عادل السنهورى يكتب: تطبيق الحد الأدنى للأجور..هل تقدر عليه «الأيدى المرتعشة» للحكومة؟..وهل يؤدى تطبيقه لأزمة جديدة لحكومة الببلاوى وصدام بينها وبين نحو 6 ملايين عامل بالقطاع الحكومى و18 مليونا بالخاص؟

الأحد، 22 سبتمبر 2013 01:26 ص
عادل السنهورى يكتب: تطبيق الحد الأدنى للأجور..هل تقدر عليه «الأيدى المرتعشة» للحكومة؟..وهل يؤدى تطبيقه لأزمة جديدة لحكومة الببلاوى وصدام بينها وبين نحو 6 ملايين عامل بالقطاع الحكومى و18 مليونا بالخاص؟ الببلاوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تسببت الحكومة بقرارها المفاجئ بالحد الأدنى للأجور للعاملين فى القطاع الحكومى وتحديده بـ1200 جنيه فى إثارة موجة من الجدل حول القرار الذى صدر بشكل وصفه اقتصاديون وخبراء عماليون بـ«المتسرع» والمرتبك وصدر لإرضاء الرأى العام وتخفيف الضغوط على الحكومة، واعتبره الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة «سلاحا ذا حدين»، حيث إنه يمكن أن يقلل من فرص الاستثمار والتنمية فى مصر إذا تم تحديده، وفى حالة عدم التحديد فإنه يعتبر إهدارا لحقوق العمال ومكتسبات الثورة، ورأى اتحاد العمال أن يكون الحد الأدنى للأجر الأساسى وليس الشامل.

فهل يؤدى «الحد الأدنى» إلى أزمة جديدة لحكومة الدكتور الببلاوى وصدام بينها وبين نحو 6 ملايين عامل بالقطاع الحكومى و18 مليونا بالقطاع الخاص؟ وهل ستعجز الحكومة عن توفير الموارد والمخصصات المالية اللازمة للحد الأدنى للأجور؟

يوم الأربعاء الماضى فوجئت الأوساط العمالية والاقتصادية بتصريحات الدكتور حازم الببلاوى رئيس الوزراء بتحديد الحد الأدنى للاجور بـ1200 وتطبيقه فى يناير المقبل بما يعنى أن 6 ملايين عامل حكومى سوف يستفيدون من القرار ولكن دون «مذكرة تفسيرية» للقرار الذى يمكن أن يحدث أزمة كبيرة فى الجهاز الحكومى للدولة إذا لم يتم وضع معايير احتساب الحد الأدنى للعاملين، سواء بالقطاع الحكومى أو القطاع الخاص، التى لم تحسم الحكومة أمر تطبيق الحد الأدنى على العاملين فيه لأنه يحتاج مراجعة أصحاب الأعمال، فمعايير تطبيق الحد الأدنى تستوجب أمورا كثيرة، أهمها احتساب سنوات الخبرة والمهارة والكفاءة المهنية والدراسة، إضافة إلى المعيار الأهم وهو الزيادات السنوية المرتبطة بزيادة أعباء المعيشة سنويا، وارتفاع الأسعار وإعادة نظر فى قيمة الحد الأدنى كل عام على الأقل، وأن تتم مراعاة ارتفاع الأسعار وزيادة معدلات التضخم عند إعادة النظر فى هذه القيمة، وذلك لضمان توفير حياة كريمة للعامل تتناسب مع الزيادة السريعة بالأسعار بشكل يومى.. كل هذه المعايير يجب أن توضع فى الاعتبار عند بدء التطبيق.

وسواء جاء قرار الحكومة متسرعا ومرتبكا أو ناتجا عن دراسة فإنه يصب فى صالح هدف «العدالة الاجتماعية» والانحياز لشريحة اجتماعية كبيرة عانت طوال السنوات الماضية من سياسات البيع والخصخصة، ويكون مقدمة صحيحة وبداية مهمة فى طريق إصلاح هيكل الأجور فى مصر لتصحيح أوضاع خاطئة وظالمة لنحو 24 مليون عامل فى القطاعين العام والخاص وخطوة ملحة وضرورية فى طريق العدل، ومنح هؤلاء الإحساس بانحياز الحكومة لهم لأول مرة منذ عقود طويلة، وحتى لا تبدو حكومة الدكتور الببلاوى «مرتعشة ومترددة» فى صناعة وإصدار القرارات المنحازة للغالبية العظمى من الشعب وللشرائح الاجتماعية الدنيا والوسطى، وسواء تحفظ على القرار قيادات عمالية أو وافقت عليه فإنه قرار «مرضٍ ومقبول» كخطوة أولى أو كما قال كمال أبوعيطة وزير القوى العاملة والهجرة إذا مت الآن فسأكون مرتاح الضمير بعد إقرار الحد الأدنى الذى قد يمتد أيضا إلى معاش الضمان الاجتماعى ليحقق بذلك ارتياحا اجتماعيا يشمل أكثر من 35 مليون شخص بأسرهم، وهو ما يعنى تحقيقى «ظهير ودعم شعبى» للحكومة الانتقالية لتنفيذ باقى أهداف الثورة.

ولكن قد يبرز السؤال حول سبل توفير الموارد المالية لميزانية الأجور، وهو السؤال المردود عليه كما يؤكد خبراء الاقتصاد، ففى حالة توحيد الحد الأقصى للأجور فإنه سيتوفر مليارات الجنيهات فى تلك الميزانية، إضافة إلى ضرورة البحث فى الحد فى الموارد المالية المهدرة للدولة فى قطاعات عديدة لتوفير مليارات الجنيهات أيضا، منها على سبيل المثال «جيش المستشارين» فى الهيئات والمؤسسات الحكومية والتى تقدر بنحو 18 مليار جنيه سنويا فى حدها الأدنى. ومنها أيضا ضرورة المضى فى طريق إعادة النظر فى الطاقة المجانية التى تحصل عليها المصانع ذات الكثافة الاستهلاكية العالية للطاقة من الحكومة.

لقد كان الحد الأدنى للأجور أحد أسباب ثورة 25 يناير ويقف وراء الاحتجاجات العمالية، التى تطالب بتوفير حياة كريمة سواء للعاملين بالقطاع الخاص أو العاملين فى القطاع الحكومى بكل مؤسساته، والحد الأدنى أصبح لدى الشعب المصرى حكايات وقصص غريبة بداية من حكومة الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء السابق ومرورا بحكومة الدكتور عصام شرف وكمال الجنزورى وهشام قنديل وأخيرا حازم الببلاوى. ففى عام 1980 تم وضع 35 جنيها كحد أدنى للأجر، وبعد صدور قانون العمل الجديد رقم 12 لسنة 2003 الذى شدد على أن يعاد النظر فى قيمة الحد الأدنى كل 3 سنوات، حتى صدر الحكم بإلزام حكومة نظيف بوضع قيمة للحد الأدنى، وقدرت وقتها بـ1200 جنيه. وتحايلت وقتها حكومة نظيف على حكم المحكمة وقامت بوضع 400 جنيه حدا أدنى للأجور.

وبعد قيام ثورة 25 يناير وتولى الدكتور عصام شرف رئاسة الوزراء وضعت حكومة شرف 700 جنيه حدا أدنى للأجور، وذلك بعد قيام لجنة من منظمة العمل الدولية بعمل عدد من الدراسات بالتعاون مع وزارة القوى العاملة والهجرة، والتى كان يتولاها الدكتور أحمد حسن البرعى.

وفى عهد حكومة الدكتور كمال الجنزورى لم يعلن عن قيمة جديدة للحد الأدنى للأجور، وإنما أصدر قرارا بوضع حد أقصى للأجر للعاملين فى القطاع العام ومؤسسات الحكومة لا يزيد على 35 ضعف الحد الأدنى.

وفشلت حكومة الدكتور هشام قنديل التى استمرت لمدة عام كامل فى وضع قيمة للحد الأدنى للأجور.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة