتها الحديثة فى نفس الوقت الذى بدأت فيه بعض الدول العربية)، فحتى مطلع القرن التاسع عشر كانت اليابان فى عداد المتخلفة، واحتاجت إلى علوم العصر وصناعته، ولكنها أدركت بوعى أنها لن يتم لها امتلاك ناصية العلوم وزمام الصناعة إلا بنقلها إلى لغتها، ومن هنا نقلت العلم والتقنية إلى اللغة اليابانية، برغم ما فيها من الكثرة فى اللهجات والصعوبة والتعقيد، ولم يرتفع صوت هناك ينادى باتخاذ العامية أو يجعل التعليم فى المعاهد والجامعات باللغة الإنجليزية .. أما اللغة الصينية فهى أقرب فى شكلها إلى الخطين المسمارى والهيروغليفى القديمين، بل هى أشد تعقيداً، حيث يحتاج الإنسان إلى نحو أحد عشر ألف صورة مرموزة حتى يستطيع أن يقرأ الأدب الفصيح .. ولعلك تعجب حينما ترى رموزها على المنتجات التى تصدرها الصين إلينا مع يقينها أن أحداً لن يقرأ حرفاً واحداً مما تكتبه، ولكنها ترى فى تسجيل الحروف مظهراً للاستمساك بالشخصية وتأكيد الذات وإبراز الهوية .. فلماذا نفشل فى أن تكون اللغة العربية لغة للعلوم الحديثة بينما هى من أفصح وأوضح اللغات ؟؟ فى الحقيقة لا يوجد سبب واحد يدعونا إلى أن نبحر ضد أنفسنا وضد أجيالنا ووجودنا وأهدافنا .. فليس من الصعب أن نبحث عن الحلول ونطرقها بارادتنا .. إن اللغة العربية فى حاجة إلى تضافر جهود كل علماء اللغة العربية والعلماء المتخصصين فى مختلف المجالات حتى تنهض.
إن مفردات لغتنا العربية مفردات سخية، أشبه بالكائن الذى يتنفس ويحيا ويتفاعل مع البيئة فينفعل بها، ويكتسب الملامح التى تعينه على التواصل معها والانسجام مع ظروفها.

إن هذه المفردات هى مفتاحنا إلى دائرة الابتكار للمعارف الحديثة وعلوم العصر .. ومفتاحنا إلى عقول الشباب حتى يقبل على التعلم والاندماج الحقيقى فى التعليم وتذوقه وعشقه والتفانى فى سبيله.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة