أمريكيون يتهمون إدارة أوباما بتجاهل معاناة الأقليات الدينية فى الشرق الأوسط لصالح إسرائيل.. مدير المركز الأمريكى للعدالة والقانون: المساعدات المقدمة لمصر اعتراف بشرعية اضطهاد حكومة مرسى للأقباط

الجمعة، 24 مايو 2013 11:46 ص
أمريكيون يتهمون إدارة أوباما بتجاهل معاناة الأقليات الدينية فى الشرق الأوسط لصالح إسرائيل.. مدير المركز الأمريكى للعدالة والقانون: المساعدات المقدمة لمصر اعتراف بشرعية اضطهاد حكومة مرسى للأقباط الرئيس محمد مرسى
كتبت إنجى مجدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تلقى التحذيرات المتكررة بشأن مستقبل مسيحى الشرق الأوسط، منذ موجات الربيع العربى، اهتماماً داخل الدوائر الحقوقية فى الولايات المتحدة، والتى تتسبب فى انتقادات شبه يومية لسياسات الإدارة الأمريكية فى المنطقة، لاسيما تجاه الحكومات الإسلامية الصاعدة.

لكن هذه الانتقادات لم تقتصر على إدارة الرئيس الديمقراطى باراك أوباما، وإنما امتدت لتشمل حتى الجمهوريين وتتهم كلاً منهم بوضع السياسة والمصالح الأمريكية وأمن إسرائيل أولوية فوق أى حق من حقوق الإنسان فى الشرق الأوسط.

وبينما تتجه الانتقادات لكل من الجمهوريين والديمقراطيين، فإن الجمهوريين يوجهون الكثير من الانتقادات تجاه الإدارة الأمريكية، وتتعالى الأصوات التى تعتبر المساعدات المالية للحكومات القمعية ومن بينها حكومة الرئيس محمد مرسى اعترافاً بشرعية ما تقوم به حكومته من ممارسات قمعية واضطهاد للأقباط، وفق تصريحات لجاى سوكولو، مدير المركز الأمريكى للعدالة والقانون.

ومنذ أكثر من عام شهد الكونجرس عدد من مشروعات القوانين الخاصة بجهود حماية الأقليات الدينية فى الشرق الأوسط، وعلى رأسها ما يواجه المسيحيون فى المنطقة من اضطهاد وعنف.

وفى أعقاب اندلاع ثورات الربيع العربى وصعود التيارات الإسلامية المتشددة إلى قلب السياسات وسيطرتهم على السلطة مثلما هو الحال فى مصر وتونس، تقدم مشرعو ونواب الكونجرس بعدد من المقترحات ومشروعات القوانين التى تهدف لمساعدة الأقليات الدينية فى الشرق الأوسط، ومن بين خمسة اقتراحات بتعديلات للقانون الخاص بمنح المساعدات المالية السنوية لمصر، مشروع يتعلق بالالتزام بحقوق الإنسان والحريات الدينية والذى ينطبق على حماية الأقليات.

كما أن التعديل الذى تقدم به السيناتور الجمهورى ماركو روبيرو، عضو لجنة العلاقات الخارجية ولجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكى، يأتى تحت عنوان "مسائلة مصر والتعديلات الديمقراطية"، ويهدف هذا التعديل إلى ربط المساعدات السنوية المقدمة لمصر بمدى التزام حكومة الرئيس محمد مرسى بتفعيل إصلاحات تتضمن حماية الحريات الدينية وحقوق الإنسان.

ويوصى التعديل، المقدم منذ يناير الماضى والذى لم يتم البت فيه حتى الآن، على ضرورة أن يتجه الكونجرس نحو تعليق المساعدات الخاصة بمصر حتى تتبنى حكومتها إصلاحات على صعيد قضايا حقوق الإنسان والاقتصاد.

وعقب زيارته لمصر، نهاية فبراير الماضى، دعا فرانك وولف، نائب لجنة الاعتمادات المسئولة عن المساعدات الخارجية فى الكونجرس، إلى ضرورة ربط المساعدات الأمريكية لمصر بكيفية معاملة الأقباط.

وأعرب "وولف" وقتها عن قلقه حيال مصير المسيحية فى مهدها داخل الشرق الأوسط، محذرا من خطر فقدان المنطقة لسكانها الأصليين "المسيحيين"، على حد قوله.

وأعقب دعوة وولف، اقتراح مقدم فى 22 مارس الماضى بتعيين مبعوث خاص رفيع المستوى، لمراقبة انتهاكات الحرية الدينية، وهو الاقتراح الذى رفض أخر مشابه له العام الماضى، من قبل كلا من الخارجية الأمريكية ومجلس الشيوخ.

وقال "وولف"، الذى تقدم بمشروع قانون العام الماضى إلى مجلس النواب باسم H.R.301، يطالب بإرسال مبعوث خاص للأقليات الدينية، مضيفاً أن إرسال شخص على مستوى عال لتولى هذه المهمة المحورية فى الشرق الأوسط يبعث رسالة هامة عن السياسة الخارجية الأمريكية للأقليات التى تعانى داخل المنطقة وغيرها، بأن الحرية الدينية أولوية وأن أمريكا هى صوت من لا صوت لهم.

ورغم "تمرير" مشروع القانون هذا بأغلبية ساحقة فى مجلس النواب بنتيجة 402 صوت مقابل 20 صوت رافضين، لكن لجنة العلاقات الخارجية فى مجلس الشيوخ، قامت بتجميد المشروع العام الماضى، ليتقدم عضوين من المجلس وهم الديمقراطى كارل ليفن والجمهورى روى بلانت، بمشروع جديد أواخر مارس 2013 يحمل رقم S.653.

غير أنه وفقاً لتصريحات سابقة من "وولف" لوكالة "الأسوشيتدبرس" فإن الخارجية الأمريكية هى من أوقفت المشروع السابق بدعم من عضو مجلس الشيوخ جيم ويب الذى تقاعد فى 2012، لذا فإن مؤيدو المشروع الجديد يتوقعون أن الوقت الحالى يمثل فرصة أفضل لتمريره من قبل مجلسى الشيوخ والنواب.

وينص المشروع على تعيين مبعوث رفيع المستوى، مباشرة من قبل الرئيس الأمريكى، لتعزيز الحريات الدينية وحقوق الأقليات فى الشرق الأوسط وآسيا والتنديد بانتهاك حقوقهم والتوصية بردود مناسبة من قبل الحكومة الأمريكية عندما يتم انتهاك هذا الحق، كما يسمح للمعارضة برصد ومكافحة أعمال التعصب الدينى والتحريض الذى يستهدف الأقليات الدينية.

وينتظر مشروع القانون S.653 قرار أعضاء لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، مثلما ينتظر غيره من الاقتراحات بحماية الأقليات قرارات الكونجرس والحكومة الأمريكية.

وأصدرت اللجنة الأمريكية للحريات الدينية الدولية، مطلع الشهر الجارى، تقريرها السنوى وضع الحرية الدينية على مدار العام الماضى فى عشرات البلدان حول العالم، وقد وثق التقرير مجموعة من الانتهاكات فى منطقة الشرق الأوسط، وقدم توصيات واسعة حول سياسة الولايات المتحدة.

ولفت التقرير إلى أنه بينما تواجه الحرية الدينية عدد من التحديات حول العالم، فإن دراسة لمعهد بيو صدرت فى 2012 وجدت أن منطقة الشرق الأوسط تأتى فى المرتبة الأسوأ ليس فقط على صعيد القيود التى تفرضها الحكومات على الدين، ولكن أيضا من جانب العنف المجتمعى المتعلق بالدين.

وأشار إلى أن مصر بلد يثير دواعى قلق خاصة، بسبب استمرار الانتهاك المنظم والفاضح للحرية الدينية، وكررت أن اللجنة الأمريكية توصيتها، التى ذكرتها لأول مرة فى تقرير الحريات الدينية فى ديسمبر 2011 بشأن البلدان الأكثر إثارة للجدل، بوضع مصر ضمن البلدان التى تثير قلق خاص.

وأعرب دوايت بشير، نائب مدير السياسة والأبحاث فى اللجنة الأمريكية للحريات الدينية الدولية، عن الخوف حيال وضع الحريات الدينية فى منطقة الشرق الأوسط.

وقال المسئول الحقوقى، إن هناك العديد من الأمثلة على احتقار الحكومات فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لحرية الدين أو المعتقد، فمنذ بداية الصحوة العربية فى أوائل 2011، لم يتحسن وضع الحرية الدينية، لكنه فى تراجع، ففى حين تعانى الآمال والتطلعات الكبيرة، نحو العدالة والديمقراطية، مخاض ولادة متعثرة، تواجه الأغلبية والأقلية الدينية معاً، قمع حكومى متزايد داخل العديد من بلدان المنطقة. هذا علاوة على العنف الطائفى الأخذ فى التنامى حيث يؤجج التطرف الدينى العنيف عدم الاستقرار فى الشرق الأوسط.

وأضاف أن المنطقة تضم بعض من أكثر المجتمعات غير المستقرة حول العالم. ويظهر عدد من الدراسات أن هناك علاقة لا تنفصل بين فشل الدولة فى حماية الحرية الدينية ومعاناتها المستمرة من الاضطرابات وعدم الاستقرار، ولاسيما فى منطقة الشرق الأوسط، حيث حرمان الملايين من الناس من هذا الحق المعترف به دوليا.

وتحدث "بشير" عن مصر مشيرا إلى أنه على الرغم من بعض التقدم من خلال صناديق الاقتراع خلال الانتقال السياسى فى البلاد، فإن الحكومة فشلت فى حماية الأقليات الدينية، خاصة الأقباط، من الاعتداءات الطائفية، وحتى الشرطة وقوات الأمن ساعدت وحرضت على العنف. وقد عزز هذا مناخ الإفلات من العقاب، مما يجعل الهجمات المستقبلية أكثر احتمالاً.

وفى الوقت نفسه، يتابع الكاتب، فإن المحاكم المصرية تلاحق على نحو متزايد المواطنين بتهم ازدراء الأديان، فمع السماح لأى شخص بتقديم شكاوى التشهير، استغلت حكومة الرئيس محمد مرسى وأنصاره هذه الأداة القانونية لإسكات المنتقدين تحت ستار "الإساءة للإسلام"، وقد وظفت الحكومة هذه التكتيكات ضد الساخر السياسى الشهير باسم يوسف وغيره من المسلمين والأقباط أيضا.

وما هو أكثر من ذلك، فإن الدستور المصرى الجديد، الذى جرى تمريره ديسمبر 2012، يتضمن العديد من الأحكام الإشكالية التى تؤثر على الحرية الدينية، مثل تحديد الإسلام السنى على غيره من المدارس الأخرى من الإسلام فى المادة 219، كما وحد أماكن العبادة فى ثلاث فقط "الأديان السماوية فى المادة 43، هذا بالإضافة إلى حظر ازدراء الأديان فى المادة 44.

وأشار نائب مدير السياسات والأبحاث باللجنة الأمريكية للحريات الدينية الدولية إلى أن الرئيس باراك أوباما تعهد بالتزام واشنطن، خلال كلمته عن الشرق الأوسط قبل عامين، قائلا: "إن دعمنا لهذه المبادئ، بما فى ذلك حرية الدين، ليس مصلحة ثانوية.. بل هو أولوية قصوى يجب أن تترجم إلى أفعال ملموسة وبدعم من جميع الأدوات الدبلوماسية والاقتصادية والإستراتيجية التى بحوزتنا"، ويقول بشير أنه حان الوقت لتوفى الولايات المتحدة بهذا الوعد.

وأوصى "بشير" ببعض الخطوات التى تحتاج الحكومة الأمريكية اتخاذها على الفور وتتمثل فى ضرورة أن يتحدث الرئيس ووزير خارجيته جون كيرى علنا وبشكل بعيد عن التردد عن سجناء الرأى الذين اعتقلوا لأسباب دينية وأبرزهم القس عبدينى والزعماء البهائيين المحتجزون فى السجون الإيرانية، وكذلك المعتقلين فى السعودية بتهم الردة والكفر مثل حمزة قشقرى ورائف بدوى وتركى الحماد.

والاتهامات الموجهة للسياسات الأمريكية فى الشرق الأوسط لا تقتصر على إدارة الرئيس باراك أوباما وإنما تطال الجمهوريين أنفسهم. فلقد اتهم يليام موراى رئيس ائتلاف الحريات الدينية فى واشنطن، فى مقال سابق بموقع وورلد نت ديلى، الحزب الجمهورى بالسماح بعمليات التطهير العرقى ضد مسيحى سوريا.

ويقول موراى، إنه بصفته شاهد عيان داخل الكابيتول هيل، فإنه يؤكد دون تردد أن قيادة الحزب الجمهورى تسمح بالتطهير العرقى لمسيحى سوريا فى سبيل الحصول على بعض المكاسب السياسية الضئيلة أمام الرئيس باراك أوباما. إذ أن لحظة الفوز واقتناص نقاط من الرئيس الأمريكى الحالى أهم كثيرا للقيادة الجمهورية من حياة ملايين المسيحيين وتدمير الكنائس الأثرية التى أسسها الآباء الأولين.

ويضيف أنه بدلا من أن يستغل جون بوينر، المتحدث باسم مجلس النواب، منصبه لتوقيف أوباما عن دعم المقاتلين الجهاديين فى سوريا، فإنه يدفع بحمل ثقيل، مناديا بنشر القوات المسلحة والانخراط المباشر فى الصراع السورى.

واتهم الكاتب السيناتور جون ماكين بأنه المروج الرئيسى داخل الحزب الجمهورى لتدمير الكنيسة السورية، ويقول إن ماكين يبدو أنه يغمض عينيه تماما عن معاناة البشرية جراء الحرب ولا يعبأ بمعاناة المسيحيين على أيدى الجهاديين فى سوريا.

وكما يرى ماكين أن إيران هى العدو الرئيسى للولايات المتحدة، فإنه يعتبر أن القضاء على واحدة من قواعد قوتها، وهو ما يتمثل فى تحالفها مع سوريا، يستحق المعاناة الإنسانية والتطهير العرقى للسكان المسيحيين. وفى الواقع فإن ماكين يدفع أوباما لمزيد من الدمار فى سوريا، بحسب قول الكاتب.

ويقول موراى، إن إيران تشكل حقا تهديدا للسلام فى الشرق الأوسط ولإسرائيل، لكن تسليح الجماعات الجهادية التى على صلة بتنظيم القاعد والسماح لهم بقتل المسيحيين وتدمير الكنائس فى سوريا، ليس الطريقة المثلى للحد من قوة إيران.

ونقل "موارى" عن مقال سابق للأب الأرثوذكسى بيتر بيربل، فى صحيفة هافنجتون بوست، واصفا وضع المسيحيين بالقول: "إن ما يطلق عليه الربيع العربى فى سوريا تحول إلى كابوس للمسيحيين، وأنه آن الأوان لحكومة الولايات المتحدة لتدرك الدور الذى لعبته ولا تزال تلعبه فى عملية التطهير العرقى والإبادة الجماعة والمحرقة، التى تجرى بحق الأقليات الدينية ليس فى سوريا فقط ولكن فى مصر أيضا".








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة