توقيع جنوب السودان على "عنتيبى" يكرس عدم الاعتراف بحصة مصر من مياه النيل.. الاتفاقية تجعل مصير القاهرة المائى بين أيدى الموقعين.. خبراء: موقف جوبا فى مصلحة إسرائيل.. والسياسة أتت بثمارها على المياه

الجمعة، 07 يونيو 2013 02:07 م
توقيع جنوب السودان على "عنتيبى" يكرس عدم الاعتراف بحصة مصر من مياه النيل.. الاتفاقية تجعل مصير القاهرة المائى بين أيدى الموقعين.. خبراء: موقف جوبا فى مصلحة إسرائيل.. والسياسة أتت بثمارها على المياه سد النهضة صورة أرشيفية
كتبت أسماء نصار

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عبرت مصادر رسمية مسئولة بملف النيل، عن مخاوفها الشديد من توقيع دولة جنوب السودان على الاتفاقية الإطارية المعروفة باتفاقية عنتيبى، خاصة بعد انضمامها لمبادرة حوض النيل، لأنها تؤمن بأن العمل الجماعى بين دول الحوض أفضل بكثير من العمل الفردى، وقامت بإبلاغ أثيوبيا برغبتها بالتوقيع على الاتفاقية الإطارية خلال الاجتماع العادى لمجلس وزراء المياه لدول حوض النيل المقرر عقده فى جوبا 20 يونيو الجارى.

المتابعون للملف يؤكدون أن توقيع جوبا سيكون بمثابة "القشة التى ستقصم ظهرى مصر والسودان" فهى بذلك ستصبح الدولة السابعة الموقعة على الاتفاقية من دول الحوض الـ 11، بسبب خلافاتها المستمرة مع حكومة الخرطوم، رغم تمسك مصر والسودان والكونغو الديمقراطية برفض التوقيع، فى حين لا تزال دولة إريتريا "مراقبة" فى المبادرة، وبالتالى فإن هذا التوقيع يمثل تهديداً جديداً لمصر بعد توقيع 6 دول على اتفاقية تقسيم مياه النيل وعدم اعترافها بالاتفاقيات القديمة، وهو ما يعنى أنه من الممكن انخفاض حصة مصر السنوية، التى قررتها اتفاقية 1959، والمقدرة بـ 55.5 مليار متر مكعب، كما أنه بانضمام جنوب السودان للدول الست الموقعة، سوف يتأثر موقف مصر موقف مصر التفاوضى وتزداد الامور تعقيداً، خاصة أن هذه الدول تعتزم طرح الاتفاقية على برلماناتها لدخولها حيز التنفيذ قريباً، وبالتالى ستمضى فى طريقها للتصديق على الاتفاقية وبعد ذلك يتم إنشاء المفوضية والعمل بها على أن تكون ملزمة للدول الموقعة عليها فقط، وبالتالى سيقيمون المشروعات التى يرغبونها دون العودة للدول الأخرى التى لم توقع مصر والسودان كما حدث مع سد النهضة.

وكان الدكتور محمد بهاء الدين، وزير الرى، قد أكد فى تصريحات سابقة له أن توقيع دولة جنوب السودان على الاتفاقية الإطارية والمعروفة باتفاقية عنتيبى "مش هيفرق"، فهو لن يغير شيئا فى هذه القضية نظراً لوجود أغلبية مسبقة من دول المنبع موقعة على الاتفاقية، فهناك 6 دول موقعة عليها "تنزانيا وأوغندا ورواندا وبروندى وأثيوبيا وكينيا".

وأكد بهاء الدين، أن مصر لن توقع على الاتفاقية الإطارية المعروفة بـ"اتفاقية عنتيبى"، إلا بعد أن تلبى احتياجاتها ومصالحها، خاصة أنها "غير ملزمة لها وإنما ملزمة للدول الموقعة عليها"، مشيرا إلى أن مصر مستعدة للجلوس والتفاوض مع دول حوض النيل بخصوص النقاط الخلافية، والوصول إلى صيغة متفق عليها.

وأوضح بهاء الدين، أن التفاوض حول هذه الاتفاقية استغرق سنوات، وأن مصر وافقت على أغلب بنودها فيما عدا ثلاث نقاط ترى مصر والسودان أنها أساسية لقيامها بالتوقيع عليها وهى الإخطار المسبق، والذى يوضح الإجراءات المسبقة لإبداء أية دولة رغبتها فى إقامة أى منشأة على النيل، وذلك بإبلاغ بقية دول الحوض، وأهمية هذا الإخطار هو التأكد من عدم تضرر الدول الأخرى، نتيجة إقامة هذه المنشأة، أيضا هناك خلاف حقيقى حول آلية اتخاذ القرارات المعنية بالعلاقات بين دول الحوض والمشروعات المتعلقة بالاستفادة من موارد النهر هل تكون القرارات الخاصة بها عند التصويت بالإجماع أو بالأغلبية وموقف دولتى المصب من هذه الأغلبية.

تساؤلات كثيرة تطرح نفسها الآن ولا تجد إجابة واضحة هل توقيع جنوب السودان على الاتفاقية لزيادة الضغوط على مصر خاصة فى ضوء العلاقة بين إسرائيل والجنوب التى تمتد لعقود؟ وهل الاتفاقية تمنح الدول الموقعة عليها حرية التصرف فى الكميات المخصصة لها من المياه ببيعها الى دول أخرى خارج دول حوض النيل مثل "إسرائيل" على سبيل المياه.

أكد الدكتور مغاورى شحاتة خبير المياه، أن موقف دولة جنوب السودان يصب فى صالح إسرائيل، لأن ذلك يمثل خطورة كبيرة على مصر وينذر بفقر مائى، مشيراً إلى أن موقف جنوب السودان ورغبتها فى التوقيع على اتفاقية عنتيبى سيصب فى مصلحة إسرائيل لأنه الشركة التى ستدير قطاع المياه والكهرباء ستكون إسرائيلية، وذلك يمثل خطورة داهمة على مصر كما أنه يمثل نكران للجميل لما قدمته مصر لها من دعم منذ الثمانينيات.

وكشف مغاورى، فى تصريح لـ"اليوم السابع" أنه يشاع أن دولة جنوب السودان تحاول إقناع مصر للموافقة على إنشاء سد النهضة على أن تقدم لها تعويضا بديلا لما ستفقده من حصة المياه بعد إنشاء هذا السد، وخاصة أن دولة جنوب السودان تعوم على بحيرة من المياه وهى ترغب فى كميات المياه والمتمثلة فى شكل بحيرات ومستنقعات.

وأكد أن المسألة ليست مياه فقط، ولكن هى مسألة سياسية بالدرجة الأولى، مشيرا إلى أن عددا الدول الموقعة على اتفاقية عنتيى وصل لـ7 دول بعد توقيع جنوب السودان وعلى هذه الاتفاقية والتى تنص على عدم التزام دول حوض النيل بحصة مصر وعدم الالتزام بإخطار المسبق الذى يحمى مصر من الضرر.

قال الدكتور حسين العطفى، وزير الموارد المائية والرى السابق، إنه طالب مراراً وتكراراً بضرورة وحدة الموقفين المصرى والسودانى "الشمال والجنوب"، والسعى لتحسين العلاقة بين شمال السودان وجنوبه، وإذابة جميع الخلافات القائمة بينهما برعاية القاهرة ودعم التعاون حتى يكون هناك تكامل إقليمى فى حوض النيل، فهى مسألة أساسية فى حماية الحقوق المائية، فالجنوب يملك المنابع المنصوص عليها فى اتفاقية عام 1959 بين مصر والسودان، إلا ان هذا لم يحدث.

وأضاف العطفى، أن الأمر يتطلب تحركاً مصرياً كبيراً له رؤية إستراتيجية واعية تجاه القادة الأفارقة مجدداً، والتعاون العربى الأفريقى، لتوفير التمويل، ثم حوض النيل على وجه الخصوص، ولذا لابد من تحرك مصرى منسق بين جميع هيئات مصر المسئولة للوجود الفاعل فى الجنوب سياسياً واقتصادياً وثقافياً، بالإضافة إلى الكنيسة والأزهر، وشركات ورجال أعمال، وحتى لو أصبحت اتفاقية عنتيبى سارية، فسيظل جنوب السودان كنز مصر والسودان، لذا ينبغى أن تساعد مصر على ألا تسوء العلاقة بين الشمال والجنوب من خلال التهديدات بالسلاح والقبلية وتخريب العلاقات بين دول الحوض.

من جانبه أكد الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الرى الأسبق، أنه هذا التوقيع، يعتبر لطمة سياسية لمصر من دولة شقيقة، قامت مصر بدعمها فى مختلف مجالات التنمية خلال السنوات الماضية، ومازالت حتى الآن تقوم بعمل مشروعات، إنشاء محطات كهرباء، ورصف طرق، وإنشاء مراسى نهرية، وتطهير المجارى المائية، بالإضافة إلى مشروعات امتدادات مياه الشرب والعيادات الطبية وإنشاء فرع لجامعة الإسكندرية.

وأضاف: أن مصر على مدار سنوات استقبلت عشرات بل مئات الطلاب فى الجامعات المصرية التى خرجت عدد كبير من الوزراء الحاليين والسابقين فى حكوماتها، مشيرا إلى أن هناك ما يربط بين الشعبيين من ود وعلاقات لسنوات طويلة والغريب فى الأمر أن جنوب السودان يسقط عليها ثلث كمية المطر التى تسقط على جميع دول حوض النيل، كما أن مواردها المائية عديدة ومتنوعة وبها سواقط فى البرك والمستنقعات تصل إلى عشرات المليارات من المياه، كما أنها ليست فى حاجة لموارد إضافية "مائية" كى تحفظها للالتحاق باتفاقية عنتيبى، معتبرا توقيعها على تلك الاتفاقية يمثل علامات استفهام عما وراء هذا التوقيع.

وطالب علام القيادة السياسية بمراجعة السياسية المصرية فى ملف دول حوض النيل بعد زيادة المخاطر فى السنوات الأخيرة من خلال إنشاء السدود والتحالفات المائية ضد مصر والسودان، مضيفا أن مصر لو لم تتنبه إلى السيناريوهات التى تحدث حولنا سنرى فى المستقبل القريب العديد من المفاجآت غير السارة والمؤثرة على مصر ومستقبلها، وأرى أن يتم التنسيق مع السودان على أعلى المستويات السياسية لمراجعة وتقييم أثار توقيع جنوب السودان على اتفاقية عنتيبى والتداعيات المستقبلية لذلك.

الجدير بالذكر أن دول حوض النيل وافقت ومعها مصر والسودان على 41 بندًا من 44 بندًا ورفضت دولتا المصب التوقيع على 3 بنود لتهديدها الأمن المائى لهما، وهو البند رقم 8 الخاص بالإخطار المسبق للدول بالمشروعات التى تنفذها على النيل، ثم يأتى البند "14" والمتعلق بالأمن المائى، فكل دولة لها حق الاستخدام العادل والمنصف دون التأثير على أى دولة، وطالبت دولتا المصب بإضافة جملة "عدم التأثير السلبى على الحقوق والاستخدامات المائية"، ثم يأتى البند رقم 35 - وهو تعديل بنود الاتفاقية - والذى رفضت مصر الصياغة التى كتب بها من أنه تم ذلك بالتوافق، حيث طالبت مصر بأنه فى حال التعديل يكون بالتوافق بأغلبية الثلثين ووجود مصر والسودان معها.



موضوعات متعلقة..

زعيم الأغلبية فى برلمان جوبا: سنوقع بالأحرف الأولى على "عنتيبى"

مصادر: "جوبا" توقع على "عنتيبى" الشهر الجارى وتطالب السودان بحصتها








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة