عاطف البرديسى يكتب: رمضان والعشرة الأواخر

الأربعاء، 31 يوليو 2013 05:22 م
عاطف البرديسى يكتب: رمضان والعشرة الأواخر هلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما تبقى من ليال أفضل مما مضى، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله) متفق عليه من حديث عائشة رضى الله عنها. وفى رواية مسلم: (كان يجتهد فى العشر الأواخر ما لا يجتهد فى غيره) وهذا يدل على أهمية وفضل هذه العشر من وجوه :

أحدها: إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا دخلت العشر شد المئزر، وهذا قيل إنه كناية عن الجد والتشمير فى العبادة، وقيل: كناية عن ترك النساء والاشتغال بهن.
وثانيها: أنه صلى الله عليه وسلم يحيى فيها الليل بالذكر والصلاة وقراءة القرآن وسائر القربات.

وثالثها: أنه يوقظ أهله فيها للصلاة والذكر حرصاً على اغتنام هذه الأوقات الفاضلة.
ورابعها: أنه كان يجتهد فيها بالعبادة والطاعة أكثر مما يجتهد فيما سواها من ليالى الشهر.
وعليه فاغتنم بقية شهرك فيما يقرِّبك إلى ربك، وبالتزوُّد لآخرتك من خلال قيامك بما يلى:


1/ الحرص على إحياء هذه الليالى الفاضلة بالصلاة والذكر والقراءة وسائر القربات والطاعات، وإيقاظ الأهل ليقوموا بذلك كما كان صلى الله عليه وسلم يفعل.

قال الثورى: أحب إلى إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل ويجتهد فيه ويُنهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك.

وليحرص على أن يصلى القيام مع الإمام حتى ينصرف ليحصل له قيام ليلة، يقول النبى صلى الله عليه وسلم: (إنه من صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) رواه أهل السنن وقال الترمذى: حسن صحيح.


2/ اجتهد فى تحرى ليلة القدر فى هذه العشر فقد قال الله تعالى:{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}[القدر:3]. ومقدارها بالسنين ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر. قال النخعى: العمل فيها خير من العمل فى ألف شهر. وقال صلى الله عليه وسلم (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر ما تقدم من ذنبه) متفق عليه. وقوله صلى الله عليه وسلم [إيماناً] أى إيماناً بالله وتصديقاً بما رتب على قيامها من الثواب. و[احتساباً] للأجر والثواب وهذه الليلة فى العشر الأواخر كما قال النبى صلى الله عليه وسلم (تحروا ليلة القدر فى العشر الأواخر من رمضان) متفق عليه. وهى فى الأوتار أقرب من الأشفاع، لقول النبى صلى الله عليه وسلم: (تحروا ليلة القدر فى الوتر من العشر الأواخر من رمضان) رواه البخارى. وهى فى السبع الأواخر أقرب، لقوله صلى الله عليه وسلم: (التمسوها فى العشر الأواخر، فإن ضعف أحدكم أوعجز فلا يغلبن على السبع البواقى) رواه مسلم. وأقرب السبع الأواخر ليلة سبع وعشرين لحديث أبى بن كعب رضى الله عنه أنه قال: (والله إنى لأعلم أى ليلة هى الليلة التى أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها هى ليلة سبع وعشرين) رواه مسلم.
هذه الليلة لا تختص بليلة معينة فى جميع الأعوام بل تنتقل فى الليالى تبعاً لمشيئة الله وحكمته.

قال ابن حجر عقب حكايته الأقوال فى ليلة القدر: وأرجحها كلها أنها فى وتر من العشر الأواخر وأنها تنتقل.. ا.هـ. قال العلماء: الحكمة فى إخفاء ليلة القدر ليحصل الاجتهاد فى التماسها، بخلاف ما لو عينت لها ليلة لاقتصر عليها...ا.هـ وعليه فاجتهد فى قيام هذه العشر جميعاً وكثرة الأعمال الصالحة فيها وستظفر بها يقيناً بإذن الله عز وجل.

والأجر المرتب على قيامها حاصل لمن علم بها ومن لم يعلم، لأن النبى صلى الله عليه وسلم لم يشترط العلم بها فى حصول هذا الأجر.

3/ احرص على الاعتكاف فى هذه العشر. والاعتكاف: لزوم المسجد للتفرغ لطاعة الله تعالى. وهو من الأمور المشروعة. وقد فعله النبى صلى الله عليه وسلم وفعله أزواجه من بعده، ففى الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها قالت:(كان النبى صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله -عز وجل- ثم اعتكف أزواجه من بعده) ولما ترك الاعتكاف مرة فى رمضان اعتكف فى العشر الأول من شوال، كما فى حديث عائشة رضى الله عنها فى الصحيحين.
قال الإمام أحمد –رحمه الله-: لا أعلم عن أحد من العلماء خلافاً أن الاعتكاف مسنون.

والأفضل اعتكاف العشر جميعاً كما كان النبى صلى الله عليه وسلم يفعل لكن لو اعتكف يوماً أو أقل أو أكثر جاز. قال فى الإنصاف: أقله إذا كان تطوعاً أو نذراً مطلقاً ما يسمى به معتكفاً لابثاً. وقال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله: وليس لوقته حد محدود فى أصح أقوال أهل العلم.

وينبغى للمعتكف أن يشتغل بالذكر والاستغفار والقراءة والصلاة والعبادة، وأن يحاسب نفسه، وينظر فيما قدم لآخرته، وأن يجتنب ما لا يعنيه من حديث الدنيا، ويقلل من الخلطة بالخلق. قال ابن رجب: ذهب الإمام أحمد إلى أن المعتكف لا يستحب له مخالطة الناس، حتى ولا لتعليم علم وإقراء قرآن، بل الأفضل له الانفراد بنفسه والتخلى بمناجاة ربه وذكره ودعائه، وهذا الاعتكاف هو الخلوة الشرعية.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة