(افتح قلبك مع د. هبة يس).. مشكلة كل الناس

الأربعاء، 19 يونيو 2013 01:10 م
(افتح قلبك مع د. هبة يس).. مشكلة كل الناس صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أرسلت (...) إلى افتح قلبك تقول:
أنا شابة فى منتصف الثلاثينات، متزوجة منذ بضع سنوات قليلة، تزوجت عن حب، كنت أعمل بعد تخرجى، ولكنى تركت العمل بعد الزواج لأنى أنجبت سريعا ابنى الوحيد، أرسلت إليكى يا دكتورة لأنى لا أجد من أتحدث إليه، وأخبره بكم الألم والحزن الذى أعانيه، ولأنى أعتقد أن أحدا لن يفهمنى، وربما أنت أيضا تظنين أن قصتى تافهة بالنسبة لما تسمعينه وترينه كل يوم، ولكنى أؤكد لك أنها غير ذلك..
كما أخبرتك تزوجت عن حب، زوجى إنسان محترم وطيب، كنت ولا زلت أحبه، بعد زواجنا بفترة بسيطة قامت الثورة بما لها وعليها، كنا معها قلبا وقالبا وأيدناها بكل قوتنا، ولكنها أثرت على حياتنا كثيرا بكل أسف، حالتنا المادية (مستورة) والحمد لله، لكنى أشعر بزوجى وكأنه اهتز..اختل.. أصبح مختلفا عما سبق، هو دائما يحاول أن يضحك ويسخر من الأوضاع، لكنى لم أعد أرى فيه سوى شبح الشخص الذى أحببته وتزوجته من قبل، ظاهريا لم يتغير ولكنى لا أعرف لماذا أشعر به وكأنه شخص آخر نفسيا ومعنويا.


علاقتنا الحميمة أصبحت باردة، بلا روح أو حماس - بسببى أنا - شأنها شأن كل شىء فى حياتى، فقد أصبحت استثقل كل شىء فى حياتى، بداية من عباداتى وعلاقتى بالله، والتى هى فى أدنى مستوياتها الآن، الشىء الذى يرعبنى من الموت فجأة على هذا الحال، مرورا بعلاقتى بابنى السيئة، فأنا أعامله بعصبية وعنف شديدين بالرغم من صغر سنه، كذلك علاقتى بوالداى التى لا أرضى عنها، حتى هوايتى فى الطهى وصنع الحلويات لم تعد تفرحنى كما كانت، أشعر بفتور فى كل شىء، أصحو كل يوم وكل همى أن ينتهى هذا اليوم سريعا.


نسيت أن أخبرك بأنى أيضا غير راضية عن شكلى ووزنى بعد الولادة، فقد تغيرت كثيرا وأصبح شكلى أكبر من سنى بشكل واضح، حاولت البحث عن عمل ولكنى لم أجد، أشعر بالفشل فى كل شىء.. وأكثر ما يقلقنى أنى خائفة على زوجى من هذا الوضع، فأنا أحبه ولا أريد أن أخسره، ولكنى غير سعيدة معه، وغير قادرة على إسعاده بكل تأكيد.


ربما ستجدين كلامى مشوش وغير مترابط، وربما لن تجدى مشكلة محدده أو صعوبة ما أعانى منها، ولكنى أعتقد أنك ستفهمينى وأنك لن تغفلى رسالتى، فهل لك أن تنصحينى؟


وإليك عزيزتى أقول:

قصتك ليست تافهة بالمرة، بالعكس فكل ما تحكيه أنت هو مثال معبر عن ما يعانيه غيرك كثيرون وكثيرات، شكواك هى لسان حال كم لا تتخيليه من البشر فى بلدنا الآن، وربما فى بلدان أخرى كثيرة.. مشكلتك يا سيدتى تتلخص فى غياب (الهدف).. الغاية.. الشىء الذى يعيش الإنسان من أجله، الشىء الذى يصحو كل يوم ليحققه ويسعى إليه.. لماذا أعيش؟.. هذا هو السؤال الذى سيغير حياتك تماما إذا استطعتى الإجابة عنه، وحتى لا تحبطى أو تيأسى أو تشعرى بالفشل، فهذا السؤال ليس سهلا، حير قبلك ملايين البشر، والإجابة عليه تحتاج إلى جهد وإلى بحث طويلين، كما أنها تحتمل الصواب والخطأ، وتمر بكثير من التجارب والمحاولات حتى تنضج وتختمر ويصبح لها وجود.


هناك عوامل أخرى كثيرة بالطبع أدت إلى ما وصلتى إليه، وليس غياب الهدف وحده، منها الظروف السياسية والاقتصادية غير المستقرة لبلادنا بصفة عامة، وهو أمر مؤثر بكل تأكيد عليكى وعلى غيرك، لكننا فى النهاية لا حيلة لنا فيه، إلا بالأمل فى أن الله حتما سيصلح أحوالنا ويقف معنا، من أجل كل هؤلاء الذين فقدوا أرواحهم على الأقل، فاليقين بقرب انتهاء الأزمة يهونها على الإنسان كثيرا، ويجعل احتمالها ممكنا مهما كانت ثقيلة أو صعبة، أتسمى بسمة المصريين (العبقرية) والتى هى الاعتقاد الدائم بأن (فرجه قريب).


لكن حتى نكون عمليين، وحتى تتغير حياتك إلى الأفضل بشكل ملموس، عليكى أولا بالتوجه إلى طبيب نفسى مختص، لأنى أخشى ما أخشاه أن تكونى دخلتى فى حالة اكتئاب مرضية، والتى هى عبارة عن اختلال فى بعض المواد الكيميائية فى المخ، تلك المواد الكيميائية هى المسئولة عن الحالة المعنوية للإنسان، مما يعنى أن انخفاض أو اختلال هذه المواد (يخسف) بالحالة النفسية والمعنوية للشخص الأرض، ويجعله غير قادر على تحمل أى شىء، حتى على ممارسة نشاطاته ومهامه اليومية البسيطة، كما أن من أشهر أعراض الاكتئاب هو فتور العلاقة الحميمة، والزهد فيها بل ورفضها والنفور منها أحيانا.


وعندما يصل الإنسان إلى هذه الدرجة فمن الأمانة أن أقول لك أنه لن يتحسن إلا بمساعدة بعض الأدوية، التى ستعمل على إعادة رفع واتزان تلك المواد الكيميائية مبدئيا حتى يعود الإنسان إلى حالته الطبيعية، ومن بعدها يستطيع أن يفكر ويحلل ويحدد ماذا سيفعل بصدد أمور حياته بعقل هادئ وفكر صافى، أما إذا أهملنا فائدة وأهمية التدخل الدوائى لمريض الاكتئاب، فسنكون بذلك فى منتهى القسوة والغلظة، لأن المريض سيظل يتعذب ويتألم ويرفض حياته بهذه الطريقة، ولكنه سيظل أيضا غير قادر على تغييرها أو فعل أى شىء إيجابى.


لهذا رجاء تأكدى من أنك لا تعانى من حالة اكتئاب حقيقية، الشىء الذى سيكشفه لك الطبيب النفسى، وأنصحك أن تنتظمى فى العلاج الدوائى إذا قرر الطبيب ذلك، لأنه فى النهاية سيكون أمر مؤقت وسهل وسيصنع فارقا هائلا فى حالتك النفسية.


أما بعد هذا، أطلب منك أن تفكرى مع نفسك كثيرا فيم تريدين فعله فى حياتك، فكرى بعمق وبصدق، ولا تملى التفكير والتأمل فى نفسك وفى قدراتك وفى إمكانياتك، هل تريدين العمل حقا أم تريدين التفرغ لبيتك وابنك؟ وإن كنتى تريدين العمل.. ما نوعية هذا العمل؟ هل يمكنك استغلال هوايتك فى خلق فرصة عمل لك؟ هل يمكنك تطوير نفسك فى هذا المجال بأى شكل من الأشكال؟.. ولا تقلقى من البطالة وقلة الوظائف وغياب الفرص، عندما نعرف طريقنا تأتى الفرص، حتى ولو بعد وقت، المهم أن نعرف ماذا نريد ونسعى إليه فى البداية.


كيف تريدين شكل علاقتك بزوجك؟ هل هناك أفكار أو أشياء يمكنك عملها لإنعاش علاقتكم وتجديد المشاعر بينكما؟.. كيف تريدين أن تربى ابنك؟ ما هى النشاطات التى تحبين إلحاقه بها؟ ما هى المهارات التى تريدين إكسابها له؟.. ما لذى يمكنك فعله حتى ترضين عن نفسك وعن شكلك؟ هل لديك طاقة لفقدان وزنك الآن؟ هل لديك برنامج لذلك؟ وإن لم يكن لديك هل هناك مجال للبحث عن ذلك؟ وإن لم تكونى قادرة على فقدان وزن الآن ما هى الحلول البديلة؟.. صدقينى يا سيدتى لا معنى للحياة إن لم يكن هناك شىء نعيشها من أجله، يجب أن يكون لدينا باستمرار أهداف قصيرة المدى، نتحمس لها ونسعد بتحقيقها، وأن يكون لنا هدف أسمى، أو ما يسمى بـ(الرسالة) طويلة المدى التى نشعر بقيمتنا وجدوى حياتنا كلما تقدمنا خطوة فى الوصول إليها.. ما أقوله ليس لغزا، وتنفيذه ليس مستحيلا، اقرأى فى مجال (تحديد الأهداف) إذا استهواكى الأمر، وستجدين ألف طريق وطريق لتحقيق ما أتحدث عنه، وأنا متأكدة تمام التأكد أنك ستصبحين شخصا آخر فى غضون وقت قصير إذا لاقى الأمر لديك قبولا.



للتواصل مع د. هبه وافتح قلبك:
h.yasien@youm7.com















مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة