وقفة عالمية يشارك فيها نشطاء مصريون ضد شركة أمريكية للحبوب المعدلة وراثيًا.. الشركة تنتج "ذرة" يتسبب فى أضرار صحية وبيئية.. وواشنطن تمارس ضغوطاً على الدول النامية لفرض محاصيلها

الجمعة، 24 مايو 2013 11:35 ص
وقفة عالمية يشارك فيها نشطاء مصريون ضد شركة أمريكية للحبوب المعدلة وراثيًا.. الشركة تنتج "ذرة" يتسبب فى أضرار صحية وبيئية.. وواشنطن تمارس ضغوطاً على الدول النامية لفرض محاصيلها صورة أرشيفية
كتبت فاتن خليل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يستعد نشطاء حول العالم لتنظيم مظاهرة مطلع الأسبوع القادم، احتجاجا على الممارسات المثيرة للجدل لشركة "مونسانتو"، وهى شركة أمريكية مسئولة عن إنتاج حصة كبيرة من البذور المعدلة وراثيا، ومن بين المدن التى ستشملها الوقفات الاحتجاجية العالمية مدينتى القاهرة والإسكندرية.

وتستورد مصر بذور الذرة من شركة "مونسانتو" التى نجحت مؤخراً فى تمرير قانون فى الكونجرس يمنحها حصانة قانونية، بحيث لا يمكن مقاضاتها لو ثبت لاحقا أن منتجاتها تتسبب فى أضرار صحية أو بيئية، وسط مخاوف من الممارسات الاحتكارية التى تعتمدها الشركة للهيمنة على سوق الحبوب العالمى.

ويرى خبراء أنه فى ظل غياب قانون يضع معايير لاستيراد تلك المنتجات المعدلة وراثيا، حيث فشلت عدة مساعى لتمرير القانون فى البرلمان قبل حله، توجد مخاوف حقيقية من التوسع فى الاعتماد على منتجات الشركة فى مصر، خاصة فى ظل الدعم القوى الذى توفره الإدارة الأمريكية ووزارة الخارجية للشركة، إلى الحد الذى طلب فيه دبلوماسى أمريكى رفيع فرض عقوبات على الاتحاد الأوروبى لرفضه استيراد منتجات الشركة العابرة للقوميات، بحسب ما كشفت عنه برقية نشرها موقع ويكيليكس.

وبدأت الدعوة إلى التظاهر السبت القادم فى الولايات المتحدة الأمريكية، وانتشرت دعوات تنظيم مسيرات شعبية ضد شركة "مونسانتو" على المواقع الإلكترونية ولاقت استجابة فى مصر، حيث أعلن حزب التحالف الشعبى عن تنظيم مظاهرة أمام وزارة الزراعة بالجيزة، بالإضافة إلى تظاهرة أخرى ستشهدها الإسكندرية فى إطار مناهضة ممارسات هذه الشركة العابرة للقارات، كما انتشرت على مواقع الإنترنت أيضا قائمة تحتوى على مجموعة من الشركات التى تستخدم منتجات "مونسانتو".

وكانت مصر قد توصلت فى عام 2008، لاتفاق مع شركة "مونسانتو" الأمريكية لاستيراد وزراعة وبيع الذرة المعدل وراثيا الذى تنتجها الشركة، واستلمت بالفعل الشحنة الأولى فى عام 2010، والتى تتكون من 70 طن تم زراعتها فى عشر محافظات بدون أى قيود على الزراعة، ثم وصلت الشحنة الثانية التى تتكون من 40 طنا فى يناير 2012، لكن وزارة الزراعة أوقفتها، نظرا لأن الصفقة لم تحصل على موافقة رسمية من وزارة البيئة، وهى الجهة المعنية بالموافقة على المنتجات المعدلة وراثيا.

وبالرغم من أن هناك تباينا فى الآراء العلمية حول الآثار المحتملة للبذور المعدلة وراثيا، فإن المؤكد أن أضرارها الصحية والبيئية لم تتضح بعد، لذلك اتخذت دولة مثل بيرو حذرها بإصدارها حظرا على تلك المنتجات لمدة عشر سنوات من المفترض أن تكون خلالها الأبحاث العلمية قد أوضحت المخاطر الصحية والبيئية التى يمكن أن تنتج عنها، خاصة وأن دراسة فرنسية نشرتها "الدايلى ميل" البريطانية العام الماضى أشارت إلى أنها بعد إجراء تجارب على الفئران قد توصلت إلى أن تناول الذرة معدلة وراثيا، والتى تنتجه شركة مونسانتو، تسبب فى الإضرار بأجهزة الجسم وربما يتسبب فى الإصابة بأنواع معينة من السرطان أو فى الوفاة المبكرة.

وبالإضافة إلى الآثار الصحية والبيئية المحتملة لتلك البذور، فإن الأخطر هو أن تخضع الأسواق العالمية للبذور لاحتكار عدد محدود من الشركات الأمريكية التى تحظى بدعم الإدارة الأمريكية، بل والتى ربما تكون سلطتها قد تجاوزت الإدارة الأمريكية ذاتها، إذ إنها استطاعت تمرير "قانون حماية مونسانتو" الذى يمنحها حصانة مستقبلية ضد المساءلة القانونية عن أى أضرار صحية أو بيئية تنجم عن استخدام تلك البذور، وتقديم بذور معدلة يمكنها وفقا لبعض الخبراء أن تستخدم لشن حروب بيولوجية، خاصة إذا ما أخذنا فى اعتبارنا ندرة المياه وندرة المساحات الزراعية الكافية للزراعة، وهو ما يدفع العديد من البلدان لأن تفكر فى زيادة إنتاجية الفدان من خلال الحبوب المعدلة زراعيا، نظرا لعدم إمكانية زيادة المساحة الزراعية أو الحصول على المياه اللازمة.

ووفقا لوزارة الزراعة الأمريكية، كان نحو 90% من إنتاج الولايات المتحدة فى عام 2011 من محاصيل الصويا والذرة والكانولا وبنجر السكر من حبوب معدلة وراثيا، تنتج مونسانتو معظمه، وتحقق شركة "مونسانتو" من هذه المنتجات أرباحا كبيرة.. وكانت الشركة قد رفعت توقعاتها للأرباح السنوية، وفقا لرويترز، التى أشارت إلى أن صافى أرباح الشركة فى الربع الثانى من العام المالى الجارى الذى ينتهى فى 28 فبراير وصل إلى 1.48 مليار دولار أو 2.74 دولار للسهم، مقارنة بـ 1.21 مليار دولار أو 2.24 دولار للسهم فى العام السابق.

ووفقا لتقرير حديث أصدره "مركز سلامة الغذاء" الأمريكى، فإن ثلاث شركات هى "مونسانتو ودوبونت وسنجنتا" تهيمن على 53% من سوق الحبوب التجارى العالمى. وكانت هذه الشركات تمارس ضغوطا على الفلاحين لكى يستبدلوا الحبوب الاعتيادية بالحبوب المعدلة وراثيا التى يروج لها باعتبارها مقاومة للتغيرات المناخية ولمشكلات التربة، كما كانت هذه الشركات تمارس ضغوطا على الدول، فقد كشفت برقيات ويكليكس المسربة فى عام 2011 إلى أى مدى يمكن أن تذهب مونسانتو فى إطار مساعيها للاستحواذ على أسواق الحبوب العالمية.

فوفقا للجارديان البريطانية، عندما حاولت فرنسا منع البذور المعدلة جينيا فى 2007، أوصى سفير الولايات المتحدة فى ذلك الوقت، كريج ستابلستون، بأن تقوم واشنطن بفرض عقوبات على الاتحاد الأوروبى، خاصة الدول التى رفضت المحاصيل المعدلة وراثيا.

وكانت "رويترز" قد نشرت تقريرا حول تسريبات ويكليكس يفيد بأن وزارة الخارجية الأمريكية كانت تقوم بالترويج لشركة مونسانتو وغيرها من الشركات المشابهة، حيث كان دبلوماسيون أمريكيون طلبوا الحصول على التمويل اللازم لجماعات الضغط التى تعمل على التواصل مع السياسيين والمسئولين الزراعيين فى الدول المستهدفة بقارتى أفريقيا وأمريكيا اللاتينية، والتى ما زالت لم تنتشر فيها المحاصيل المعدلة وراثيا، بالإضافة إلى بعض البلدان الأوروبية التى رفضت هذه الممارسة الزراعية المثيرة للجدل.

وكان تقرير حول شركة مونسانتو أصدرته المنظمة غير الربحية "مرصد الغذاء والماء" صدر الثلاثاء الماضى، وأفاد بأن الحكومة الأمريكية تدعم عددا من شركات التكنولوجيا الحيوية، والتى تدفع بمنتجاتها المعدلة جينيا إلى بلدان جديدة، وقالت وينوناه هوتر، مدير المرصد فى حواره لرويترز: "إن وزارة الخارجية الأمريكية تروج للحبوب بدلا من الديمقراطية، ويكشف التقرير كيف أن عددا من شركات التكنولوجيا الحيوية تؤثر على السياسة الخارجية الأمريكية، ويفيد تقرير المنظمة المعتمد على قراءة 260 ألف برقية من البرقيات التى سربتها ويكيليكس أن "وزارة الخارجية تسعى لفرض سياستها المؤيدة للتكنولوجيا الحيوية على الحكومات الأجنبية من خلال مقاربة ذات أربعة أسس، أولاها الترويج لمصالحها التجارية المتعلقة بالتكنولوجيا الحيوية، وحث الحكومات الأجنبية على إصدار قوانين غير صارمة فيما يتعلق بالتكنولوجيا الحيوية وحماية المصدرين الأمريكيين ودفع دول العالم النامى لتبنى المحاصيل المعدلة وراثيا.

وقال رونى كومنز، المدير التنفيذى لرابطة المستهلكين الحيويين فى بيان رسمى تعليقا على الدعم الأمريكى لتلك الشركات: "لا يجب أن تستغل أموال دافعى الضرائب الأمريكيين لتحقيق مصالح عدد محدود من شركات التكنولوجيا الحيوية العملاقة".

وبالرغم من سطوتها ومساعيها لتوسيع أسواقها، تواجه الشركة مقاومة فقد منعت دولة بيرو استيراد كافة المحاصيل المعدلة وراثيا لمدة عقد كامل حتى تتضح أضرارها على السلامة، ثم تبعتها المجر، والتى قامت بحرق 1000 فدان من المحاصيل الملوثة بالحبوب المعدلة وراثيا الخاصة بمونسانتو، والتى تعد ممنوعة وفقا لقانون البلاد.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة