رانيا المارية خبيرة التنمية البشرية والاقتصاد تكتب غسيل المخ والتحكم العقلى عن بعد

الخميس، 01 أغسطس 2013 08:14 م
رانيا المارية خبيرة التنمية البشرية والاقتصاد تكتب غسيل المخ والتحكم العقلى عن بعد رانيا المارية خبيرة التنمية البشرية والاقتصاد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
غسيل المخ مصطلح بدأنا نسمع عنه فى الفترة الأخيرة وبشكل متكرر وخاصة مع الشباب والجماعات، ومفهومه ببساطة التحكم فى فكر شخص واتجاهاته دون رغبة أو إرادة منه، أى أن عملية غسيل المخ ما هى إلا محو لعادات وأفكار وميول اكتسبها عقل الإنسان فى الماضى وبث وزرع وتمرير عادات وأفكار أخرى جديدة، وهى عملية تتحكم فى العقل الذى أصبح فارغا لحشوه بأية أفكار أو دعاية أو عقيدة، عن طريق طرق متعددة تحفز أو تخدر أو ترهق خلايا المخ وتوصلها إلى مرحلة حرجة، بحيث يصعب عليها أن تحتفظ بما تعلمته سابقا، وبالتالى يتم غسل المخ وغرس مايراد فيه.

وتستخدم عوامل وطرق مختلفة للتحفيز أو تخدير أو إرهاق خلايا المخ كعملية تجهيزية لغرس الأفكار الجديدة، ومن أمثلة العوامل التى تحفز خلايا المخ استخدام إغراءات حسية ومعنوية كمؤثر مباشر على الجهاز العصبى والسيطرة على المشاعر ومن أبرز هذه الأمثلة الإعلانات التجارية للسلع، وتنجح فعلا فى جذب انتباه الإنسان وتحويل ميوله بهذه الطريقة، واستخدام الإعلام للشحن المعنوى وتوجيه الأفكار وتحويلها، وأيضا استخدام الأفلام لتقديم رسائل ضمنية من خلالها تساعد على غرس قيم جديدة.

ومن أمثلة إرهاق خلايا المخ استخدام حالة الإرهاق والإعياء التى يصبح بعدها الإنسان أكثر تقبلا واستسلاما لتعاليم من له نفوذ عليه بعد إعياء جسدى أوعقلى أو روحى، ومن الطرق والعوامل التى ترهق وتؤدى إلى غسيل المخ هى: الصدمات النفسية المفاجئة،التهديد المستمر، المواقف الشديدة المرعبة، الإرهاق العصبى المستمر، كالسهر المتواصل أوالنوم المتقطع، الجوع والعطش الشديدين، الآلام الجسمية والنفسية الشديدة، وبعض الأدوية .

أما أمثلة تخدير خلايا المخ تكون بعد توصيل الإنسان إلى حالة من التهيج العصبى والانفعالى ويستخدم رجل الدين هذه الطريقة بعد إقامة شعائر معينة بكثرة أو حلقات الذكر وأداء الطقوس الدينية واستغلال هذه الحالة من الإرهاق الروحى أوحتى الجسدى، والتى يصبح بعدها المخ مخدرا بعد حالة الاسترخاء والصفاء الروحى، فيستعد الإنسان لعملية غسيل المخ وتقبله لتمرير أى أفكار جديدة.

ومما سبق نستخلص أن مصطلح غسيل المخ المقصود به غسل الأفكار والعواطف بتوصيل الشخص إلى نقطة الانهيار أوالإرهاق النفسى، أى المرحلة التى تسقط فيها الدفاعات النفسية ثم إعادة تشكيل بنائه القيمى والاعتقادى والفكرى والمعيارى، عن طريق مسح المعتقدات السابقة وإحلال معتقدات جديدة، لينتج عن هذا سلوك معين، لأن السلوك هو نتاج لعملية عقلية متسلسلة تبدأ تكوينها من القيم العليا مثل القرب من الله، والتى تنتج منها المعتقدات مثل الجهاد، والتى بدورها تنتج عنها أفكار مثل مناصرة نظام بعينه، والتى تنتج عنها مشاعر بعينها مثل الولاء، والتى ينتج عنها سلوك بعينه فى نهاية العملية.

فإذا أردت التحكم فى الأخرين والوصول إلى سلوك مثل الاعتصام يجب البدأ بزرع قيمة التدين والقرب من الله وجعلها القيمة العليا والأولى لدى الشخص بإعادة ترتيب منظومة القيم باستخدام العاطفة الدينية، ثم التسلسل منها للمعتقدات التى تسهل عملية الوصول للأفكار التى تأجج المشاعر التى تساعد على نهج السلوك المطلوب. وبهذه المنظومة المتسلسلة يستطيع المبرمج أن يتحكم فى سلوك الآخرين، وتصبح عملية غسيل المخ هى العملية التجهيزية للتحكم عن بعد فى سلوك الأشخاص.

وإبطال مفعول هذا التحكم لن يكون بالمواجهة لأن الآخر سيقابله بالعنف، لأنك عندما تنتقد الإنسان فى قيمة عليا تفقد التوافق معه، وبالتالى تدخل معه فى دائرة الصدام. لأن سلوكه مربوط بالتسلسل السابق ذكره مع القيمة العليا وهى فى مثالنا التدين، فالأول يجب فصل الروابط بين التسلسل الذى برمج عليه، بالفصل بين القيمة والمعتقد الراسخ الثابت والمطلق وبين الأفكار والمشاعر والسلوك النسبى والمتغير، فنتوافق على الثوابت ونفصل ما بين القيم والمعتقدات وبين الأفكار المتغيرة، عن طريق الفصل بين المتدين المجاهد وبين من يتبع فكرة مناصرة نظام معين، فليس كل من يناصر النظام الذى يمكن أن يخطأ أو يصيب يعتبر مجاهدا متدينا فلا يمكن الجمع بين متغير وثابت، وتأكيدا لهذا الفصل يطرح التساؤل الآتى ماذا لو كان هذا النظام مخطأ وظالما؟ وهو شىء مطروح فهل من يناصره مجاهدا متدينا أم ظالما عاصيا؟ وبالتالى المشاعر تتغير والنهج والسلوك يختلف وتبطل مفعول عملية التحكم عن بعد.











مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة