سلطنة عمان تتطلع إلى ما بعد العقوبات لاستيراد الغاز من إيران

الإثنين، 30 سبتمبر 2013 05:03 ص
سلطنة عمان تتطلع إلى ما بعد العقوبات لاستيراد الغاز من إيران خط غاز
دبى (رويترز)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إذا استطاع الرئيس الإيرانى حسن روحانى تحقيق حلمه فى التوصل إلى اتفاق مع القوى العالمية حول برنامج طهران النووى فى غضون ستة أشهر فإن سلطنة عمان وهى وسيط مهم فى النزاع قد تصبح فائزا كبيرا.

لكن دعوة روحانى فى نيويورك الأسبوع الماضى للتوصل إلى اتفاق فى غضون ثلاثة إلى ستة أشهر تأتى بعد إرهاصات كثيرة لم تتبلور لحل أزمة إيران المستمرة منذ عشر سنوات مع الغرب حول البرنامج النووى الإيرانى.

وقبل أسابيع من أول رحلة خارجية يقوم بها روحانى منذ توليه مهام منصبه فى أغسطس زار مسئولون من سلطنة عمان طهران فى محاولة لشراء الغاز من إيران آملين فى رفع العقوبات عن الجمهورية الإسلامية فى يوم ما حتى تستطيع بلادهم الحصول على إمدادات من الغاز تحتاجها بشدة عبر خليج هرمز.

وتحوز إيران أكبر احتياطيات من الغاز فى العالم وتحاول عمان شراء الغاز الإيرانى منذ عام 2005 لتشغيل صناعات تحتاج إلى طاقة كثيفة ووحدات لتصدير الغاز الطبيعى المسال كانت تخطط لإنشائها قبل أن تخفض تقديراتها لاحتياطياتها من الغاز.

ولم يتم إحراز أى تقدم فى مشروع خط أنابيب ينقل الغاز من إيران إلى عمان منذ ذلك الحين نظرا لخلافات حول الأسعار وعقوبات غربية عرقلت مشروعات طاقة إيرانية إضافة إلى ضغوط أمريكية على عمان لإيجاد موردين آخرين.

لكن عمان تحتل مركزا متقدما فى طابور يتشكل أمام أبواب إيران مماثل لما شهدته ميانمار عند رفع العقوبات المفروضة عليها.

وتحركت مسقط سريعا لتعزيز العلاقات مع طهران منذ انتخاب الرئيس الإيرانى المعتدل حسن روحانى، وهو ما يساهم فى تحسين آفاق التجارة على الأجل الطويل. وكان السلطان قابوس بن سعيد أول رئيس دولة يجتمع مع روحانى بعد تولى الرئيس الإيرانى مقاليد السلطة فى أوائل أغسطس.

وفى تلك الجولة وقعا وزيرا الطاقة فى البلدين اتفاقية لتوريد الغاز يقدر وزير الطاقة الإيرانى قيمتها بنحو 60 مليار دولار على مدى 25 عاما وهو ما سيكون أكبر صفقة تجارية على الإطلاق بين طهران ومسقط، هذا إذا بدأ تدفق الغاز بينهما.

وقال وزير الطاقة العمانى محمد بن حمد الرمحى لـ"رويترز" فى أوائل سبتمبر بعدما وقع اتفاقية الغاز مع إيران فى أواخر أغسطس إن الحكومة الجديدة فى إيران لها توجه مختلف معربا عن تفاؤل بلاده بحل جميع الخلافات السياسية بين إيران والغرب حيث يسود شعور فى عمان بأن الأمور تتغير.

وتشهد العلاقات توترا بين حكام الخليج السنة وقادة إيران الشيعة لكن سلطان عمان قابوس بن سعيد يحتفظ بعلاقات جيدة نسبيا مع طهران طوال فترة حكمه البالغة 43 عاما. وقابل السلطان قابوس وزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف وكبار المسئولين العسكريين فى طهران خلال زيارته للعاصمة الإيرانية مؤخرا، كما وقع وزير دفاعه اتفاقية تعاون عسكرى مع إيران فى منتصف سبتمبر بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء العمانية الرسمية.

وعمان حليف وثيق للولايات المتحدة وعملت كوسيط بين واشنطن وطهران فى النزاع حول البرنامج النووى الإيرانى، وذلك بحسب برقيات للسفارة الأمريكية فى عمان ترجع لعام 2006 نشرها موقع ويكيليكس. وتنفى طهران مزاعم الغرب بأنها تهدف لإنتاج أسلحة نووية، وتقول إن برنامجها مخصص فقط لأغراض سلمية.

وقال دبلوماسى غربى إنه رغم تحسن المناخ السياسى منذ مجىء روحانى إلى السلطة إلا أن العقوبات لا تزال تعمل بقوة وأى شركة تشارك فى مشروع تعد منتهكة لتلك العقوبات.

وبدأت عمان فى استيراد الغاز القطرى من خلال خط أنابيب يمر عبر دولة الإمارات العربية المتحدة فى 2007. لكن تلك الكميات ليست كافية. ونقلت برقية للسفارة الأمريكية يرجع تاريخها إلى السادس من مايو 2009 عن الوزير الرمحى قوله إن واردات الغاز من إيران ضرورية وحتمية، نظرا لأن قطر والسعودية رفضت طلباته لاستيراد الغاز.

وامتنعت السفارة الأمريكية ووزارة الطاقة العمانية فى مسقط عن التعليق على اتفاقية الغاز الأخيرة، لكن مصدرا دبلوماسيا غربيا قال إن تلك الاتفاقية لم توقع بموافقة الولايات المتحدة رغم تحسن أفق العلاقات مع طهران.

وقال مسئول أمريكى فى واشنطن دون إسهاب "جرى نقل المخاوف الأمريكية إلى عمان".

وقال محللون إن تنامى طلب عمان على الغاز بدأ يؤثر بالفعل على صادراتها المحتملة من الغاز الطبيعى المسال وإذا لم توفر السلطنة مزيدا من الغاز فإن تلك الصادرات قد تنضب على مدى العقد المقبل.

وقال مسئولون إيرانيون إنهم يتوقعون بدء تصدير الغاز لعمان فى غضون عامين، لكن الرمحى قال إنه يستبعد بناء خط أنابيب تحت البحر يشكل تحديا فعليا فى هذا التوقيت.

وتزامنت محادثاته فى إيران مع مواصلة شركة الطاقة البريطانية "بى.بى" مفاوضاتها المتعلقة بمشروع خزان لاستخراج كميات من الغاز يصعب الوصول إليها فى عمان، وقد تصل إمدادات المشروع إلى نحو مليار قدم مكعبة بحلول 2018.

ولا تزال عمان فى حاجة إلى مزيد من واردات الغاز على الأجل الطويل لذا فمن المنطقى أن تمهد الطريق من الناحية السياسية حتى، وإن عرقلت العقوبات إحراز تقدم.

وقال ريتشارد كوين، كبير محللى بحوث الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لدى وود ماكينزى للاستشارات فى أدنبرة "نظرا للتغييرات الأخيرة فى القيادة السياسية الإيرانية فالوقت جيد للعمل من أجل التوصل إلى صفقة منفعة مشتركة، ويتيح هذا العمل على الأجل الطويل وقتا أمام التحديات الجيوسياسية القائمة بين إيران وبقية العالم لتحرز بدورها بعض التقدم الفعلى".

ووقعت طهران صفقات لتوريد الغاز إلى باكستان والعراق وعمان، لكن حاجة طهران الشرهة للغاز جعلت من الصعب عليها تلبية التزامات المبيعات الحالية مع تركيا ودفعتها لاستيراد الغاز من تركمنستان.

ويظهر تأخر بناء خط أنابيب إلى باكستان الصعوبات المالية والسياسية التى يواجهها هذا المشروع أو أى مشروع آخر مماثل مادامت طهران موجودة فى القائمة السوداء لواشنطن.

ولم يتحدد بعد مسار خط الأنابيب المزمع من إيران إلى عمان، لكن الخيارات المتاحة جميعها تشكل تحديات من الناحية الفنية لبلد لم ينشئ من قبل خط أنابيب يمتد تحت مياه الخليج.

ويقول محللون إن آمال الإيرانيين فى الاستفادة من الطاقة الزائدة فى وحدات تصدير الغاز الطبيعى المسال العمانية لشحن الغاز الإيرانى إلى الأسواق العالمية لا تعدو أكثر من حلم بعيد المنال نظرا لأن الشركات الغربية القلقة من العقوبات تملك حصصا فى تلك الوحدات.

وقد تتمثل أكبر عقبة تعترض التوصل إلى اتفاق فى تحديد أسعار الغاز الإيرانى. فأسعار الغاز فى عمان عند مستويات أقل من التكلفة لدى معظم المنتجين وحتى بعد الزيادة المزمعة فى الأعوام القليلة المقبلة فإنها ستظل أقل من المستويات العالمية.

وترى إيران إن الجزء المتعلق بالغاز الطبيعى المسال فى المشروع سيحسن النواحى الاقتصادية نظرا لأنه سيتيح الوصول إلى الأسواق فى شرق آسيا التى تدفع حاليا أسعارا تزيد بخمسة أمثال لشراء الغاز.

لكن محللين يقولون إنه من الصعب أن يوافق شركاء عمان على شروط الاتفاق مع إيران وإذا لم توافق إيران على توريد الغاز لعمان بسعر أقل من المستويات المنخفضة لصادرات الغاز الطبيعى المسال التى وقعتها مسقط على الأجل الطويل فإن عمان قد تجد أنه من الأجدى اقتصاديا وقف صادراتها من الغاز الطبيعى المسال.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة