عبد القادر مصطفى يكتب: عفريت الإسفلت!!

الأربعاء، 01 يوليو 2009 11:17 ص
عبد القادر مصطفى يكتب: عفريت الإسفلت!!

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التوك توك.. عربة صغيرة مجنونة جاءت من الهند على عجلات ثلاث، فحولت شوارع قرانا الضيقة والقصيرة إلى "مولد" لا هدوء فيه ولا سكينة.

قديماً، كان الهدوء يغلف حياتنا البسيطة، حتى جاءت جيوش التوك توك فأعلنتها حرباً ضروساً على كل مظاهر التحضر، حيث ألغيت مفردات النظام، واحترام الآداب العامة، وحماية الشارع من التلوث السمعى والبصرى من قواميس من يقودون تلك العربات، وأنى لذلك أن يحدث وكلهم من الصبية المراهقين؟.

يُضاف إلى ذلك أن التوك توك لديه قدرة أسطورية على التكاثر والتزايد، ففى فترة وجيزة بات مستحيلاً أن ترى العين شبراً واحداً لا يحتله توك توك متوثب لاقتناص كل من مشى على قدمين، حتى اختفى السائرون من الشارع، وحل مكانهم التوك توك العجيب الذى يطير على ثلاث عجلات.

فيما مضى كان لا يركب عربة الحنطور التى يجرها حصان، إلا الشيخ الكبير، أو المريض العليل، وأحياناً كان يركبها ميسور الحال كنوع من الوجاهة والترف، أما الآن وبعد أن طرد "التوك توك" "الحنطور" من الشارع، أراح الفلاح قدميه، ووضع حماره على دكة البدلاء، ونهض يسافر إلى حقله مستقلاً التوك توك!.

والموظف الذى كان يتريض ذهاباً إلى عمله وإن كان مكرهاً، راح ينتظر فى لهفة على قارعة الطريق العربة العجيبة لتنقله براً إلى مقر عمله الذى يقع على مرمى بصره!.

والتلميذ أبى إلا أن يتعاقد والده مع أحد سائقى "التوك توك" لينقله يومياً إلى المدرسة التى يراها من شرفة منزله!.

حتى النساء اللاتى كن يذهبن إلى السوق سيراً على أرجلهن، أبين إلا المساواة، فامتطين "التوك توك" حتى صار يوم السوق مثل يوم الحشر!.

أنا لست ضد التجديد، ولا أكره الوسيلة، ولكن أكره أسلوب الاستخدام، وأكره أن تتحول الحياة إلى جحيم بأشياء لم تقدم - عبر مستخدميها - سوى الفوضى والضوضاء والتلوث، وأكره أن تُراق الجنيهات سدىً على شيء يمكن الاستغناء عنه، وأكره أن يميل الناس إلى الكسل.

نعم لكل وسيلة شريفة لزيادة الدخل، ولكن متى؟ وكيف؟ وأين؟ لابد أن يوضع حق المجتمع فى الميزان، فلا تقدم المصلحة الذاتية على المصلحة الجماعية، وإلا ستتحول الحياة إلى سوق تُداس فيه كل قيم الذوق والجمال.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة