يوسف أيوب يكتب : هل تساعدنا روسيا والصين فى الانضمام لتجمع بريكس؟

الثلاثاء، 19 نوفمبر 2013 08:03 ص
 يوسف أيوب يكتب : هل تساعدنا روسيا والصين فى الانضمام لتجمع بريكس؟ عدلى منصور و وزير الدفاع الروسى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء


الشىء الوحيد الإيجابى الذى حاول أن يفعله الرئيس المعزول محمد مرسى، هو محاولة إدخال مصر ضمن تجمع البريكس، الذى يضم روسيا والصين والبرازيل وجنوب أفريقيا والهند، وأنه زار الدول الخمس محاولا فك طلاسم هذا التجمع، لكنه فشل لعدة أسباب، منها أنه كان يملك الطموح للانضaمام لهذا التجمع الاقتصادى والسياسى المهم، لكنه كان يفتقد الآليات، وحينما قرر التحرك تجاه دول البريكس لم يعط لنفسه مهلة لوضع استراتيجية يستطيع من خلالها إقناع هذه الدول بأهمية انضمام مصر لعضوية تجمعهم، حتى إن وزارة الخارجية وقتها على ما أتذكر كانت آخر من يعلم بترتيبات زيارات مرسى لهذه الدول، وبالتالى لم تملك حتى القدرة على الإعداد الجيد لها، فظهرت وكأنها زيارات للتلميع أمام الرأى العام الداخلى أكثر من كونها تهدف إلى طموح سياسى لدولة بقدر ومكانة مصر.

السبب الثانى هو وقوف روسيا أمام هذا الطموح، فروسيا التى مازالت تعتبر جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، كانت تنظر بعين الريبة والشك تجاه مرسى سليل وعضو هذه الجماعة، فضلا على أنه حينما زارها مرسى كان همه الأول رفع جماعته من الحظر الروسى، وبالتالى اعتبرت موسكو وقتها أنها ستكون مخطئة فى تقديراتها إذا ما وقفت بجانب مرسى فى مسعاه، وظهر البرود الروسى فى التعامل معه بداية من استقباله فى مطار مدينة سوتشى من جانب موظف المراسم بالخارجية الروسية، وهو وضع لا يليق أبدا بمكانة مصر ورئيسها أيا كان، فضلا على الفتور الذى كان باديا على وجه فيلادمير بوتين وهو يستقبل مرسى، فبوتين كان يعتقد، كما صرح لاحقا، أن مرسى لن يستمر فى حكم مرسى، وأنه سيذهب قبل أن يذهب بشار الأسد عن حكم سوريا.

الأمر الثانى أن جنوب أفريقيا وإن أبدت ترحابا بزيارة مرسى لها حينما دعته لحضور قمة البريكس كضيف وليس عضوا، إلا أنها لن تسمح بأن تحصد مصر هذه المكانة والسبب معروف للجميع، وهو الصراع على العضوية الدائمة بمجلس الأمن حال الاتفاق على توسيع عضويته، فجنوب أفريقيا تريد أن تستأثر بالمقعد الأفريقى، وأنها بدأت بالفعل منذ عدة سنوات فى عقد توافقات واتفاقات مع دول مثل الهند والبرازيل وألمانيا حول هذا الأمر، فيما تتصدر مصر المشهد متمسكة بتوافق أوزلينى للدول الأفريقية الذى يطالب بمقعدين دائمين لأفريقيا بالمجلس.
وبريكس «BRICS»، هى اختصار للحروف الأولى من أسماء الدول الأعضاء بهذا التجمع العالمى المهم، وهى البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، كانت تسمى «البريك - BRIC» قبل انضمام جنوب أفريقيا لها فى 2011، وهذا التجمع يضم الدول صاحبة أسرع نمو اقتصادى بالعالم، وتمثل هذه الدول الخمسة حوالى %18 «16 تريليون» من التبادل الاقتصادى العالمى، ويتوقع أن تنافس اقتصاديات هذه الدول، اقتصاد أغنى الدول فى العالم حاليا وفقا لما تنبأت به مجموعة «جولدمان ساكس» البنكية العالمية.
إذا نظرنا إلى ما يمثله هذا التجمع من أهمية، فيجب ألا نقلل من أهمية التحركات المصرية الأخيرة للانضمام له، لكن المشوار بالطبع ليس باليسير، فأمامنا خطوات طويلة لكى تصبح مصر الدولة السادسة فى التجمع لكى يتحول اسمه من بريكس إلى بريكسى، بإضافة حرف الـE إلى المسمى الحالى له.
أهمية انضمامنا للبريكس تكمن فى أن الهدف الأساسى من هذا التجمع، هو تحقيق مصالح مشتركة، ومصر لديها من الخبرات فى مجالات عديدة ما يمكنها من مساعدة الدول الأخرى، فمصر بثقلها السياسى، أكبر دولة فى المنطقة العربية والشرق الأوسط، كما أن مصر فى المقابل تحتاج إلى الاستثمار الأجنبى، خاصة أن المستثمرين الأوروبيين لاسيما من فرنسا وبريطانيا وألمانيا لديها تخوفات، بينما مستثمرو دول البريكس تعودوا على المصاعب المرتبطة بالظروف السياسية، كما أن مصر تريد أيضا الاستفادة من تجارب بعض دول البريكس مثل الهند والبرازيل فى مجالات التعليم والصحة والزراعة ومكافحة الفقر والأمية وغيرها، فضلا على احتياجنا للاقتراض الخارجى، لأن فوائده أقل من الاقتراض الداخلى.
اليوم انتهى مرسى ونظامه لكن يظل حلم الالتحاق بتجمع البريكس يراود الكثيرين فى مصر، لكن عمليا يبدو المشهد أيضا صعبا ولكن ليس مستحيلا، الصعوبة تكمن فى أن دولة البرازيل حتى الآن لم تبد تفهما لما يحدث فى مصر بعد 30 يونيو، كما أن جنوب أفريقيا استغلت الثورة وتحاول فرض أى عقوبة دولية على مصر لكى تكون مبررا لحرمانها من أى تمثيل أفريقى بالعضوية الدائمة بمجلس الأمن حال الاتفاق على توسيعه، لذلك فإنها وضعت نفسها فى خندق المدافعين عن الإخوان. لكن فى المقابل، فإن علاقاتنا مع روسيا تسمح بأن تدافع عنا موسكو فى هذا التجمع، وأن تساند طلبنا بالانضمام له، خاصة بعد التقارب الذى بدأ قويا بين القاهرة وموسكو بعد ثورة 30 يونيو، لكن فى المقابل لا يجب أن نرتكن لروسيا بمفردها وإنما علينا أن نفتح أبواب العلاقات مع الصين، وهى دولة مهمة ومحورية وتتفهم الطابع المصرى ولديها رغبة فى التعاون مع مصر، لذلك فإن مصر مطالبة بانفتاح أكبر على الدول الصاعدة فى إطار سياسة تنويع الخيارات أمام صانع القرار السياسة المصرى، وأن يكون هدف الانضمام لبريكس هو الدافع لفتح قنوات اتصال قوية مع دول مهمة مثل الهند والصين والبرازيل بالإضافة إلى روسيا بالطبع.
إذن الهدف مشروع بل ومطلوب أيضا فى هذا التوقيت الذى تواجه فيه بلدنا أزمة اقتصادية، لكن علينا أن نعمل بجدية لتحقيق هدفنا.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة