نِعْمَ الإدَامُ الخَلُّ بقلم د. مروة عزمى جنينة

استخدم الإنسان ثمار الفاكهة منذ القدم لإنتاجه "الخل" وفى العادة تستخدم الفواكه التالفة لتحضيره، ومن أهم تلك الفواكه التفاح والعنب والمشمش والخوخ والبرتقال، كما قد تستعمل بعض الخضروات النشوية كالبطاطا، وتعد التمور مصدرا ممتازا لصناعته أيضا، وقد استخدمت على نطاق عالمى واسع منذ قرون طويلة، تعد صناعته من الصناعات الكيميائية الهامة، والتى يعتمد عليها عدد من الصناعات الأخرى، فقد استعمله البابليون كمادة ملطفة وحافظة وكعلاج للجرب ولتضميد الجروح.

كما أن الرمان استعملوه كمادة غذائية هامة، وقد تعددت استخداماته الصناعية كمادة مذيبة، كما يدخل فى صناعة الأدوية والمواد الغذائية ولحفظ درجة الحموضة، ولمنع نمو الكائنات الدقيقة.

كما استخدمه“ ابقراط” فى علاج مرضاه، حيث كان يضع ضمادات منه على مواضع الجروح والحروق، ويقول ابن سينا عنه إنه “يمنع حدوث الأورام والبثور وانتشار الغرغرينا، وإذا خلط بزيت ودهن به من به صداع شفى”.

وقال عنه داود الإنطاكى فى تذكرته إنه “يحبس الفضلات ويقوى المعدة ويفتق الشهوة للطعام ويقوى المعدة ويقطع النزف والإسهال المزمن، ويدمل القروح والجروح الطرية ويزيل الأورام”.

أما حواء فلا يخلو مطبخها من وجود زجاجات منه، فبإضافة قطرات منه على أطباق السلطة والأطعمة المختلفة تجعل طعام حواء أكثر مذاقا وجمالا، وتتساءل حواء هل إضافته للطعام يحسن المذاق فقط وليس له فوائد أخرى؟ أم استخدامه له مضار على الصحة؟.
فخلال السطور التالية سنتحدث لحواء ولكل أفراد الأسرة عن خير الإدام (الطعام) الذى حدثنا عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- منذ أكثر من 1400 سنة ووصفها بأنها نعم الإدام.

فقد روى مسلم فى صحيحه عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما، أنَّ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم- سأل أهلَه الإدَامَ فقالوا: ما عندنَا إلا خَلٌ فدعا به وجعل يأكُلُ، ويقول: ((نِعْمَ الإدَامُ الخَلُّ، نِعْمَ الإدَامُ الخَلُّ)) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفى ((سنن ابن ماجه)) عن أُمِّ سعد رضى الله عنها عن النبى - صلى الله عليه وسلم- قال:((نِعْمَ الإدَامُ الخَلُّ، اللَّهُمَّ بَارِكْ فى الخَلِّ، فإنه كان إدامَ الأنبياء قبلى، ولَمْ يَفْتَقِر بيتٌ فيه الخَلُّ)) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أنواع الخل الطبيعى:
يتم إنتاج الخل الطبيعى من ثمار بعض الفواكه، مثل التفاح وهو أفضلها على الإطلاق، ويسمى (خل التفاح) وهو أفضل أنواع الخل لأنه يحتوى على عديد من الأحماض العضوية اللازمة للجسم، بالإضافة إلى العديد من المعادن اللازمة للجسم، مثل البوتاسيوم والكالسيوم، ويصنع أيضا الخل من ثمار المشمش والخوخ والبرتقال والعنب وبعض الخضراوات، مثل البطاطا وأيضا من قصب السكر، وهو الأشهر عالميا.

طريقة تحضير الخل الطبيعى:
يهتم عدد كبير من دول العالم الصناعية عناية خاصة بصناعة الخل، ويختار لصناعة الخل الثمار من الدرجة الثالثة أى منخفضة الجودة، ويجب أن يكون محتوى السكر فيها أكثر من تسعة بالمائة، وأولى خطوات إنتاج الخل يكون بهرس الثمار وعصرها، ويوضع العصير فى خزان خاص، أو وعاء، ويضاف إليه 10% ماء.

يتم غلق الخزان بشكل محكم فى مكان دافئ على درجة حرارة حوالى 28 درجة مئوية، وبعد حوالى أربعة أسابيع سيتحول عصير الفاكهة إلى كحول بعد ذلك يغطى الوعاء بقطعة من الشاش أو القماش المنفذ للهواء، وذلك لتساعد على دخول نوع من البكتيريا النافعة تسمى (اسيتوباكترAcetobacter) التى تعمل على تحويل الكحول الناتج من تخمر الثمار إلى حمض الخليك الطبيعى (الخل الطبيعى)، وفى بداية عملية تحول الكحول إلى خل نلاحظ انبعاث روائح كريهة، وهى ناتجة عن تكوين الكحول، ولكن سرعان ما تكتمل العملية وتزول الرائحة، وبعد عدة أيام يؤخذ المحلول الصافى ليوضع فى زجاجات نظيفة وجافة تغلق بإحكام، وتحفظ فى مكان مناسب لحين استخدامها.

كيفية التعرف على الخل الطبيعى:

تتواجد فى الأسواق العديد من زجاجات الخل والكثير منها خل صناعى ضار جدا بالصحة لأنه يعتبر مادة كيمائية تنتج من تحول السكر إلى كحول الإيثانول، ثم يتحول الكحول فى وجود الأكسجين وبعض الإنزيمات إلى حمض الخليك، وهى مادة ضارة جدا للصحة، لذلك يجب التأكد من أن زجاجة الخل موضح عليها أنه خل طبيعى مستخرج من قصب السكر مثلا أو التفاح أو أى ثمار أخرى، أما إذا كتب على زجاجة الخل أنه خلطة خل أو خل صناعى، أو محلول خلى للسلطة، أو غيرها من الألفاظ ولا يذكر اسم النبات المصنع منه الخل فلا نقوم بشرائها، كما أن الخل الطبيعى نجد به بعض العكارة، وهذه العكارة تمثل البكتيريا النافعة التى تساعد على إنتاج الخل الطبيعى.

من فوائد الخل الطبيعى خفض نسبة الكوليسترول:

ثبت علمياً أن للخل فوائد عظيمة، فهو يقلل دهون الدم ويقلل الدهون المترسبة على جدران الشرايين، وبالتالى يقلل من نسبة الكوليسترول فى الدم، وذلك إذا أخذ بواقع ملعقة على السلاطة الخضراء مع الأكل، أو ملعقة صغيرة على كوب ماء، وبخاصة إذا كان خل التفاح، فإنه يقلل من فرصة تصلب الشرايين لأنه يحول الدهون الزائدة إلى المركب الوسطى، وهو الأسيتوأسيتات الذى يدخل فى التمثيل الغذائى.

الخل والوزن الزائد:

وأشار الخبراء إلى أنه إذا كان الخل الطبيعى يقلل من نسبة الدهون بالجسم فهو يساعد الجسم فى التعامل مع الدهون بصورة أكثر كفاءة، لكونه يحول الدهون المعقدة المخزنة فى أماكن مختلفة من الجسم إلى دهون بسيطة يسهل تفكيكها وهضمها، وبالتالى فإنه يقلل ويساعد على التخلص من الدهون المخزنة فى الجسم وخفض وزن الجسم الزائد، وذلك بتناول ملعقة من الخل مع كوب من الماء بعد الوجبة الرئيسية، أو بإضافة ملعقة الخل إلى طبق السلطة.

الخل والقضاء على الجراثيم:
يحتوى الخل الطبيعى على نسبة من البوتاسيوم، ومن المعلوم أن الجراثيم الموجودة داخل الجسم البشرى تعيش على امتصاص الماء من جسم الإنسان، ولكن البوتاسيوم الموجود فى الخل يمنع هذا الامتصاص، بل يساعد الجسم على امتصاص الماء من الجراثيم، وبالتالى موت الجراثيم، لذلك من المفضل أن يشرب الشخص ملعقة خل، مضافة إلى كأس ماء مرة يومياً، وخاصة فى فصل الشتاء فإن ذلك يزيد مناعة الجسم ضد الجراثيم والبكتيريا.

الخل ودوالى الساقين:
تعتبر طريقة استعمال الخل الطبيعى ضد تقلص الأوردة علاجاً شعبياً واسع الانتشار فى أوروبا، وكذلك فى أمريكا، ويوضع الخل على الأوردة المتوسعة صباحاً ومساءً بواسطة اليد، والأفضل أن تغمس قطعة قماش ناعمة بالخل وتربط على المكان مرتين فى اليوم، بعد هذا يجب أن يستلقى الشخص ويرفع ساقيه ويبقى بوضعية مريحة مدة لا تقل عن نصف ساعة ويكرر ذلك لمدة شهر، فيلاحظ ضمور الأوردة بشكل واضح خلال شهر.

الخل وعلاج الحروق:
يساعد الخل على تجنب حدوث فقاقيع الحروق المعروفة وآثارها، وكذلك الحروق الناتجة عن التعرض لفترات طويلة للشمس، عن طريق دهن مكان الحرق بسرعة بالخل الطبيعى.
الخل والتخلص من قشر الشعر:
للتخلص من قشرة الرأس ادهن قدرا من الخل الطبيعى الدافئ على الشعر، ثم يغطى بمنشفة لمدة ساعة ثم يغسل الشعر بالماء، وتكرر العملية مرتين فى الأسبوع.


الخل وآلام المفاصل:
أن الخل يقضى على آلام المفاصل فى القدمين، أو اليدين وذلك عن طريق إعادة الحموضة الطبيعية إلى الجسم، وذلك بإضافة كأس من الخل الطبيعى وإضافته إلى كأس من محلول الملح الإنجليزى، ويضاف إلى جالون من الماء الدافئ، ويوضع فيه القدم أو اليدين التى تعانى من الآلام لمدة نصف ساعة، كما أنه ينشط الدورة الدموية فى الساقين، ويخفف من أوجاع الروماتيزم.

الخل وتخفيف آلام الصداع:
لعلاج آلام الصداع يوضع مزيج متساوى من الخل والماء فى إناء فوق النار إلى أن يغلى ويستنشق البخار المتصاعد منه، ويمكن وضع مزيج من الخل والماء بمزج ثلث من الخل إلى ثلثين من الماء فى إناء، وعمل كمادات منه على الجبهة لتخفيف شدة الصداع.

استخدامات أخرى للخل:
1- لإزالة بقع الفاكهة من اليدين: يتم تنظيفها بقليل من الخل ثم مسحهما بالقماش.
2- لإزالة روائح الطلاء: من حجرة حديثة الطلاء نقوم بوضع قليلاً من الخل فى وعاء صغير داخل الغرفة المطلية حديثاً.
3- لتنظيف الفرن: نبلل قطعة قماش بالخل الأبيض والماء وبعدها نقوم بتنظيف الفرن.
4- غسيل الأغطية ذات الوبر الناعم: يضاف فنجانان من الخل إلى ماء الغسيل وتطبق هذه الوصفة مع الأغطية الصوفية والقطنية.
5- للمحافظة على ألوان الأقمشة: نضيف فنجاناً مليئاً بالخل عند غسل الملابس للمرة الأولى، مما يساعد على بقاء اللون.
6- يمكن إضافته إلى ماء لتنظيف أرضيات المنازل فتزداد نظافة ولمعانا.
7- مادة مذيبة للعلك (اللبان) التى يلتصق بالملابس.

أضرار الخل:
إن الإفراط فى تناوله يؤدى إلى كثير من المشكلات الصحية مثل: التهابات المعدة، والكبد، وتغيير حموضة الدم، وأضاف العلماء أن الكمية المسموح بها ولا تسبب أضرار صحية هى ملعقتان كبيرتان يومياً يمكن إضافتها إلى طبقة السلطة، أو إلى الأطعمة الأخرى، أو إذابتها فى كوب من الماء، وتناولها يوميا للاستفادة من فوائد الخل المختلفة.