د. محمد سيف

صوموا تصحوا

الثلاثاء، 01 سبتمبر 2009 03:37 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
معلوم أن الغذاء فيه حياة الإنسان وبقاؤه وسبيله للقيام بأعباء هذه الحياة، ولذلك قد يتعجب المرء كيف تكون الصحة مما فيه منع أو حرمان لذات الشىء الذى فيه حياة وبقاء؟ هكذا أخبر المعصوم، صلى الله عليه وسلم، عن ربه منذ أربعة عشر قرنا من الزمان.. "صوموا تصحوا".. ولما كان الإيمان بالرسول، صلى الله عليه وسلم، فى زمن بعثته من القوة بمكان تجعل أصحابه يقومون بأداء التكاليف دون البحث فى أسبابها أو عللها، كان قيامهم بهذا التكليف بل والزيادة فيه، أما فى زماننا وقد علم الله ضعف الإيمان فى قلوب البعض منا كان لابد من أن يظهر إلى حيز الوجود الأدلة العلمية والطبية المفسرة لذلك والموضحة له.
فجاء العلم الحديث يبرهن بما لا يضع مجالاً للشك على صحة هذا الخبر، فالصيام يعمل على إراحة أجهزة الجسم، وخاصة الجهاز العصبى والجهاز الهضمى بعد فترات عمل طويلة، مما يؤدى إلى تقويتها وزيادة كفاءتها, كما أن صيام رمضان والمداومة على عملية الصوم خلال السنة يجنب المسلم الإصابة بمرض السمنة أو زيادة الوزن، ويحميه من جميع المضاعفات والأمراض الخطيرة الناتجة عنها مثل تصلب الشرايين وأمراض القلب والسكرى وأمراض الكلى والمرارة وارتفاع ضغط الدم والنقرس. وتعجب حينما تعلم أن الدراسات التى أجريت على النساء الحوامل أثبتت أنه ليس لصيام شهر رمضان أى تأثير سلبى على معدل وزن الأطفال حديثى الولادة، بل إن معدل الوزن لهذه الفئة كان أكبر عند الأمهات اللواتى مارسن فريضة الصيام خلال فترة حملهن منه عند الأمهات اللواتى لم يمارسن هذه الفريضة.

وتبين أن نظام الصيام المتبع فى الإسلام الذى يشتمل على الأقل على أربع عشرة ساعة من الجوع والعطش ثم بضع ساعات إفطار، هو النظام المثالى لتنشيط عمليتى الهدم والبناء، وهذا عكس ما كان يتصوره الناس من أن الصيام يؤدى إلى الهزال والضعف، فلمواجهة الجوع الذى يفرضه الصيام على الإنسان تتحرك الأجهزة الداخلية لجسمه لاستهلاك الخلايا الضعيفة والمريضة والتالفة فيه ثم يقوم الجسم بعد ذلك بتجديد تلك الخلايا، فتتاح للجسم فرصة ذهبية كى يسترد خلالها حيويته ونشاطه، وكذلك يكون الصيام وقاية للجسم من كثيـر من الزيادات الضارة مثل الحصوات والرواسب الكلسية والزوائد اللحمية والأكياس الدهنية، وكذلك الأورام فى بداية تكونها.

والصيام يقى أصحابه من مرض السكر، فهو خير فرصة لخفض نسبة السكر فى الدم إلى أدنى معدلاتها، وعلى هذا فإن الصيام يعطى غدة البنكرياس فرصة رائعة للراحة، فالبنكرياس يفرز الأنسولين الذى يحول السكر إلى مواد نشوية ودهنية تخزن فى الأنسجة، فإذا زاد الطعام عن كمية الأنسولين المفروزة فإن البنكرياس يصاب بالإرهاق والإعياء، ثم أخيرا يعجز عن القيام بوظيفته، فيتراكم السكر فى الدم وتزيد معدلاته بالتدريج حتى يظهر مرض السكر. وقد أقيمـت دور للعلاج فى شتى أنحاء العالم لعلاج مرضى السكر باتباع نظام الصيام لفترة تزيد على عشر ساعات، وتقل عن عشرين كل حسب حالته، ثم يتناول المريض وجبات خفيفـة جدا، وذلك لمدة متوالية لا تقل عن ثلاثة أسابيع. وقد جاء هذا الأسلوب بنتائج مبهرة فى علاج مرضى السكر ودون أية عقاقير كيميائية.

إن الصيام يفيد فى علاج الأمراض الجلدية، والسبب فى ذلك أنه يقلل نسبة الماء فى الدم فتقل نسبته بالتالى فى الجلد، مما يعمل على زيادة مناعة الجلد ومقاومة الميكروبات والأمراض المعدية الجرثومية، كما يقلل من حدة الأمراض الجلدية التى تنتشر فى مساحات كبيرة فى الجسم مثل مرض الصدفية، كما أنه يخفف من أمراض الحساسية ويحد من مشاكل البشرة الدهنية, هذا بالإضافة إلى أن الصيام يقلل من إفرازات الأمعاء للسموم، ويؤدى إلى تناقص نسبة التخمر التى تسبب دمامل وبثورا مستمرة. كما ثبت بالتجارب العلمية أنه يمكن للصيام أن يكون علاجا حاسما لآلام المفاصل، وقد أرجعوا هذا إلى أن الصيام يخلص الجسم تماما من النفايات والمواد السامة، وذلك بصيام متتابع لا تقل مدته عن ثلاثة أسابيع، وفى هذه الحالة فإن الجراثيم التى تسبب هذا المرض تكون جزءا، مما يتخلص منه الجسم أثناء الصيام، وقد أجريت التجارب على مجموعة من المرضى وأثبتت النتائج نجاحا مبهرا.

لا نندهش إذن عندما نستمع إلى قول الحق سبحانه وتعالى (وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون) فكم من آلاف من البشر جنت عليهم شهيتهم المتوثبة دائما إلى الطعام والشراب دون علم ولا إرادة، ولو أنهم اتبعوا منهاج الله وسنة النبى محمد، صلى الله عليه وسلم، بعدم الإسراف فى الأكل والشرب، وبصيام ثلاثة أيام من كل شهر لعرفوا آلامهم وأمراضهم، وخفت أبدانهم من عشرات الكيلو جرامات.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة