د.سمير البهواشى يكتب: المفهوم الأشمل للجهاد فى الإسلام

الأحد، 11 أغسطس 2013 05:09 م
د.سمير البهواشى يكتب: المفهوم الأشمل للجهاد فى الإسلام صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل أن تقرأ: يجب أن تتأكد.. أخى المسلم، أنى مسلم مثلك وحتى النخاع، وأحب دينى، وأحب رسول الله، وفوق كل هذا أحب الله وأحب ما يحبه الله وأكره ما يكرهه الله، وأعلم علم اليقين أنه لم يجن على الإسلام والمسلمين إلا تسييسهم للدين، بمعنى محاولة تطويع الدين ولى الحقائق لخدمة المصالح الشخصية، لا لخدمة الدين ذاته، ومن هذه المفاهيم التى استخدمت لأغراض دنيوية وليس لله فيها نصيب، مفهوم الجهاد، لذلك فانا أرى – والله أعلم – إن على الداعى إلى الله، حقيقة، بالله ولله، أن يبين ويركز على المفهوم الأوسع والأشمل لقيمة الجهاد حتى نستطيع النهوض من كبوتنا ونخدم ديننا ونكون كما أراد الله لنا {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} (110) سورة آل عمران )
الجهاد كلمة معناها بذل أقصى الجهد فى نشاط ما للوصول إلى غاية، يقول ابن حجر فى فتح البارى الجهاد بكسر الجيم أصله لغة المشقة يقال جهدت جهادا بلغت المشقة وشرعا بذل الجهد فى قتال الكفار (دفاعا) ويطلق أيضا على مجاهدة النفس والشيطان والفساق فأما مجاهدة النفس فعلى تعلم أمور الدين ثم على العمل بها ثم على تعليمها وأما مجاهدة الشيطان فعلى دفع ما يأتى به من الشبهات وما يزينه من الشهوات وأما مجاهدة الكفار فتقع باليد والمال واللسان والقلب وأما مجاهدة الفساق فباليد ثم اللسان ثم القلب، وهى كلمة أشمل من كلمة قتال أو حرب، فكل قتال أو حرب جهاد ولكن ليس كل جهاد حرب أو قتال.

فقد يكون الصوم جهادا وقد تكون الصلاة جهاداً وقد يكون طلب العلم جهاداً وقد يكون السعى على الأرملة والمسكين جهاداً وقد يكون العمل ومساعدة الآخرين جهاداً وقد تكون تربية الأولاد جهاداً وحسن تبعل المرأة لزوجها جهاد وقد تكون مسألة تبليغ الرسالة الإسلامية فى حد ذاتها جهاداً بدون أن يكون ذلك بالمقاتلة وإعلان الحرب بالضرورة، وانما يأتى القتال كجهاد فى مرحلة تالية وهى إعلان المبلغ (بتشديد وفتح اللام) الحرب على المبلغ (بتشديد وكسر اللام) ويكون فى هذه الحالة دفاعا عن النفس لا بدءاً بالقتال الذى ليس من أخلاق ولا آداب المسلم، قال تعالى: {وَقَاتِلُواْ فِى سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ} (190) سورة البقرة
وقال : {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِى كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (36) سورة التوبة
وقال : {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ} (191) سورة البقرة
وقال : {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } (8) سورة الممتحنة
وقال {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (9) سورة الممتحنة
وعن عبد الله بن أبى أوفى رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بعض أيامه التى لقى فيها العدو، انتظر حتى مالت الشمس، ثم قام فى الناس، فقال: "أيها الناس، لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف" ثم قال: "اللهم منزل الكتاب، ومجرى السحاب، وهازم الأحزاب، أهزمهم وانصرنا عليهم " متفق عليه
هذا إذا كان إبلاغ الدعوة يتم كما كان فى الصدر الأول من الإسلام عن طريق إرسال الوفود والرسائل إلى ملوك الدول، وقد ذهب ابن كثير فى تفسيره لآية {فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} (52) سورة الفرقان إلى أن الجهاد إنما يكون بالقرآن – أى بالحجة - وليس بالسيف، والمثل العربى يقول اغمد سيفك ما ناب عنك لسانك، وليس هناك ما هو أبلغ حجة من القرآن الكريم لمن فقهه يقول ابن كثير يقول تعالى: {ولو شئنا لبعثنا فى كل قرية نذيرا} يدعوهم إلى اللّه عزَّ وجلَّ، ولكنا خصصناك يا محمد بالبعثة إلى جميع أهل الأرض، وأمرناك أن تبلغهم هذا القرآن {لأنذركم به ومن بلغ}، {قل يا أيها الناس إنى رسول اللّه إليكم جميعا}، وفى الصحيحين: "بعثت إلى الأحمر والأسود"، وفيهما "وكان النبى يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة"، ولهذا قال تعالى: {فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا } يعنى بالقرآن، قاله ابن عباس، والمجاهدة هنا تعنى بذل أقصى الجهد فى تبليغ الدعوة
أما فى العصر الحالى وبعد ثورة الاتصالات فإن الجهاد ينبغى أن يقوم على المحاور الآتية:
1- تبليغ الدعوة وتوضيح الرسالة الإسلامية لمن لم يعلم بها أو علمها محرفة ويمكن أن يتم ذلك عبر وسائل كثيرة أهمها شبكة الإنترنت.
2- سلوك قويم ومشاركة فعالة للمسلم فى النهضة الحضارية التى يشهدها الكون وتتناقلها وسائل الإعلام، هذا هو الجهاد فى سبيل الله فى العصر الحالى والذى أفهمه أنا ويجب أن يتفهمه الجميع.
3- تأمين النفس والدين والعقيدة بإعداد ما نستطيع من قوة شريطة أن تكون من صنعنا نحن وبأفكارنا نحن وليس لغيرنا معرفة سرها حتى تصبح قوة رادعة أما أن نعتمد فى تسليح جيوشنا على شراء الأسلحة ممن نريد تبليغ الدعوة إليهم وممن قد يحاربوننا فى يوم من الأيام فهذا من وجهة نظرى هراء ونقص فى التفكير وإلغاء لفراسة المؤمن لأن صانع السلاح بكل بساطة لا يفرط فى سلاح يستطيع أن يحقق به النصر لنفسه على غيره، وإنما يفرط فى تلك النوعية التى عفا عليها الدهر فى ترسانته وأصبح عالما بكل خفاياها وأسرارها بل وكيف يتسنى له تعطيلها وإفسادها من بعد إذا لزم الأمر، وهو عندما يتخلى عنها فإنه يفعل من أجل المال لا من أجل أنه يريد أن يعظم من قوتنا !!
لذلك أصبح من الواجب علينا أن نغير مفهومنا للجهاد إلى المفهوم الأشمل وهو جهاد أنفسنا أولا والتغلب على كسلنا وجهلنا والنهوض ببلداننا وتحقيق معنى الإسلام الذى يجب ان ندعو غيرنا إليه كما أراده الله يوم أنزله على رسوله (صلى الله عليه وسلم) وارتضاه خاتما لرسالاته إلى الأرض، فى أوطاننا أولا وقبل دعوة غيرنا إليه.
وإذا تيقنا أن الإسلام حينما يأمر بالقتال إنما يأمر به دفاعا عن النفس والعقيدة، لأن الدين الذى يدعو إلى السماحة والحب والسلام لا يمكن أن تكون طريقة تبليغ الآخرين به قائمة على الحرب والإكراه ولم أقف على آية واحدة فى القرآن تحض المسلم على مقاتلة المسالم أيا كان دينه حتى وإن كان مشركا إذ لا إكراه فى الدين أساساً، يقول جل وعلا فى كتابه الكريم : {لاَ إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَى فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (256) سورة البقرة.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة