شوفتوا " فريجر " ؟؟

الأربعاء، 17 يونيو 2009 05:53 م
شوفتوا " فريجر " ؟؟
بقلم: سمر طاهر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لأ بجد شوفتوا الدكتور (فريجر) وأخوه (نايلز) وأبوهم (مارتن كرين)؟! دول مش أصناف أكل والله، دول أبطال المسلسل الأمريكى الشهير Frasier اللى بيتذاع على قناة دبى one وغيرها من القنوات الفضائية، واللى حصل على جوايز كتيرة على مدى سنوات عرضه.

أبطاله شقيقان مثقفان ومتخصصان فى الطب النفسى (ده الدور اللى هما بيلعبوه فى المسلسل)، والمسلسل من نوع الـ "سيت كوم"، يعنى حلقات قصيرة متصلة بخط أساسى فى الدراما، لكنها منفصلة فى نفس الوقت، يعنى كل حلقة فيها فكرة لوحدها، وهو نوع الدراما اللى ظهر عندنا من سنين قليلة جداً، زى راجل وست ستات وغيره، لكن للأسف الفارق كبير بينهم وبيننا.

المسلسل ده أجنبى آه، من عند بلاد الخواجات أى نعم، مدته لا تزيد عن ½ ساعة آه، لكنه حاجة جامدة أوى، مليان قيم وتجارب إنسانية حقيقية، مكتوب بحرفية عالية وإتقان شديد، أسلوب السهل الممتنع اللى يدخل الوجدان ويرسم بسمة، لكن بيكشف لنا أسرار النفس البشرية ويحسسنا إن البشر هما البشر فى كل مكان فى العالم، لهم نفس التركيبة والأحاسيس، ومش مهم بس مضمون المسلسل ده أيه، المهم كمان شكله أيه (زى ما بتوع الإعلام ما بيقولوا الشكل لا يقل أهمية عن المضمون!).

شكله جذاب جداً، كوميدى جداً، كوميديا الموقف طبعاً، بلا افتعال ولا تكرار، وقال أيه الأجانب دمهم واقف، ده يموت من الضحك، يخليك تضحك على نفسك وفى الآخر يعلمك درس، دى فايدة الدراما... والدرس مش إن الخير راح ينتصر فى الآخر والشرير ده أخص عليه (ولا اعتراض على ذلك )، لكن القيم الإنسانية الأعمق والأبسط، يعنى يخليك تشوف الضعف الإنسانى اللى جواك وتواجه نفسك بيه أو تتقبله أحياناً.

المسلسل ده مش لوحده، ده فيه غيره كتير وكتير، هما صحيح مليانين قيم تانية غربية غير مقبولة عندنا، وعيبهم أنهم بيخلوا الواحد يحس أن طريقة الحياة بتاعتهم دى عادى جداً، عشان كده ممكن يبقى خطر على مخ الجماعة المراهقين (من كل الأعمار)، لكنه فى الحقيقة مش أقل خطورة من مسلسلات الـ 45 دقيقة بتاعتنا، مش كلها وحشة طبعاً لكن معظمها، (نقول نصفها) فيها عيوب ومط أو قيم بلهاء وموعظة مباشرة مخنقة بأمانة، ناهيك عن المقدمة والنهاية اللى هما ذات نفسهم (التتر) اللى مليان أسماء فى أسماء، من أول المخرج والمؤلف والأبطال، لحد أسماء أى حد معدّى بالصدفة فى الاستوديو.

والدراما عموماً جزء من ثقافة المجتمع، وباختصار الدراما عندهم جزء من باقى منظومة الفكر والأدب، اللى هو متقدم جداً، مثل روايات (هارى بوتر) و(دافنشى كود) اللى هى (شفرة دافنشى)، وبغض النظر عن قبولنا أو رفضنا لمحتواها، وغيرها. الأعمال دى ألفها ناس (زينا) مش زايدة أيد ولا رجل عننا، لكن مخها لسه فيه خيال وابتكار لأنها اتحرمت من التعليم المصرى،اللى هو زى الهواء بالنسبة لأى إنسان مصرى (بإضافة السحابة السوداء).

عشان كده الكتب دى باعت بالملايين، ولما بتوع السينما بييجوا يعملوا فيلم بيدوروا الأول فى الإنتاج الأدبى المنتعش. (وعلى فكرة اللى بيوصل مصر من الكتب الأجنبية ده النذر القليل من الأكوام الأدبية المتلتلة عندهم من كل شكل ولون، واللى شاف مكتبات لندن عارف قصدى كويس). أما عندنا إحنا فى مصر كتاب الدراما مخاصمين كتاب الأدب... فتوقفنا عند "عكاشة" وأسماء قليلة غيره من المتميزين فى الكتابة الدرامية، ولم نتحرك بعدها تقريباً.

فى الحقيقة إحنا محتاجين نبص لبره (مش لما نبص جوه الأول)، وهذه ليست دعوة للعولمة أو الأمركة فلست من أنصارها، لكنها آتية لا محالة، فلازم نوسع دائرة المنافسة فى الإنتاج الدرامى، لأنها اتسعت بالفعل لتشمل العالم، مع انتشار الدش اللى بقى أكثر من التليفزيونات، ومع اكتساح الدراما التركية للوطن العربى. فلازم صناع المسلسلات والأفلام المصرية يدوروا على الأعمال الأدبية الجيدة ويشجعوا على إنتاجها، ويعرفوا أن الفكر الجيد المبتكر ما بيكونش بالضرورة مخاصم الجمهور أو دمه تقيل (نفسنا فى مسلسلات كوميدية يا أخونا).

كما أن "الحرفنة" تكمن فى نقل أفكار كثيرة و"جديدة" من خلال أعمال محبوكة أو مبلوعة (قل مهضومة)، وفيها إبداع حقيقى، علشان تدخل على دماغ المتلقى مش مهم تقنعه وتبرمجه، المهم تخليه "يفكر" ومخه يتحرك فى اتجاهات جديدة، ولو عملنا بوصية سيدنا النبى من الأول مكانش فيه داعى لكل الكلام ده، لأنه قال (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه)، اتقنوا يا أهل الفن والدراما، والإتقان مش معناه العمل بذمة وضمير وبس، لكن معناه "إعمال العقل" أولاً، والله أعلم








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة