نتانياهو حاول إرضاء أمريكا واليمين الإسرائيلى

الإثنين، 15 يونيو 2009 04:36 م
نتانياهو حاول إرضاء أمريكا واليمين الإسرائيلى نتانياهو يحاول إرضاء أمريكا
كتبت ريم عبد الحميد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أخيراً، أفصح رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو عن رؤيته لـ"السلام" فى الشرق الأوسط بعد ثلاثة أشهر من توليه منصبه. فالخطاب الذى ألقاه نتانياهو أمس الأحد فى جامعة بار إيلان، كشف عن تنازل غامض قدمه الزعيم اليمينى فيما يتعلق بإنشاء الدولة الفلسطينية. وكأنه نطق بمعجزة، أعلن نتانياهو تأييده لدولة فلسطينية أو بالأحرى كيان فلسطينى. وهو ما دفع كثير من تحليلات الصحف الغربية ترحب بهذه "الخطوة الصغيرة والهامة من قبل إسرائيل" على حد تعبير صحيفة الإندبندنت.

كلمات صقر الليكود التى طال انتظارها كشفت عن معاناته فى محاولة التوفيق بين الضغط الذى يتعرض له من الولايات المتحدة من أجل التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، وبين التزامه الحزبى المتشدد الرافض لفكرة دولة فلسطينية. وتجلت هذه المعاناة فى قدر الغموض الذى ظهر به هذا الخطاب والذى جعل الكثيرين يعتقدون أنه مجرد مناورة من بنيامين نتانياهو لأنه يعلم جيداً أن الفلسطينيين لن يوافقوا أبدا على دولة بالشروط التى يريدها، منزوعة السلاح، ولا سيطرة لها على حدودها أو على مجالها الجوى.

رورى ماكارثى، فى صحيفة الجارديان، اعتبر أن هذا الخطاب محاولة من قبل نتانياهو للخروج من الموقف الصعب وغير المتوقع الذى وجد نفسه فيه بمجرد وصوله إلى منصبه، والذى أوقعه فى حيرة بين الرضوخ للضغوط الأمريكية من أجل التوصل إلى اتفاق سلام فى الشرق الأوسط، وبين أنصار ائتلافه اليمينى الذين يعارض الكثير منهم إقامة دولة فلسطينية. وكان خطابه بالأمس محاولة للتوفيق بين الجانبين.

حملت رسالة نتانياهو مزيجاً، كما يقول مراسل الجارديان فى القدس. فمن جانب، ذكر أخيراً مصطلح الدولة الفلسطينية على الرغم من أنه قال إن إنشاءها سيتم وفقاً لشروط صارمة. ومن ناحية أخرى رفض، الاستجابة للمطالب الأمريكية بوقف النشاط الاستيطانى وأصر على أن يقبل الفلسطينيون بيهودية الدولة العبرية إذا تم التوصل إلى اتفاق.

ورصدت الجارديان رد الفعل الفلسطينى والإسرائيلى على الخطاب، وقال مكارثى إن كلماته جعلت البعض على الجانبين محبطين، ورأوا أنه لم يقدم ما يكفى لجعل إسرائيل تتجنب مواجهة دبلوماسية مع واشنطن، منهم مصطفى البرغوثى، النائب الفلسطينى المستقل، الذى رأى أن نتانياهو لم يؤيد إنشاء دولة فلسطينية مستقلة ولكنه أيد إنشاء "جيتو"، أيد دولة خاضعة لسيطرة إسرائيل، وبذلك أثبت عدم وجود شريك للسلام فى إسرائيل.

أما فى الدولة العبرية، فكان رد الفعل حاداً لأسباب مختلفة فنواب الكنيسيت اليمينيون غضبوا من تأييد رئيس حكومتهم لدولة فلسطينية، واعتبروا أن نتانياهو لم يفِ بوعوده فيقول "لا يوجد ما يسمى دولة منزوعة السلاح.. فنتانياهو يعلم جيداً أنه لا توجد قوة سياسية على الأرض يمكن أن تمنع دولة من الحصول على السلاح أو التوقيع على معاهدات عسكرية مثل أية دولة أخرى.

صحيفة الإندبندنت قالت فى افتتاحيتها، إن على الولايات المتحدة أن ترحب بهذه الخطوة الصغيرة والهامة من جانب إسرائيل. ورأت أن نتانياهو حاول أن ينتهج مسلكاً وسطياً بين مطالب الولايات المتحدة والتزامه اليمينى، وربما كان يأمل فى أن عرضه الذى بدا غامضاً بشأن تقديم تنازلات نظرية لإقامة دولة فلسطينية يعنى أنه بإمكانه أن يتجنب القيام بفعل فى قضية التوسع الاستيطانى الأكثر أهمية، والتى لم يقدم فيها رئيس الوزراء الإسرائيلى أى تنازلات، واصفاً المستوطنين بـ "الوراد"، ومشدداً على أن منع النمو الطبيعى للمستوطنات سيكون "غير إنسانى".

واعتبرت الصحيفة أن اعتراف نتانياهو بحق الفلسطينيين فى إقامة دولتهم هو بلا شك نوع من التقدم، إلا أن الزعيم الإسرائيلى رفض أيضا أى ذكر ـ ولو نظريا ـ لكلمة دولة مصراً على أن الفلسطينيين لن يقضوا على معانتهم سوى بتحسين الجوانب الاقتصادية.

ورغم ذلك، سيتساءل الكثيرون ـ ليس فقط فى العالم العربى على حد تعبير الصحيفة ـ ما إذا كان هذا الحديث حقيقيا أم مجرد مناورة وتنازل لفظى قدمه نتانياهو وهو واثق تماماً من أن الفلسطينيين لن يوافقوا أبداً على إنهاء تاريخهم بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية وأنهم لن يتخلوا أبداً عن القدس الشرقية كعاصمة لدولتهم.

من الصعب تصور أن يوافق حتى المعتدلون الفلسطينيون الذين يمثلهم الرئيس عباس بما قاله نتانياهو بشأن القدس أو حق اللاجئين الفلسطينيين فى العودة على خلفية وعد غامض بدولة لا يزال مستقبلها مجهولا، وحدودها غير معروفة وإن كان من المفترض أن تكون داخل حدود 1967.

ورأت الصحيفة أنه لم يكن مطروحاً أن يغير نتانياهو التزامه الأيدولوجى بحركة الاستيطان بين عشية وضحاها، فلا شك أنه سيواجه الإبادة السياسية إذا فعل ذلك. وخلصت إلى القول إن خطاب نتانياهو لم يكن كما كنا نأمل. لكن القبول بإنشاء دولة فلسطينية هو أمر يمكن البناء عليه. ففى الأوقات القاتمة فى الشرق الأوسط مثل هذا الأمر يمثل شيئاً.

دونالد ماكينتير، بالإندبندنت أيضا، تحدث عن موقف أوباما من هذا الخطاب. وقال إن أوباما، الذى يعد أكثر رئيس أمريكى متشوق لرؤية السلام فى المنطقة يحرص على أن ينظر إلى الجزء المملوء من الكوب وليس النصف الفارغ.

كما يشير الكاتب أيضا إلى أن الحكومة الإسرائيلية اليمنية لا تمثل العقبة الوحيدة فى طريق السلام، لأن الانقسام بين فتح وحماس يعد بدوره عقبة أخرى.

وقال إن تأييد نتانياهو، إذا صح التعبير، لدولة فلسطينية سيعود بإسرائيل إلى ما كانت عليه قبل أن يتولى منصبه، إلا أن الرئيس الذى يتعامل معه الآن مختلف تماماً عن سابقه جورج بوش. وسيظل السؤال "هل يمتلك أوباما الطاقة والتركيز خاصة فى كل القضايا التى يضغط بها على نتانياهو لمواجهة الحكومة الإسرائيلية الحالية بنوع من الضغط الذى يجبرها على أن تخاطر بنهايتها؟".








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة