أحمد رفعت

.. بل متى يتوب الإسلاميون؟

السبت، 29 أغسطس 2009 03:21 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ليس ما جرى من تفاهم وود بين هانى صلاح الدين وسعيد شعيب– مع حفظ الألقاب– فى أحد الأماكن العامة معاهدة تستوجب إغلاق الموضوع وطى صفحة السجال الذى بدأ بين طرفين أحدهما يقول عن نفسه إنه إسلامى ويقول الآخر عن نفسه إنه علمانى.

الأول يدعى امتلاك الحقيقة المطلقة ولا يريد أن يفهم أبدا أن ما يطرحه هو رؤية فى الإسلام وليس الإسلام وهذه الرؤية هى رؤية فريق وتمتلك فرق أخرى رؤى أخرى وليس من حق أحد أن يقول إنه– وحده– الذى يمثل الإسلام فلم يفعل ذلك واحد من الأئمة الأربعة الكبار وقال إن فقهه ومذهبه هو الإسلام رغم اختصار رؤاهم على الأمور الفقهية والشرعية فما بالكم إذا أضيف إليها رؤى فى السياسة والاقتصاد والثقافة والإعلام وخلافه.
بينما ارتضى الفريق الآخر "العلمانى" بتوصيف الأول له دون اتفاق على تعريف واحد ووحيد ومحدد للعلمانية ودون أن يناقش أحد ماذا نعنى بالعلمانية فى مجتمع مسلم مختلف تماما عن ذلك المجتمع الذى نشأت فيه العلمانية؟ فبعضهم علمانى بأحد التعريفات وغير علماني بتعريف آخر، لكن ولأن الفريق الأول "الإسلاميين" يدركون أنه بمجرد وصف الفريق الآخر بالعلمانية فقد قطع ثلاثة أرباع المسافة للقضاء عليه وهزيمته بعد أن بدأ بالتوصيف سئ السمعة عند الغالبية بعد إضافته دائما إلى (الملحدين والشيوعين) ويبدأ أنصار الفريق الآخر من هنا من رد التهمة والقسم تلو القسم أنهم مؤمنون بالله وبدياناته ولكنهم يريدون مجتمعا تعدديا يقبل أطرافه بوجود مخالفيهم فى الرأى والرؤى وأنهم يبحثون عن مجتمع العدل والقانون والحريات وحرية العقيدة إلى آخر مواصفات المجتمع الذى يريده المستنيرون الذين يقبلون بوصف "العلمانيين" دون تحديده وينطلقون فى أى سجال إلى حالة الدفاع عن النفس وهى لعبة قديمة للإسلاميين باتت محروقة والنتيجة الوحيدة منها هو أنه لا يوجد ما يسمى بالمعتدلين فى التيار الإسلامى وأن وجود مثل هذا الفريق المعتدل وهم كبير فإذا وجدت– مثلا– أحدهم يؤمن بتعدد الأحزاب رأيته يحتقر المرأة وإذا وجدت أحدهم يحترم المرأة ويؤمن بتعدد الأحزاب وجدته يحتقر الأقباط وهكذا.

وفى ظل عالم إسلامى بات فى ذيل الأمم ومضرب المثل فى التخلف والجهل والتعصب علينا أن نسأل: متى يتوب الإسلاميون؟ وهو السؤال الصحيح وسوف يسأل أغلبهم فى براءة: ماذا يقول هذا المعتوه؟ وعن ماذا نتوب؟ هل سنتوب عن عبادة ربنا وإسلامنا وديننا الحنيف؟ وهل يريدنا أن نترك عقيدتنا ونتخلى عن إيماننا؟ إنها المؤامرة الصليبية العلمانية الكبرى وها هم أذناب الغرب الفاجر الفاسق يكشفون عن وجوههم القبيحة! وعلى هؤلاء الأبرياء الأتقياء نرد: لا.. ليس هذا هو المطلوب لأن– ببساطه– التمسك بصحيح الدين– نكرر صحيح الدين– سوف يوقف جرائم الإسلاميين فى حقنا وفى حق ديننا وفى حق الإنسانية كلها فليس هناك علمانى واحد أعلن أنه يمثل الإسلام منفردا وأنه وكيل الله فى فهمه وتفسيره إنما يفعل ذلك الإسلاميون منذ ظهرت جماعاتهم المتعددة فى النصف الأول من القرن المنصرم وقد ساهموا– بغباء شديد– فى أشغال مجتمعنا عن تطوره وعن نضالاته المختلفه بطرق صبت فى النهاية لمصلحة أعداء الأمة!
متى يتوب الإسلاميون عن لى النصوص الدينية وتفسيرها تفسيرا متعسفا يخرجها من نورها وروعتها؟ متى يتوب الإسلاميون عن تصدير صورة الإسلام باعتباره الدين الذى يدعو دائما إلى سفك الدماء واضطهاد الآخر والإسلام على خلاف ذلك تماما؟ متى يتوب الإسلاميون عن القتل والذبح والتفجير فى باكستان والعراق والجزائر والمغرب ولبنان واليمن والصومال ومالى وكينيا ومصر قبلهم طبعا وكلها مجتمعات مسلمة مؤمنة عابدة؟ هل تابع هانى صلاح الدين– مع حفظ الألقاب– ما جرى– وما يجرى أحيانا– فى صعيد مصر؟ هل تابع قتل الأبرياء والذبح على المشاع وتحويل الأفراح إلى مأتم والحفلات البريئة إلى جنائز فى أسيوط وسوهاج وديروط ومنفلوط وابوتيج والقوصية وديرمواس والغنايم وصنبو ومنشية ناصر وغيرها؟ هل يسجل من على بعض المنابر حملات الكراهية والحقد على غير المسلمين والذى انتقل بدوره إلى غير الإسلاميين؟ هل يدرك حجم مسئولية تياره عن الفتنة الطائفية؟ هل يتذكر أعداد مجلتى الدعوة والاعتصام ودورهم فى الفتنة؟ هل يتذكر عناوينهم وما تقدمه من نيران ملتهبة؟ هل يشاهد فضائيات تقدم الدين الحنيف على غير ما أنزل؟ هل استمع إلى أشرطة كاسيت لشيوخ التطرف تتحمل الجزء الأكبر فى شحن صدور البسطاء لتتحول إلى عنف ضد غير المسلمين وغير الإسلاميين أحيانا؟ متى يتوب الإسلاميون عن الانحراف بديننا العظيم الرائع عن مقاصده التى أنزل من أجلها؟ متى يتوب الإسلاميون عن تشويه صورة دين العدل والرحمة وتصويره كأنه دعوة للهمجية والتخلف؟ متى يتوبون عن تحريف صورة دين العلم والعقل والمدنية وتقييمه ظلما باعتباره النقيض للعلم والبحث والدراسة وأصبح كل من يسأل كافرا وكل من يجتهد كافرا وكل من يبحث كافرا؟!
أى جرائم للعلمانيين لا تزيد عن كلام عن الورق يكتب ضده وفى الرد عليه وفى سب أصحابه أضعاف أضعافه ولم يتسبب سطر منها فى إطلاق رصاصة أوفى تفجير قنبلة أوفى قتل نفس بريئة يهتز لقتلها– بغض النظر عن دينها– عرش الرحمن.

هذا التيار تسبب فى جرائم لا حصر لها تحتاج توبة نصوح ربما يستمر استغفار أصحابها الدهر كله!
لقد كنا نرغب فى كتابة اعتذار للمتنصرة نجلاء الإمام بعد أن تركنا علماءنا يقدمون لها ديننا العظيم مشوها بفضل رؤاهم المتخلفة، لكن خشينا أن يمر الحوار الدائر على موقع "اليوم السابع" خصوصا بعد أن جاء هانى صلاح الدين بآخره وطلب من خصومه التوبة ويمنع الأدب والخجل زميلنا العزيز سعيد شعيب من أن يقول أشياء كثيرة وتبقى رسالتنا لنجلاء الإمام ومحمد حجازى مؤجلة لمقال آخر ولا أملك إلا أن أذكر بمقولة الإمام العظيم الراحل محمد الغزالى حين كتب مندهشا من حال أمتنا ناعيا أحوال أبنائها قائلا "إنها تركت القرآن للسنة وتركت السنة لأقوال الفقهاء ثم تركت أقوال الفقهاء للحواشى"!









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة