إسماعيل كاشف يكتب: عفاريت رمضان فى الدراما المصرية

الجمعة، 11 سبتمبر 2009 11:06 ص
إسماعيل كاشف يكتب: عفاريت رمضان فى الدراما المصرية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى رمضان الماضى كانت حدائق الشيطان وفى رمضان الحالى أفراح إبليس وفى رمضان الجاى وعليكم بخير وادى الجن وفى رمضان اللى بعد اللى جاى أحزان العفاريت وفى رمضان اللى بعد بعد اللى جاى حقول الصنانة (مفردها صن والصن عندنا نحن القناوية يعنى العفريت برضه).

ولا أدرى ما سر اختيار بلدياتى القاضى محمد صفاء عامر لهذه الأسماء لأعماله الفنية الجيدة التى نالت إعجاب الجميع الصعايدة والبحاروة والشوام ومشاهدى الجزيرة العربية وشمال أفريقيا من ليبيين وتوانسة وجزائريين ومغاربة وبالطبع لم أنس السودانيين فهم من الصعايدة وللحق والحقيقة أشهد أنه قفز بالدراما الصعيدية قفزة نوعية، فقد كان كثير من الكتاب عندما يتناولون أعمالاً صعيدية ويعرفون الفرق بين الصعيدى والفلاح والبدوى (شاهد مسلسل غابة من الأسمنت وكان قد عرض فى تسعينيات القرن الماضى) ومن يعرف هذه الفروق فإنه يعتبر أن الصعيد حتة واحدة والحوار فى هذه الأعمال كوكتيل من لهجات جميع محافظات الصعيد وأحيانا ينسى الممثل نفسه أى يندمج وتطلع منه كلمة قاهرية عفوياً فيمشيها المخرج ويكمل التصوير ويعديها فى المونتاج فهم لا يعرفون أن الصعيد قسمين ويسمى الثانى منهما الصعيد الجوانى ويشمل محافظات سوهاج وقنا وأسوان ولكل محافظة لهجة تميزها عن غيرها وكل محافظة بها لهجات حسب مراكزها الإدارية وكل مركز به لهجات حسب قراه ونجوعه وإن كانت فروق طفيفة لا يعرفها إلا أبنائها ولكن ظهور القاضى محمد صفاء عامر رسخ فكرة اللهجة الصحيحة فى جميع أعماله وإن كانت هناك بعض الكلمات البسيطة لا يلحظها إلا أهالى قنا ولكن لا يلحظها أحد غيرهم وكنا نود أن تعدل وخاصة أن القاضى محمد صفاء عامر يتابع ويراقب النطق الصحيح لها .
ولكن هناك أشياء تحتاج لوقفة من أديبنا الكبير القاضى محمد صفاء عامر وأولها : الشخصية الشريرة المحورية فى أعماله ففى مسلسل حدائق الشيطان نجد شخصية مندور أبو الدهب وهى شخصية غاية فى الشر والقسوة والدموية والفجور والخروج على القانون ثم تحولت فى نهاية المسلسل حيث النهاية السعيدة المعتادة إلى شخصية أخرى كسبت تعاطف المشاهدين ولم تصبح شريرة طب إزاى ما أعرفش .
بالطبع نحن أبناء المنطقة مسرح القصة نجزم أن تلك الشخصية وهمية ولا وجود لها لعدة أسباب :
عددنا نحن القناوية حوالى ثلاثة ملايين قنائى ونعرف بعضنا بعضاً رغم طول المحافظة الممتدة من ابوتشت إلى إسنا وأننا 11 مركز ولا يوجد بيننا شخص واحد كان مصدر إلهام للكاتب الكبير وعنده كل ألوان الشر وربما يوجد شخص أو شخصين وكل منهما يحمل شر واحد من هذه الشرور .
لا يستطيع شخص مهما كان شره أن يحتجز فتاة ويعيشها معه فى فيلته ثم ينقلها لفيلته خلف الجبل ويمنعها من زيارة أهلها وأقرر جازماً أنه حسب أخلاقيات الصعايدة أنه ولو كانت هذه الفتاة من أسرة شحاتين لكانت هذه الواقعة كفيلة بالثورة ضده وقتله ومهما كان هو ومهما كانت صفته .
طوال المسلسل لم يبرز لنا الكاتب عائلة مندور أبو الدهب فلم يظهر إلا صورة أبوه المتوفى ( فلاش باك ) وراجل أو اثنين من رجالته وبعض حراس حدائق الشيطان رغم أنه أطلق على البلدة والتى هى جزيرة فى النيل ونسى أنها متاخمة للجبل وخلف الجبل غولة تأكل كل من يطلع الجبل وأسماها ( نجع أبو الدهب ) وكان يجب أن يصف لنا الكاتب أن شخص مثل مندور أبو الدهب وبهذا الشر المتعدد يجب أن يجب أن ينتمى لعائلة كبيرة جدا ( ويطلق عليها عندنا بدنة ) وعددها يسد عين الشمس ويكونوا من الأشرار أيضاً ولكن المسلسل يثبت أن مندور مقطوع من شجرة ولا يحميه إلا رجالته فقط فليس له أعمام ولا أولاد أعمام ولا أخوال ولا أولاد أخوال وهذا غير معقول ولا مقبول إلا فى فتوات الحسينية فى القرن الثامن عشر والتاسع عشر فى حوارى القاهرة .
فكرة الغولة أو الحيوان المتوحش وحتى نهاية المسلسل لم يعرف نوعه ووضع ميكروفونات لتكبير زئيره لتخويف الناس حتى لا يفكرون بالذهاب خلف الجبل ، فكرة سخيفة وتافهة وكان يجب على الكاتب أن يجد وسيلة أخرى لمنع الناس من طلوع الجبل وخاصة أنها فى حفرة خلف الجبل وغالبية جبالنا فى المنطقة عالية ويحتاج لنقل صوتها المخيف أقمار صناعية وأجهزة (هاى فاى) عالية الواتات وللأسف جعلها شخصية محورية كبطل المسلسل.

الزراعات فى محافظة قنا من بدايتها إلى نهايتها توجد أمام الجبل ولا يوجد خلف الجبل أية مناطق تصلح لزراعة نبات الحشيش ( القنب الهندى) ولا أفيون (الخشخاش) وهذه المعلومة يعرفها كل المختصين فى وزارة الزراعة وحتى المتاخمة للجبل لا أمل فى زراعتها لعدم وجود مياه سطحية ولا جوفية ولا أمطار ويبدو أن الكاتب لا يعرف جغرافية المحافظة ورغم أنه من أبنائها ولكن الإسكندرية أنسته قنا وتفاصيلها .
قضية الخبير البيطرى الذى عالج الغولة وانتهى به الأمر أنهم قدموه وجبة لها لأنه حاول أن يكشف سر هذا الوحش فى مجلة طبية متخصصة لم تكتشف وقيدت ضد مجهول كغيرها من قضايا مندور أبو الدهب وراح دم الراجل هدر وإن كان عاجبكم.

الرجل الشرير صديق للسلطات والجهات المحلية والتنفيذية وهى كما يبدو جهات غبية لا تعرف حدائقه الشيطانية ولا جرائم القتل العديدة من قتله لزوج أخته إلى قتل البيطرى وحينما تحركت السلطات لضبط المخدرات التى يزرعها ويرسلها لصديقه فى القاهرة تحت غطاء عضو مجلس الشعب وأخيه كانت حلم لنائمة وهل هذا معقول ولا مقبول .
الرجل الشرير من فرط قسوته حبس أخته وهى فاقدة للنطق وأخذ منها وليدها ودفع به لأحد رجالته لتربيه أخت هذا الشقى الذى ينفذ أوامر البيه بلا تردد ورغم بهدلته له طوال المسلسل وهذا النوع من الإخلاص الشديد والانقياد الأعمى وقبول السيطرة نماذج غريبة لم نراها ولم نألفها ولا نرى الرشاشات سريعة الطلقات إلا مع رجال الشرطة وعملية ترخيص مسدس صغير لمواطن غاية فى الصعوبة ولها العديد من الخطوات وتحتاج لزمن تجعله يصرف نظر عن الموضوع ويكتفى بزقلة أو شومة.

ومسلسل هذا العام أفراح إبليس فهو نفس الفكرة التى عالجها مسلسل حدائق الشيطان ونفس الاتجاه وبنفس الأسلوب ورغم أن همام أبو رسلان بلا بدنة ولكن المؤلف عضده بأن جعل دراعه اليمين ابنه الأستاذ كمال فى الأعمال الإجرامية و شرشح العلاقات الأسرية فإبن العم والعم طمعانين فى اليتيمة دهب وزاهر محراك شر لأخيه زهران مع أن العلاقات الأسرية شديدة القوة وشديدة الحميمية بالإضافة أن القنائى شديد الإخلاص لصديقه ولو لم يكن من قبيلته وحتى ينتهى المسلسل ويتحول همام أبو رسلان إلى شخصية بلا شر فإن أؤكد مرة أخرى أن شخصية بتلك المواصفات من بين الثلاثة ملايين قنائى غير موجودة وهذا إذا كان المسلسل واقعياً ومن مدرسة الواقعية وإلا يوضع على التتر أن شخصيات المسلسل خرافية ومن خيال المؤلف ولا أظلمك فإن مسلسل الضوء الشارد لن يتكرر.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة