شيدت السد العالى لكنها فشلت فى إقامة شبكة مياه شرب فى قرية البرادعة

هل أصبحت «المقاولون العرب».. عملاقا على حافة الهاوية؟

الخميس، 06 أغسطس 2009 09:29 م
هل أصبحت «المقاولون العرب».. عملاقا على حافة الهاوية؟ إبراهيم محلب
كتب بهاء الطويل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فشلت فى توصيل شبكات مياه لقرية البرادعة بالقليوبية.. هذا هو واقع الحال فى شركة المقاولون العرب والذى أدى إلى إصابة نحو 351 من أبناء القرية بالتيفود حتى يوم الأحد الماضى، ونسب إلى محافظ القليوبية المستشار عدلى حسين تحميله الشركة المسئولية عما حدث، وتدخل الرئيس مبارك بعد أيام قليلة من الحادث ليصدر قرارا بتغيير شبكة المياه فى القرية، وعلى الفور بدأ رئيس الشركة إبراهيم محلب الاتفاق مع محافظ القليوبية لتنفيذ توجيهات الرئيس.

توجيهات الرئيس عالجت وضعا خاطئا، لكنها فتحت باب السؤال عما إذا كانت الشركة العملاقة أصبحت عجوزا شائخة أصابتها البيروقراطية.

ما حدث فى محافظة القليوبية لا يليق بشركة فى حجم «المقاولون العرب» بخبراتها وإمكانياتها الضخمة وخبرائها الذين لا ينافسهم أحد، ولا يقلل الالتفات إليه أنواع الدفاع، مثل التى يقولها العميد محيى الصيرفى المستشار الإعلامى للشركة القابضة للمياه والصرف الصحى: «المشروع الذى كانت المقاولون فى القليوبية تنفذه، مجرد ماسورة يستطيع أى سباك تنفيذها» واستخلص من رأيه هذا رأيا آخر، هو: «لا يمكن توجيه مثل هذه الاتهامات لواحدة من أهم شركات المقاولات فى مصر».

ما قاله الصيرفى منطقى، لكنه يغفل قصص «مقاولى الباطن» الذين تلجأ لهم شركة «المقاولون العرب» لتنفيذ بعض المشروعات التى تسند إليها، وهو ما جعل الدكتور المهندس علاء زين، الخبير فى الهندسة الإنشائية، يقول: «المقاولون العرب ليست شركة مقاولات صغيرة لكنها صرح عملاق لا يمكن محاسبتها أو توجيه تهم إليها بسهولة، فالحكومة ستخاف على سمعتها وستكون حريصة على الأقل على الحفاظ على اسم الشركة».

وأضاف: «رغم كل شىء فهى الشركة الأكبر والأفضل». لكنه يرجع تدهور مستوى الشركة إلى اعتمادها على عدد كبير من عمال اليومية «لا ولاء لهم للشركة لأنهم يعتبرون العمل حسب التعبير الشعبى «سبوبة» وبعد انتهاء عملهم لن يستطيع أحد محاسبتهم».

الإشارة السابقة من الدكتور علاء زين تجد صداها فى قرية البرادعة بمحافظة القليوبية، حيث أسندت مشروع إنشاء شبكة مياه الشرب إلى مقاول من الباطن انتهى به الأمر إلى إحالته إلى النائب العام بقرار من المحافظ عدلى حسين.

شركة «المقاولون العرب» صرح عملاق يعمل به 60 ألفا، يمثل المهندسون حوالى 10 % منهم، أما الباقى فموزعون على النحو التالى: 12 % محاسبون وإداريون، 15 % عمالة متوسطة، 49 % عمالة ماهرة، 14 % فنيون ورؤساء عمال ومحاسبون. وللشركة فروع فيما يقرب من 30 دولة سواء فى الدول العربية أو فى أوروبا وأفريقيا وآسيا.

قيمة الشركة تبلغ 700 مليون جنيه وتحقق صافى أرباح 30 % سنويا من رأسمالها الثابت وفقا للتقييم الذى أعده الجهاز المركزى للمحاسبات بالاشتراك مع وزارة الاستثمار، لكن هذا التقييم أثار ردود أفعال غاضبة لأنه أقل من قيمة معدات الشركة التى تقدر بـ ـ2 مليار و82 مليون جنيه بالإضافة إلى مساحات الأراضى التى تمتلكها الشركة ونسبة الـ10 % من المؤسسة المصرفية الإسلامية.

هذا التقييم المنخفض لقيمة الشركة دفع النائب البرلمانى أشرف بدر الدين إلى أن يقول إنه «من غير المستبعد أن تكون هناك أياد خفية تحاول تخريب الشركة لتخفيض قيمتها إذا ما تم بيعها وخصخصتها بالكامل كما تردد مؤخرا».

أفضل من يتحدث عن أوضاع ومشاكل «المقاولون العرب» هم العاملون بها الذين «أصبحوا يعملون بنصف طاقتهم منذ تحويلها إلى شركة مساهمة» كما يقول أحد العاملين بالشركة رفض ذكر اسمه، ويضيف أن «قرار التحويل كان مفاجئا وسبب حالة ذعر، لأن العاملين اعتبروه خطوة نحو خصخصة الشركة مما يعنى أن الكثير من الامتيازات التى كنا نتمتع بها لتبعيتنا للقطاع الحكومى سنفقدها وربما يصل الأمر إلى تسريحنا من الشركة». مشيرا إلى أن عدم الشعور بالأمان ليس المشكلة الوحيدة، فهناك الإدارة المتعسفة ضدهم والمنحازة للمهندسين على حساب باقى العاملين بالشركة، وضرب مثالا على سيطرة المهندسين بإلغاء إدارة قسم المشتريات فى الشركة ليتحكم المهندس فى عمليات الشراء والتوريد والفحص.. حتى «أصبح المهندس هو المدير والمحاسب والإدارى». مما أحدث صداما بين إدارة الشركة والمحاسبين احتجاجا على تهميشهم لأن «المهندس يريد فعل كل شىء دون رقابة من المحاسبين».

ويدلل على هذا الكلام تولى المهندسين بالشركة مراكز ومناصب لا خبرة لهم بها، وتضرب مصادر بالشركة مثلا على ذلك فى شكل تساؤل هو: ما علاقة المهندس فيصل مرتضى، النائب الأول لرئيس مجلس الإدارة، بالمركز الطبى للشركة بمدينة نصر الذى يترأسه حاليا؟، فدراسته فى الهندسة ليس لها علاقة بالطب، ومن الممكن أن يرد مسئولو الشركة أن هذا منصب إدارى ليس أكثر، لكن الرد يأتى من المصادر نفسها بالقول إن هذا المثال نموذج لتولى غير المتخصصين لمسئوليات لا علم لهم بها داخل »المقاولون العرب«، وهو نذير انهيار أى صرح.

مشكلة أخرى تعانى منها الشركة هى ديونها الضخمة للبنوك والتى تصل إلى 3 مليارات و600 مليون جنيه وفوائد سنوية 600 مليون جنيه-، فى حين تبلغ المستحقات المالية عن المشروعات التى نفذتها الشركة لدى الحكومة نحو مليار و600 مليون جنيه، وهو ما جعل الدكتور رضا بكرى خبير التخطيط العمرانى يدافع عن الشركة قائلا: «لو تأثر أداء المقاولون العرب، فالسبب يرجع إلى أن كثيرا من الهيئات الحكومية تسند إليها إقامة مشروعات كبرى ثم لا تدفع لها مقابل ذلك، وهو ما يثقل الشركة بالديون وبالتالى يتأثر أداؤها». لكنه أكد على أن «الحفاظ على سمعة الشركة أمر أساسى لا يمكن التضحية به، حتى إن كانت لديها أخطاء فعلينا معالجتها والوقوف إلى جانب هذا الصرح العملاق».









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة